المَوصِلِ ، إنَّما بَعَثتَنا إلَى الأَزدِ ، إلى اُسودِ الأَجَمِ ۱ ، لَيسوا بِبَيضَةٍ تُحسى ولا حَرمَلَةٍ ۲ توطَأُ .
فَقُتِلَ مِنَ الأَزدِ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ حَوزَةَ الوالِبِيُّ ومُحَمَّدُ بنُ حَبيبٍ البَكرِيُّ ، وكَثُرَتِ القَتلى بَينَهُم ، وقَوِيَتِ اليَمانِيَّةُ عَلَى الأَزدِ ، وصاروا إلى خُصٍّ ۳ في ظَهرِ دارِ ابنِ عَفيفٍ فَكَسَروهُ وَاقتَحَموا ، فَناوَلَتهُ ابنَتُهُ سَيفَهُ فَجَعَلَ يَذُبُّ بِهِ ، وشَدّوا عَلَيهِ مِن كُلِّ جانِبٍ ، فَانطَلَقوا بِهِ إلَى ابنِ زِيادٍ وهُوَ يَقولُ :
اُقسِمُ لَو يُفسَحُ لي مِن بَصَريشَقَّ عَلَيكُم مَورِدي وصَدَري
وخَرَجَ سُفيانُ بنُ يَزيدُ بنِ المُغَفَّلِ لِيَدفَعَ عَنِ ابنِ عَفيفٍ ، فَأَخَذوهُ مَعَهُ ، فَقُتِلَ ابنُ عَفيفٍ وصُلِبَ بِالسَّبَخَةِ .
واُتِيَ بِجُندَبِ بنِ عَبدِ اللَّهِ ، فَقالَ لَهُ ابنُ زِيادٍ : وَاللَّهِ لَأَتَقَرَبَنَّ إلَى اللَّهِ بِدَمِكَ . فَقالَ : إنَّما تَتَباعَدُ مِنَ اللَّهِ بِدَمي . ۴
۱۵۳۹.الفتوح : صَعِدَ ابنُ زِيادٍ المِنبَرَ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وأثنى عَلَيهِ ، وقالَ في بَعضِ كَلامِهِ : الحَمدُ للَّهِِ الَّذي أظهَرَ الحَقَّ وأهلَهُ ، ونَصَرَ أميرَ المُؤمِنينَ وأشياعَهُ ، وقَتَلَ الكَذّابَ ابنَ الكَذّابِ .
قالَ : فَما زادَ عَلى هذَا الكَلامِشَيئاً ووَقَفَ ، فَقامَ إلَيهِ عَبدُ اللَّهِ بنُ عَفيفٍ الأَزدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وكانَ مِن خِيارِ الشّيعَةِ وكانَ أفضَلَهُم ، وكانَ قَد ذَهَبَت عَينُهُ اليُسرى في يَومِ الجَمَلِ وَالاُخرى في يَومِ صِفّينَ ، وكانَ لا يُفارِقُ المَسجِدَ الأَعظَمَ يُصَلّي فيهِ إلَى اللَّيلِ ، ثُمَّ يَنصَرِفُ إلى مَنزِلِهِ .
فَلَمّا سَمِعَ مَقالَةَ ابنِ زِيادٍ ، وَثَبَ قائِماً ثُمَّ قالَ : يَابنَ مَرجانَةَ ، الكَذّابُ ابنُ الكَذّابِ
1.الاُجَمَةُ : من القصب ، والجمع أجمات وأجَم واُجُم (الصحاح : ج ۵ ص ۱۸۵۸ «أجم») .
2.حرملة : اسم نبات (راجع : تاج العروس : ج ۱۴ ص ۱۴۷ «حرمل») .
3.الخُصُّ : بيت يعمل من الخَشَبِ والقَصَبِ (النهاية : ج ۲ ص ۳۷ «خصص») .
4.أنساب الأشراف : ج ۳ ص ۴۱۳ .