547
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني

ثَديِ الإِيمانِ وفُطِمتَ بِالإِسلامِ ، فَطِبتَ حَيّاً وطِبتَ مَيِّتاً ، غَيرَ أنَّ قُلوبَ المُؤمِنينَ غَيرُ طَيِّبَةٍ لِفِراقِكَ ، ولا شاكَّةٍ فِي الخِيَرَةِ لَكَ ، فَعَلَيكَ سَلامُ اللَّهِ ورِضوانُهُ ، وأشهَدُ أنَّكَ مَضَيتَ عَلى‏ ما مَضى‏ عَلَيهِ أخوكَ يَحيَى بنُ زَكَرِيّا .
ثُمَّ جالَ بِبَصَرِهِ حَولَ القَبرِ وقالَ : السَّلامُ عَلَيكُم أيَّتُهَا الأَرواحُ الَّتي حَلَّت بِفِناءِ الحُسَينِ وأناخَت بِرَحلِهِ ، وأشهَدُ أنَّكُم أقَمتُمُ الصَّلاةَ وآتَيتُمُ الزَّكاةَ ، وأمَرتُم بِالمَعروفِ ونَهَيتُم عَنِ المُنكَرِ ، وجاهَدتُمُ المُلحِدينَ ، وعَبَدتُمُ اللَّهَ حَتّى‏ أتاكُمُ اليَقينُ . وَالَّذي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالحَقِّ نَبِيّاً لَقَد شارَكنا كُم فيما دَخَلتُم فيهِ .
قالَ عَطِيَّةُ : فَقُلتُ لَهُ : يا جابِرُ ! كَيفَ ولَم نَهبِط وادِياً ولَم نَعلُ جَبَلاً ولَم نَضرِب بِسَيفٍ ، وَالقَومُ قَد فُرِّقَ بَينَ رُؤوسِهِم وأبدانِهِم ، واُوتِمَت أولادُهُم ، وأرمَلَت أزواجُهُم ؟!
فَقالَ : يا عَطِيَّةُ ! سَمِعتُ حَبيبي رَسولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله يَقولُ : مَن أحَبَّ قَوماً حُشِرَ مَعَهُم ، ومَن أحَبَّ عَمَلَ قَومٍ اُشرِكَ في عَمَلِهِم ، وَالَّذي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالحَقِّ نَبِيّاً ، إنَّ نِيَّتي ونِيَّةَ أصحابي عَلى‏ ما مَضى‏ عَلَيهِ الحُسَينُ عليه السلام وأصحابُهُ ، خُذوا بي نَحوَ أبياتِ كوفانَ . ۱
فَلَمّا صِرنا في بَعضِ الطَّريقِ قالَ : يا عَطِيَّةُ ! هَل اُوصيكَ وما أظُنُّ أنَّني بَعدَ هذِهِ السَّفَرَةِ مُلاقيكَ ؟ أحبِب مُحِبَّ آلِ مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وآله ما أحَبَّهُم ، وأبغِض مُبغِضَ آلِ مُحَمَّدٍ ما أبغَضَهُم وإن كانَ صَوّاماً قَوّاماً ، وَارفُق بِمُحِبِّ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ، فَإِنَّهُ إن تَزِلَّ لَهُ قَدَمٌ بِكَثرَةِ ذُنوبِهِ ثَبَتَت لَهُ اُخرى‏ بِمَحَبَّتِهِم ، فَإِنَّ مُحِبَّهُم يَعودُ إلَى الجَنَّةِ ، ومُبغِضَهُم يَعودُ إلَى النّارِ . ۲

۱۶۸۳.مَسارُّ الشيعة : فِي اليَومِ العِشرينَ مِنهُ [أي مِن شَهرِ صَفَرٍ] كانَ رَجوعُ حَرَمِ سَيِّدِنا ومَولانا أبي عَبدِ اللَّهِ عليه السلام مِنَ الشّامِ إلى‏ مَدينَةِ الرَّسولِ صلى اللَّه عليه وآله ، وهُوَ اليَومُ الَّذي وَرَدَ فيهِ جابِرُ بنُ عَبدِ

1.في المصدر : «خذني نحو إلى أبيات كوفان» ، والتصويب من بحار الأنوار .

