439
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني

قالَ : فَأَقبَلَت قَبائِلُ مُضَرَ نَحوَ اليَمَنِ ودَنَت مِنهُمُ اليَمَنُ ، فَاقتَتَلوا قِتالاً شَديداً ، فَبَلَغَ ذلِكَ ابنَ زِيادٍ ، فَأَرسَلَ إلى‏ أصحابِهِ يُؤَنِّبُهُم ، فَأَرسَلَ إلَيهِ عَمرُو بنُ الحَجّاجِ يُخبِرُهُ بِاجتِماعِ اليَمَنِ عَلَيهِم . قالَ : وبَعَثَ إلَيهِ شَبَثُ بنُ الرِّبعِيِّ : أيُّهَا الأَميرُ ، إنَّكَ قَد بَعَثتَنا إلى‏ اُسودِ الآجامِ فَلا تَعجَل ، قالَ : وَاشتَدَّ قِتالُ القَومِ حَتّى‏ قُتِلَ جَماعَةٌ مِنهُم مِنَ العَرَبِ .
قالَ : ودَخَلَ أصحابُ ابنِ زِيادٍ إلى‏ دارِ ابنِ عَفيفٍ ، فَكَسَرُوا البابَ وَاقتَحَموا عَلَيهِ ، فَصاحَت بِهِ ابنَتُهُ : يا أبَتِ! أتاكَ القَومُ مِن حَيثُ لا تَحتَسِبُ ، فَقالَ : لا عَلَيكِ يَا ابنَتي ، ناوِلينِي السَّيفَ : قالَ : فَناوَلَتهُ فَأَخَذَهُ وجَعَلَ يَذُبُّ عَن نَفسِهِ ، وهُوَ يَقولُ :

أنَا ابنُ ذِي الفَضلِ العَفيفِ الطّاهِرِعَفيفٌ شَيخي وَابنُ اُمِّ عامِرِ
كَم دارِعٍ مِن جَمعِهِم وحاسِرِوبَطَلٍ جَندَلتُهُ مُغادِرِ
قالَ : وجَعَلَتِ ابنَتُهُ تَقولُ : يا لَيتَني كُنتُ رَجُلاً فَاُقاتِلَ بَينَ يَدَيكَ اليَومَ هؤُلاءِ الفَجَرَةَ ، قاتِلِي العِترَةِ البَرَرَةِ . قالَ وجَعَلَ القَومُ يَدورونَ عَلَيهِ مِن خَلفِهِ وعَن يَمينِهِ وعَن شِمالِهِ ، وهُوَ يَذُبُّ عَن نَفسِهِ بِسَيفِهِ ، ولَيسَ يَقدِرُ أحَدٌ أن يَتَقَدَّمَ إلَيهِ .
قالَ : وتَكاثَروا عَلَيهِ مِن كُلِّ ناحِيَةٍ حَتّى‏ أخَذوهُ . فَقالَ جُندَبُ بنُ عَبدِ اللَّهِ الأَزدِيُّ : إنّا للَّهِ‏ِ وإنّا إلَيهِ راجِعونَ ، أخَذوا وَاللَّهِ عَبدَ اللَّهِ بنَ عَفيفٍ ، فَقَبُحَ وَاللَّهِ العَيشُ مِن بَعدِهِ .
قالَ : ثُمَّ اُتِيَ بِهِ حَتّى‏ اُدخِلَ عَلى‏ عُبَيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ ، فَلَمّا رَآهُ قالَ : الحَمدُ للَّهِ‏ِ الَّذي أخزاكَ ، فَقالَ لَهُ عَبدُ اللَّهِ بنُ عَفيفٍ : يا عَدُوَّ اللَّهِ بِهذا أخزاني ، وَاللَّهِ لَو فَرَّجَ اللَّهُ عَن بَصَري لَضاقَ عَلَيكَ مَورِدي ومَصدَري .
قالَ : فَقالَ ابنُ زِيادٍ : يا عَدُوَّ نَفسِهِ ، ما تَقولُ في عُثمانَ بنِ عَفّانَ ؟ فَقالَ : يَابنَ عَبدِ بَني عِلاجٍ ، يَابنَ مَرجانَةَ وسُمَيِّةَ ، ما أنتَ وعُثمانُ بنُ عَفّانَ ؟ عُثمانُ أساءَ أم أحسَنَ ، وأصلَحَ أم أفسَدَ ، وَاللَّهُ تَبارَكَ وتَعالى‏ وَلِيُّ خَلقِهِ ، يَقضي بَينَ خَلقِهِ وبَينَ عُثمانَ بنِ عَفّانَ بِالعَدلِ وَالحَقِّ ، ولكِن سَلني عَن أبيكَ ، وعَن يَزيدَ وأبيهِ .
فَقالَ ابنُ زِيادٍ : وَاللَّهِ لا سَأَلتُكَ عَن شَي‏ءٍ أو تَذوقَ المَوتَ .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
438

