إذا بَكَت إحداهُنَّ عِندَ رُؤيَتِهِ ضَرَبَها حارِسٌ بِسَوطِهِ ، ووَقَفَ أهلُ الذِّمَّةِ لَهُنَّ في سوقِ دِمَشقَ يَبصُقونَ في وُجوهِهِنَّ ، حَتّى وَقَفنَ بِبابِ يَزيدَ ، فَأَمَرَ بِرَأسِ الحُسَينِ عليه السلام فَنُصِبَ عَلَى البابِ وجَميعُ حَرَمِهِ حَولَهُ ، ووُكِّلَ بِهِ الحَرَسُ ، وقالَ : إذا بَكَت مِنهُنَّ باكِيَةٌ فَالِطموها .
فَظَلَلنَ ورَأسُ الحُسَينِ عليه السلام بَينَهُنَّ مَصلوبٌ تِسعَ ساعاتٍ مِنَ النَّهارِ . وإنَّ اُمَّ كُلثومٍ رَفَعَت رَأسَها ، فَرَأَت رَأسَ الحُسَينِ عليه السلام فَبَكَت ، وقالَت : يا جَدّاه - تُريدُ رَسولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله - هذا رَأسُ حَبيبِكَ الحُسَينِ مَصلوبٌ ، وبَكَت ، فَرَفَعَ يَدَهُ بَعضُ الحَرَسِ ولَطَمَها لَطمَةً حَصَرَ وَجهَها ، وشَلَّت يَدُهُ مَكانَهُ .
وفي هذا يَقولُ الأَزدِيُّ :
لَقَد ضَلَّ قَومٌ أصبَحوا في تَلَدُّدِ ۱سَباياهُم فِي الحَربِ آلُ مُحَمَّدِ
كَما ضَلَّ سَعيُ النّاكِبينَ بِعِجلِهِمِفَأَعقَبَهُم لَعناً بِدينِ التَّهَوُّدِ
وموسى وعيسى بُشِّرا بِمُحَمَّدٍعَلَيهِ سَلامُ اللَّهِ مِن مُتَهَجِّدِ
أيا اُمَّةَ الإِسلامِ يا اُمَّةَ الَّذيهَدَى اللَّهُ مِنّا بِالنَّبِيِّ كُلَّ مُهتَدِ
وثَوبٌ لِأَبناءِ النَّبِيِّ فَلَو تَرىبَنُو اللَّعنِ إذ عَنَوا لَهُم بِالتَّهَدُّدِ
بِسوقِ دِمَشقَ يَبصُقونَ وُجوهَهُمفِداءٌ لَها نَفسي وما مَلَكَت يَدي
فَما جَرى دَمعي يا حَبيبي بِناضِبٍولا زَندُ وَدّي لِلحُسَينِ بِمُصلَدِ ۲۳
۱۵۷۳.قرب الإسناد عن عبد اللَّه بن ميمون عن جعفر بن محمد عن أبيه [الباقر] عليهما السلام : لَمّا قُدِمَ عَلى يَزيدَ بِذَرارِيِّ الحُسَينِ ، اُدخِلَ بِهِنَّ نَهاراً مَكشوفاتٍ وُجوهُهُنَّ ، فَقالَ أهلُ الشَّامِ الجُفاةُ : ما
1.التَّلَدُّدُ : التلفّت يميناً وشمالاً تحيّراً (النهاية : ج ۴ ص ۲۴۵ «لدد») .
2.صَلَدَ الزَّنْدُ : إذا صوّت ولم يخرج ناراً (الصحاح : ج ۲ ص ۴۹۸ «صلد»). إشارة إلى عدم قطع الودّ والمحبّة .
3.بستان الواعظين : ص ۲۶۳ ح ۴۱۹ نقلاً عن كتاب التعازي والعزاء .