2.بشارة المصطفى : ص ۷۴ ، الحدائق الورديّة : ج ۱ ص ۱۲۹ ، تيسير المطالب : ص ۹۳ كلاهما نحوه ، بحار الأنوار : ج ۶۸ ص ۱۳۰ ح ۶۲ ؛ مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۲ ص ۱۶۷ نحوه .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
546

فَلَمّا أفاقَ سَمِعتُهُ يَقولُ :
السَّلامُ عَلَيكُم يا آلَ اللَّهِ... . ۱

۱۶۸۲.بشارة المصطفى عن عطيّة العوفي ۲ : خَرَجتُ مَعَ جابِرِ بنِ عَبدِ اللَّهِ الأَنصارِيِّ زائِرَينِ قَبرَ الحُسَينِ بنِ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام ، فَلَمّا وَرَدنا كَربَلاءَ دَنا جابِرٌ مِن شاطِئِ الفُراتِ فَاغتَسَلَ ، ثُمَّ اتَّزَرَ بِإِزارٍ وَارتَدى‏ بِآخَرَ ، ثُمَّ فَتَحَ صُرَّةً فيها سُعدٌ فَنَثَرَها عَلى‏ بَدَنِهِ ، ثُمَّ لَم يَخطُ خُطوَةً إلّا ذَكَرَ اللَّهَ تَعالى‏ .
حَتّى‏ إذا دَنا مِنَ القَبرِ قالَ : ألمِسنيهِ ، فَأَلمَستُهُ ، فَخَرَّ عَلَى القَبرِ مَغشِيّاً عَلَيهِ ، فَرَشَشتُ عَلَيهِ شَيئاً مِنَ الماءِ ، فَلَمّا أفاقَ قالَ : يا حُسَينُ ، ثَلاثاً ، ثُمَّ قالَ : حَبيبٌ لا يُجيبُ حَبيبَهُ . ثُمَّ قالَ : وأنّى‏ لَكَ بِالجَوابِ وقَد شُحِطَت أوداجُكَ ۳ عَلى‏ أثباجِكَ ۴ ، وفُرِّقَ بَينَ بَدَنِكَ ورَأسِكَ ، فَأَشهَدُ أنَّكَ ابنُ خاتَمِ النَّبِيّينَ ، وَابنُ سَيِّدِ المُؤمِنينَ ، وَابنُ حَليفِ التَّقوى‏ وسَليلِ الهُدى‏ وخامِسُ أصحابِ الكِساءِ ، وَابنُ سَيِّدِ النُّقَباءِ ، وَابنُ فاطِمَةَ سَيِّدَةِ النِّساءِ ، وما لَكَ لا تَكونُ هكَذا وقَد غَذَّتكَ كَفُّ سَيِّدِ المُرسَلينَ ، ورُبّيتَ في حِجرِ المُتَّقينَ ، ورُضِعتَ مِن

1.مصباح الزائر : ص ۲۸۶ ، بحار الأنوار : ج ۱۰۱ ص ۳۲۹ الرقم ۱ وراجع : موسوعة الإمام الحسين عليه السلام : ج ۸ ص ۱۵۴ ح ۳۵۱۹ .

2.عطيّة بن سعد بن جنادة العوفي الجدلي القيسي الكوفي ، أبو الحسن . سمّاه أمير المومنين عليه السلام ، وقال فيه : «هذا عطيّة اللَّه» . كان من مشاهير التابعين، وذكره الطوسي في أصحاب عليّ والباقر عليهما السلام ، وعدّه البرقي في أصحاب الباقر والصادق عليهما السلام . كان ثقة ، كثير الحديث ، خرج مع ابن الأشعث على الحجّاج ، وضُرب بأمر الحجّاج ۴۰۰ سوطاً؛ لامتناعه عن سبّ عليّ عليه السلام ، وحلق رأسه ولحيته. ثمّ لجأ إلى فارس ، واستقرّ بخراسان بقيّة أيّام الحجّاج ، وعاد إلى الكوفة لمّا ولي العراق عمر بن هبيرة ، وتوفّي بها سنة ۱۱۱ على المشهور ، أو ۱۲۷ كما قيل ، وهو الظاهر بقرينة روايته عن الصادق عليه السلام وراجع: رجال الطوسي: ص ۷۶ وص ۱۴۰ ورجال البرقي: ص ۴۰ والطبقات الكبرى : ج ۶ ص ۳۰۴ وسير أعلام النبلاء: ج‏۵ ص ۳۲۵ وتهذيب الكمال: ج ۲۰ ص ۱۴۵ وتهذيب التهذيب: ج ۴ ص ۱۳۸ وتاريخ الطبري : ج ۱۱ (المنتخب من ذيل المذيل) ص ۶۴۰ .

3.الأوداجُ : هي ما أحاط بالعنق من العروق (النهاية : ج ۵ ص ۱۶۵ «ودج») .

4.الثَّبَجُ : ما بين الكاهل إلى الظهر (الصحاح : ج ۱ ص ۳۰۱ «ثبج») .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10430
صفحه از 952
پرینت  ارسال به