473
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني

الجدير بالذكر هو أنّه على فرض صحّة رواية ابن شهرآشوب، فلا يثبت بها مرور السبايا من الطريق السلطاني؛ لأنّ قسماً من الطريق السلطاني وطريق الفرات كان مشتركاً، ومنطقة قِنَّسرين تقع على الطريق المحاذي للفرات أيضاً . نعم ، لو صحّت هذه الرواية فهي تنفي مرور السبايا من طريق البادية .
۳ . في تصوّرنا - وخلافاً للرائج في العصر الأخير - أنّ الطريق السلطاني يمثّل أقلّ الاحتمالات ؛ لأنّه أبعد الطرق، بل لا يمثل طريقاً طبيعيّاً لركب صغير يُقتاد سبياً، لا للسياحة والتنزّه .
وبالإضافة إلى ذلك، فلا يوجد مصدر معتبر يعضد هذا القول ، بل إنّ مستنده هو المقتل المنسوب إلى أبي مخنف ۱ . ومن جهة اُخرى فالمسافة الطويلة للطريق السلطاني لا تتلاءم وقضيّة الأربعين (خصوصاً كما جاء في المقتل المنسوب لأبي مخنف واشتهر على الألسنة) ۲ ؛ أي حضور اُسارى أهل البيت عليهم السلام في الأربعينيّة الاُولى لشهادة أبي عبداللَّه عليه السلام عند قبره الشريف ، عند عودتهم من الشام .
نعم ، قد يقال بأنّ استعراض الجهاز الحاكم لقوّته كان يقتضي الطواف بالسبايا داخل المدن، ولذلك فقد اختاروا الطريق السلطاني . إلّا أنّ هذا الوجه يتلاءم مع أخذ الأسرى عبر طريق ضفاف الفرات أيضاً؛ ذلك لأنّ هذا الطريق يمرّ بمدنٍ عديدة أيضاً . وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ استعراض القوّة كان من الممكن أن يتجلّى بالطواف بالرؤوس أيضاً ، ولم تكن هناك حاجة إلى الطواف بمجموعة صغيرة مؤلّفة من النساء والأطفال؛ ذلك لأنّ هذا الأمر إذا لم يدلّ على ضعف الجهاز الحاكم ، فإنّه لا يدلّ على قوّته، خاصّة وأنّ جهاز الحكم شهد شجاعة وبلاغة الإمام السجّاد عليه السلام وزينب الكبرى عليها السلام والسبايا الآخرين في الكوفة. وبناءً على ذلك فمقتضى السياسة هو اقتياد الأسرى من

1.مقتل الحسين عليه السلام المنسوب إلى أبي مخنف : ص‏۱۸۰ .

2.جدير بالذكر أن ّ هذا المقتل قد ذكر تفاصيل وأحداثاً حدثت أثناء مسير السبايا يستغرق وقوعها وقتاً كثيراً (المقتل المنسوب لأبي مخنف) .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
472

بالأيّام التي طافوا فيها بالرأس الشريف بعد وصول السبايا إلى الشام أو في زمان حركتهم نحوها .
ويأتي الاحتمال نفسه حول الأماكن التي تعرف ب «رأس الحسين» ، والتي يقول عنها ابن شهر آشوب في معرض كلامه حول مناقب الإمام عليه السلام :
ومن مناقبه عليه السلام ما ظهر من المشاهد التي يُقال لها «مشهد الرأس» من كربلاء إلى عسقلان ، وما بينهما في الموصل ونصيبين وحماة وحمص ودمشق وغير ذلك . ۱
وبالنسبة إلى هذه المدن ، ففضلاً عن عدم تصريح ابن شهر آشوب بمرور السبايا أو الرأس الشريف بها ، هناك احتمال آخر باعتبار أنّها كانت تحت سيطرة ونفوذ الحكومات الشيعية أو الموالية لأهل البيت عليهم السلام على مرّ السنين - كالحمدانيّين والفاطميّين - فقد اُحدِثت فيها أماكن - ومهما كانت الدوافع والحوافز ؛ سواء حقيقيّة أو رمزيّة وتذكاريّة أو عن طريق منامات وغير ذلك - وهذه الأماكن اُطلق عليها «رأس الحسين» ، كالمقام الموجود في القاهرة إلى يومنا هذا والذي اُحدِث في زمان الفاطميّين .
وبالإضافة إلى ذلك، فإن قصّة الراهب والرأس ذُكرت في بعض المواضع الاُخرى أيضاً، وبسبب استبعاد تكرارها، فإنّ رواية ابن شهرآشوب ۲ تتعرّض للتعارض؛ لأن من بين المواضع المذكورة ديراً في أوائل الطريق ۳ ، وهو لا يتلاءم مع قِنَّسرين الواقعة في أواخر الطريق .

1.المناقب لابن شهر آشوب : ج ۴ ص ۸۲ في خصوص الأماكن المعروفة ب «رأس الحسين» والموجودة في المناطق المشار إليها بل وخارجها أيضاً وتقييمها من الناحية التاريخية راجع : نگاهي نو به جريان عاشوراء (بالفارسية) : ص‏۳۵۵ (مقال رأس الحسين ومقاماته) بقلم مصطفى صادقي ؛ تاريخ در آينه پژوهش (التاريخ في مرآة التحقيق) : العدد ۳۶ ص ۷۹ (مقالة تحت عنوان : «محل دفن سر مقدس امام حسين عليه السلام / محسن رنجبر») ؛ اهل البيت في مصر / السيّد الهادى خسروشاهى .

2.راجع : ص ۳۹۸ ح ۱۴۸۶ .

3.راجع : ص ۴۰۱ ح ۱۴۹۰ .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14217
صفحه از 952
پرینت  ارسال به