47
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني

بين الجنّة والنار، لم يغرّه الظاهر الخادع للدنيا والذي كانت جهنّم تكمن في باطنه، فاختار كبقيّة شهداء كربلاء الآخرين طريق الجنّة ، وقال بشأن هذا الاختيار :
إنّي وَاللَّهِ، اُخَيِّرُ نَفسي بَينَ الجَنَّةِ وَالنّارِ ، ووَاللَّهِ، لا أختارُ عَلَى الجَنَّةِ شَيئاً ولَو قُطِّعتُ وحُرِّقتُ . ۱
وهذه رسالة تعليميّة لجميع الذين تنتابهم الحيرة عند مفترق طريق الجنّة والنار، وخاصّة الشباب. وبعد اختياره طريق الجنّة ضرب فرسه وتوجّه نحو خيام سيّد الشهداء ويده على رأسه ، وكان يكرّر مع نفسه هذه العبارات أثناء الطريق :
اللَّهُمَّ إنّي تُبتُ إلَيكَ فَتُب عَلَيَّ ، فَقَد أرعَبتُ قُلوبَ أولِيائِكَ وأولادِ بِنتِ نَبِيِّكَ .
وبسبب الخطأ الكبير الذي ارتكبه الحرّ كان يحتمل ألّا تُقبل توبته ؛ لذا فإنّه عندما وصل إلى الإمام عليه السلام قال :
جُعِلتُ فِداكَ ! أنَا صاحِبُكَ الَّذي حَبَسَكَ عَنِ الرُّجوعِ وجَعجَعَ بِكَ ، وَاللَّهِ ما ظَنَنتُ أنَّ القَومَ يَبلُغونَ بِكَ ما أرى‏ ، وأنَا تائِبٌ إلَى اللَّهِ ، فَهَل تَرى‏ لي مِن تَوبَةٍ ؟
فأجابه الإمام الحسين عليه السلام :
نَعَم ، يَتوبُ اللَّهُ عَلَيكَ ، فَانزِل .
فقال الحرّ :
أنَا لَكَ فارِساً خَيرٌ مِنّي راجِلاً ، وإلَى النُّزولِ يَؤولُ آخِرُ أمري .
ثمّ أضاف قائلاً :
فإِذا كُنتُ أوَّلَ مَن خَرَجَ عَلَيكَ ، فَأئذَن لي أن أكونَ أوَّلَ قَتيلٍ بَينَ يَدَيكَ ، لَعَلّي أكونُ مِمَّن يُصافِحُ جَدَّكَ مُحَمَّداً صلى اللَّه عليه وآله غَداً فِي القِيامَةِ . ۲
ويدلّ كلام الحرّ هذا على اعتقاده الراسخ بالمبدأ والمعاد ، وهذا هو الذي أدّى

1.راجع : ص ۴۹ ح ۹۲۲ .

2.راجع: ص ۵۷ ح ۹۲۹ .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
46

۳ / ۱۳

الحُرُّ بنُ يَزيدَ الرِّياحِيُ‏

كان الحرّ بن يزيد الرياحي ۱ أحد وجهاء قبيلة بني تميم، ۲ ولا تتوفّر معلومات اُخرى عنه، إلّا أنّ مصيره بين أصحاب الإمام الحسين عليه السلام متميّز وباعث للاعتبار كثيراً .
كان الحرّ الشخص الوحيد الذي اجتاز في يوم عاشوراء المسافة بين الجنّة والنار خلال ساعات قصيرة ، وصعد بنفسه من حضيض الشقاوة إلى قمّة السعادة، لذا فإنّ مصير الحرّ دليل واضح على اختيار الإنسان الطريق الصحيح للحياة .
كان الحرّ أوّل من أغلق الطريق على الإمام الحسين وأصحابه، ۳ وإنّ انتخابه بوصفه قائداً للجيش حيث قام بأوّل مواجهة للإمام عليه السلام، ۴ يدلّ على الاعتماد الكامل للحكم الاُمويّ عليه . لم يكن الذنب الذي اقترفه الحرّ ذنباً صغيراً، إلّا أنّه عندما شاهد نفسه

1.جمهرة أنساب العرب : ص ۲۲۷ ، جمهرة النسب : ص ۲۱۶ ، تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۹۲ وفيه «الحرّ بن يزيد الحنظلي ثمّ النهشلي» ، أنساب الأشراف : ج ۳ ص ۳۸۳ وفيه «الحرّ بن يزيد الحنظلي» ؛ رجال الطوسي : ص‏۱۰۰ وراجع: زيارة الناحية والزيارة الرجبية وهذا الكتاب : ص ۵۱ ح ۹۲۳ .

2.الأمالي للشجري : ج ۱ ص ۱۷۲ ، الحدائق الورديّة : ج ۱ ص ۱۲۱ ؛ تذكرة الخواص : ص ۲۵۱.

3.راجع : ج ۱ ص ۶۶۲ (القسم الرابع / الفصل السابع / سدّ الحرّ الطريق على الإمام عليه السلام) .

4.مقاتل الطالبيين : ص ۱۱۱ وراجع : هذا الكتاب : ج ۱ ص ۶۶۱ (القسم الرابع / الفصل السابع / إشخاص الحرّ للإتيان بالإمام عليه السلام إلى الكوفة) و ص ۶۹۲ (الفصل السابع / كتاب ابن زياد إلى الحرّ يأمره بتضييق الأمر على الإمام عليه السلام) .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10275
صفحه از 952
پرینت  ارسال به