469
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني

مجموع هذا الطريق وطريق البادية بمثلّث قاعدته طريق البادية .

الطريق الثالث : ضفاف دجلة

يعدّ دجلة النهر الكبير الثاني في العراق، حيث ينبع هو الآخر من تركيا أيضاً، ولكنّه لا يمرّ بالشام ، فكان الذي يريد السفر إلى شمال شرقي العراق يختار ضفافه للسفر إلى هناك. ولم يكن هذا الطريق هو الطريق الرئيسي بين الكوفة ودمشق ، وإنّما يسيرون مقداراً منه ثمّ ينحرفون تدريجيّاً نحو الغرب والالتحاق بطريق ضفاف الفرات بعد اجتياز مسافة ليست بالقصيرة، ثمّ دخول دمشق من ذلك الطريق.
ويمكن اعتبار هذا الطريق ثلاثة أضلاع من مستطيل طوله طريق البادية، والأضلاع الثلاثة الاُخرى هي : المسافة المقطوعة من الكوفة نحو الشمال، الطريق المقطوع باتّجاه الغرب ، ثمّ رجوع قسم من الطريق المقطوع نحو الجنوب ، ولذلك فإنّه أطول من جميع الطرق الاُخرى ، ويبلغ طوله حدود (۱۵۴۵ كيلومتراً)، ويُسمّى هذا الطريق ب«الطريق السلطاني» .

نقاط ملفتة للنّظر

لم نعثر على دليل واضح ورواية تاريخية معتبرة وقديمة لإثبات مرور سبايا أهل البيت عبر أحد هذه الطرق الثلاثة، كما لم تصلنا رواية عن أهل البيت عليهم السلام في هذا المجال، والذي وصلنا ما هو إلّا علامات جزئية وغير كافية جاءت بشكل متفرّق في بعض الكتب أو القصص والتراجم الفاقدة للسند وغير المعتبرة، مع أنّها وردت في كتب غير صالحة للاعتماد ؛ كالمقتل المنتحل المنسوب إلى أبي مخنف ، والذي تكرّر ذكره في الكتب اللّاحقة له . وسندرس هنا بعض الدلالات والعلامات الجزئية المشار إليها :
۱ . ذكر في معجم البلدان - وهو كتاب جغرافي قديم - في التعريف بقسم من مدينة حلب في الشام :
في غربي البلد في سفح جبل جوشن قبر المحسن بن الحسين عليه السلام ، يزعمون أنّه


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
468

ولاحاجة إلى الصعود والنزول على الأرض، إلّا في مستوى أقلّ من كسر من الدرجة. وعلى هذا المدار طريق يعرف ب «طريق البادية» هو أقصر الطرق بين هاتين المدينتين ويبلغ حوالي ۹۲۳ كيلومتراً ۱ .
والمشكلة الرئيسية لهذا الطريق القصير هي مروره بالصحراء الممتدّة بين العراق والشام والمعروفة منذ قديم الأيّام باسم «بادية الشام». ومن الواضح أنّ هذا الطريق لم يكن يسلكه سوى الذين يمتلكون الإمكانيات الكافية - وخاصّة الماء - لاجتياز المسافات الطويلة بين منازل الطريق الصحراوي المتباعدة، رغم أنّ سرعة المسافر كانت تدفعه أحياناً إلى اجتياز هذا الطريق .
وممّا يجدر ذكره أن لا وجود للمدن الكبيرة في الصحاري، ولكن هذا لا يعني عدم وجود الطرق، أو بعض القرى الصغيرة .

الطريق الثاني : ضفاف الفرات

يعتبر الفرات أحد نهري العراق الكبيرين ، وينبع من تركيا ويصبّ في الخليج الفارسي بعد اجتياز سوريا والعراق. وكان الكوفيّون يسيرون على ضفاف هذا النهر للسفر إلى شمال العراق والشام؛ كي يكون الماء في متناولهم، ولكي يستفيدوا أيضاً من إمكانيات المدن الواقعة على ضفاف الفرات، ولذا كانت الجيوش الجرّارة والقوافل الكبيرة التي هي بحاجة إلى كمّيات كبيرة من المياه مضطرّة لسلوك هذا الطريق ۲ .
ويتّجه هذا الطريق ابتداءً من الكوفة نحو الشمال الغربي بمسافة طويلة ، ثمّ ينحدر من هناك نحو الجنوب وينتهي إلى دمشق بعد اجتيازه الكثير من مدن الشام. وقد كان لهذا الطريق تفرّعات عديدة ، ويبلغ طوله التقريبي حدود (۱۱۹۰ إلى ۱۳۳۳ كيلومتراً) ، وكان بديلاً مناسباً لطريق البادية الشاقّ وإن كان قصيراً ، ويمكن أن نشبّه

1.المسافة بين الكوفة والشام إذا لوحظت بخطّ مستقيم بلغت ۸۶۷ كيلو متراً .

2.سلك عسكر أمير المؤمنين عليه السلام هذا الطريق نفسه أيضاً في معركة صفّين.

تعداد بازدید : 11292
صفحه از 952
پرینت  ارسال به