أنتَ وأبوكَ ومَنِ استَعمَلَكَ وأبوهُ ، يا عَدُوَّ اللَّهِ أتَقتُلونَ أبناءَ النَّبِيّينَ وتَتَكَلَّمونَ بِهذَا الكَلامِ عَلى‏ مَنابِرِ المُؤمِنينَ ؟!
قالَ : فَغَضِبَ ابنُ زِيادٍ ، ثُمَّ قالَ : مَنِ المُتَكَلِّمُ ؟ فَقالَ : أنَا المُتَكَلِّمُ يا عَدُوَّ اللَّهِ ، أتَقتُلُ الذُّرِّيَّةَ الطّاهِرَةَ الَّتي قَد أذهَبَ اللَّهُ عَنهَا الرِّجسَ في كِتابِهِ ، وتَزعُمُ أنَّكَ عَلى‏ دينِ الإِسلامِ ؟ وا عَوناه ، أينَ أولادُ المُهاجِرينَ وَالأَنصارِ ، لِيَنتَقِموا مِن طاغِيَتِكَ ۱ اللَّعينِ ابنِ اللَّعينِ عَلى‏ لِسانِ مُحَمَّدٍ نَبِيِّ رَبِّ العالَمينَ ؟
قالَ : فَازدادَ غَضَباً عَدُوُّ اللَّهِ حَتَّى انتَفَخَت أوداجُهُ ، ثُمَّ قالَ : عَلَيَّ بِهِ ، قالَ : فَتَبادَرَت إلَيهِ الجَلاوِزَةُ مِن كُلِّ ناحِيَةٍ لِيَأخُذوهُ ، فَقامَتِ الأَشرافُ مِنَ الأَزدِ مِن بَني عَمِّهِ فَخَلَّصوهُ مِن أيدِي الجَلاوِزَةِ ، وأخرَجوهُ مِن بابِ المَسجِدِ ، فَانطَلَقوا بِهِ إلى‏ مَنزِلِهِ .
ونَزَلَ ابنُ زِيادٍ عَنِ المِنبَرِ ودَخَلَ القَصرَ ، ودَخَلَ عَلَيهِ أشرافُ النّاسِ ، فَقالَ : أرَأَيتُم ما صَنَعَ هؤُلاءِ القَومُ ؟ فَقالوا : قَد رَأَينا أصلَحَ اللَّهُ الأَميرَ ، إنَّمَا الأَزدُ فَعَلَت ذلِكَ فَشُدَّ يَدَيكَ بِساداتِهِم ، فَهُمُ الَّذينَ استَنقَذوهُ مِن يَدِكَ حَتّى‏ صارَ إلى‏ مَنزِلِهِ .
قالَ : فَأَرسَلَ ابنُ زِيادٍ إلى‏ عَبدِ الرَّحمنِ بنِ مِخنَفٍ الأَزدِيِّ ، فَأَخَذَهُ وأخَذَ مَعَهُ جَماعَةً مِنَ الأَزدِ فَحَبَسَهُم ، وقالَ : وَاللَّهِ لا خَرَجتُم مِن يَدي أو تَأتُوني بِعَبدِ اللَّهِ بنِ عَفيفٍ .
قالَ : ثُمَّ دَعَا ابنُ زِيادٍ لِعَمرِو بنِ الحَجّاجِ الزُّبَيدِيِّ ومُحَمَّدِ بنِ الأَشعَثِ وشَبَثِ بنِ الرِّبعِيِّ وجَماعَةٍ مِن أصحابِهِ ، وقالَ لَهُم : اِذهَبوا إلى‏ هذَا الأَعمى‏ ، أعمَى الأَزدِ الَّذي قَد أعمَى اللَّهُ قَلبَهُ كَما أعمى‏ عَينَيهِ ، ائتوني بِهِ .
قالَ : فَانطَلَقَت رُسُلُ عُبَيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ إلى‏ عَبدِ اللَّهِ بنِ عَفيفٍ ، وبَلَغَ ذلِكَ الأَزدَ فَاجتَمَعوا ، وَاجتَمَعَ مَعَهُم أيضاً قَبائِلُ اليَمَنِ لِيَمنَعوا عَن صاحِبِهِم عَبدِ اللَّهِ بنِ عَفيفٍ . وبَلَغَ ذلِكَ ابنَ زِيادٍ ، فَجَمَعَ قَبائِلَ مُضَرَ وضَمَّهُم إلى‏ مُحَمَّدِ بنِ الأَشعَثِ وأمَرَهُ بِقِتالِ القَومِ .

1.في الملهوف : «منك ومن طاغيتك...».

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 13502
صفحه از 952
پرینت  ارسال به