يُقَبِّلُهُما ، ثُمَّ انفَضَخَ ۱ الشَّيخُ يَبكي ، فَقالَ لَهُ ابنُ زِيادٍ : أبكَى اللَّهُ عَينَيكَ ، فَوَاللَّهِ لَولا أنَّكَ شَيخٌ قَد خَرِفتَ وذَهَبَ عَقلُكَ لَضَرَبتُ عُنُقَكَ .
قالَ : فَنَهَضَ فَخَرَجَ ، فَلَمّا خَرَجَ سَمِعتُ النّاسَ يَقولونَ : وَاللَّهِ لَقَد قالَ زَيدُ بنُ أرقَمَ قَولاً لَو سَمِعَهُ ابنُ زِيادٍ لَقَتَلَهُ .
قالَ : فَقُلتُ : ما قالَ ؟ قالوا : مَرَّ بِنا وهُوَ يَقولُ : مَلَّكَ عَبدٌ عَبداً فَاتَّخَذَهُم تُلداً ۲ ، أنتُم يا مَعشَرَ العَرَبِ العَبيدُ بَعدَ اليَومِ ، قَتَلتُمُ ابنَ فاطِمَةَ وأمَّرتُمُ ابنَ مَرجانَةَ ، فَهُوَ يَقتُلُ خِيارَكُم ويَستَعبِدُ شِرارَكُم ، فَرَضيتُم بِالذُّلِّ ، فَبُعداً لِمَن رَضِيَ بِالذُّلِّ . ۳
۱۵۱۶.سير أعلام النبلاء عن زيد بن أرقم : كُنتُ عِندَ عُبَيدِ اللَّهِ ، فَاُتِيَ بِرَأسِ الحُسَينِ عليه السلام ، فَأَخَذَ قَضيباً ، فَجَعَلَ يَفتُرُ بِهِ عَن شَفَتَيهِ ۴ ، فَلَم أرَ ثَغراً كانَ أحسَنَ مِنهُ كَأَنَّهُ الدُّرُّ ، فَلَم أملِك أن رَفَعتُ صَوتي بِالبُكاءِ .
فَقالَ : ما يُبكيكَ أيُّهَا الشَّيخُ ؟ قُلتُ : يُبكيني ما رَأَيتُ مِن رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، رَأَيتُهُ يَمَصُّ مَوضِعَ هذَا القَضيبِ ، ويَلثِمُهُ ، ويَقولُ : اللَّهُمَّ إنّي اُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ . ۵
۱۵۱۷.الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة) : لَمّا وُضِعَتِ الرُّؤوسُ بَينَ يَدَي عُبَيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ ، جَعَلَ يَضرِبُ بِقَضيبٍ مَعَهُ عَلى فِيِّ الحُسَينِ عليه السلام وهُوَ يَقولُ :
يُفَلِّقنَ ۶ هاماً ۷ مِن اُناسٍ أعِزَّةٍعَلَينا وهُم كانوا أعَقَّ وأظلَما
1.انْفَضَخَ : بكى شديداً (تاج العروس : ج ۴ ص ۳۰۲ «فضخ») .
2.التليد : ما وُلِدَ عند غيرك ثمّ اشتريته صغيراً فثبت عندك (تاج العروس : ج ۴ ص ۳۶۹ «تلد») .
3.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۴۵۶ ، أنساب الأشراف : ج ۳ ص ۴۱۲ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۷۴ ، اُسد الغابة : ج ۲ ص ۲۸ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۲ ص ۴۵ ، البداية والنهاية : ج ۸ ص ۱۹۰ كلّها نحوه وراجع : الأخبار الطوال : ص ۲۵۹ وسير أعلام النبلاء : ج ۳ ص ۳۱۰ .
4.أي يكشف به عن شفتيه حتّى تبدو أسنانه (راجع : النهاية : ج ۳ ص ۴۲۷ «فرر») .
5.سير أعلام النبلاء : ج ۳ ص ۳۱۵ ، تاريخ دمشق : ج ۱۴ ص ۲۳۶ ح ۳۵۴۵ نحوه .
6.فَلَقْتُ الشيء : شَقَقْتُه (الصحاح : ج ۴ ص ۱۵۴۴ «فلق») .
7.الهامَةُ : الرأس (النهاية : ج ۵ ص ۲۸۳ «هوم») .