43
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني

الفارِسِ لا يُفارِقُهُ ، كُلَّما دَخَلَ القَصرَ دَخَلَ مَعَهُ ، وإذا خَرَجَ خَرَجَ مَعَهُ ، فَارتابَ بِهِ ، فَقالَ : ما لَكَ يا بُنَيَّ تَتبَعُني ؟ قالَ : لا شَي‏ءَ ، قالَ : بَلى‏ ، يا بُنَيَّ أخبِرني ، قالَ لَهُ : إنَّ هذَا الرَّأسَ الَّذي مَعَكَ رَأسُ أبي ، أفَتُعطينيهِ حَتّى‏ أدفِنَهُ ؟ قالَ : يا بُنَيَّ ، لا يَرضَى الأَميرُ أن يُدفَنَ ، وأنَا اُريدُ أن يُثيبَنِي الأَميرُ عَلى‏ قَتلِهِ ثَواباً حَسَناً ، قالَ لَهُ الغُلامُ : لكِنَّ اللَّهَ لا يُثيبُكَ عَلى‏ ذلِكَ إلّا أسوَأَ الثَّوابِ ، أما وَاللَّهِ لَقَد قَتَلتَ خَيراً مِنكَ ، وبَكى‏ ، فَمَكَثَ الغُلامُ حَتّى‏ إذا أدرَكَ لَم يَكُن لَهُ هِمَّةٌ إلَّا اتِّباعُ أثَرِ قاتِلِ أبيهِ لِيَجِدَ مِنهُ غِرَّةً ۱ فَيَقتُلَهُ بِأَبيهِ .
فَلَمّا كانَ زَمانُ مُصعَبِ بنِ الزُّبَيرِ وغَزا مُصعَبٌ باجُمَيرى‏ ۲ ، دَخَلَ عَسكَرَ مُصعَبٍ فَإِذا قاتِلُ أبيهِ في فُسطاطِهِ ۳ ، فَأَقبَلَ يَختَلِفُ في طَلَبِهِ وَالتِماسِ غِرَّتِهِ ، فَدَخَلَ عَلَيهِ وهُوَ قائِلٌ نِصفَ النَّهارِ ، فَضَرَبَهُ بِسَيفِهِ حَتّى‏ بَرَدَ .
قالَ أبو مِخنَفٍ : حَدَّثَني مُحَمَّدُ بنُ قَيسٍ ، قالَ : لَمّا قُتِلَ حَبيبُ بنُ مُظاهِرٍ هَدَّ ذلِكَ حُسَيناً عليه السلام وقالَ عِندَ ذلِكَ : أحتَسِبُ نَفسي وحُماةَ أصحابي . ۴

1.الغِرَّة : الغفلة (المصباح المنير : ص ۴۴۴ «غِرّة») .

2.باجميرى: موضع دون تكريت (معجم البلدان: ج‏۱ ص‏۳۱۴) وراجع : الخريطة رقم ۵ في آخر الكتاب .

3.الفُسطاط : بيت من الشعر (الصحاح : ج ۳ ص ۱۱۵ «فسط») .

4.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۴۳۹ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۶۷ نحوه وليس فيه من «اُقسم» إلى «أعذر» وراجع : أنساب الأشراف : ج ۳ ص ۴۰۲ ومقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۲ ص ۱۷ - ۱۹ ومثير الأحزان : ص ۶۲ و ص ۶۵ .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
42

العابدين‏] عليهم السلام : ثُمَّ بَرَزَ حَبيبُ بنُ مُظَهَّرٍ الأَسَدِيُّ رِضوانُ اللَّهِ عَلَيهِ ، وهُوَ يَقولُ :

أنَا حَبيبٌ وأبي مُظَهَّرُلَنَحنُ أزكى‏ مِنكُمُ وأطهَرُ
نَنصُرُ خَيرَ النّاسِ حينَ يُذكَرُ
فَقَتَلَ مِنهُم أحَداً وثَلاثينَ رَجُلاً ، ثُمَّ قُتِلَ رِضوانُ اللَّهِ عَلَيهِ . ۱

۹۱۹.الفتوح : وخَرَجَ ... حَبيبُ بنُ مُظاهِرٍ الأَسَدِيُّ ، وهُوَ يَرتَجِزُ ويَقولُ :

أنَا حَبيبٌ وأبي مُظاهِرُفارِسُ هَيجاءَ ۲ وحَربٍ تُسعَرُ
أنتُمُ أعَدُّ عُدَّةً وأكثَرُونَحنُ أعلى‏ حُجَّةً وأقهَرُ
وأنتُمُ عِندَ الوَفاءِ أغدَرُونَحنُ أوفى‏ مِنكُمُ وأصبَرُ
ثُمَّ حَمَلَ فَلَم يَزَل يُقاتِلُ حَتّى‏ قُتِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ . ۳

۹۲۰.تاريخ الطبري عن أبي مخنف عن سليمان بن أبي راشد عن حميد بن مسلم : قالَ [ الحُسَينُ عليه السلام في ظُهرِ عاشوراءَ ] : سَلوهُم أن يَكُفّوا عَنّا حَتّى‏ نُصَلِّيَ ، فَقالَ لَهُمُ الحُصَينُ بنُ تَميمٍ : إنَّها لا تُقبَلُ ، فَقالَ لَهُ حَبيبُ بنُ مُظاهِرٍ : لا تُقبَلُ ! زَعَمتَ الصَّلاة مِن آل رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله لا تُقبَلُ ، وتُقبَلُ مِنكَ يا حِمارُ ؟
قالَ : فَحَمَلَ عَلَيهِم حُصَينُ بنُ تَميمٍ ، وخَرَجَ إلَيهِ حَبيبُ بنُ مَظاهِرٍ ، فَضَرَبَ وَجهَ فَرَسِهِ بِالسَّيفِ ، فَشَبَّ ووَقَعَ عَنهُ ، وحَمَلَهُ أصحابُهُ فَاستَنقَذوهُ ، وأخَذَ حَبيبٌ يَقولُ :
اُقسِمُ لَو كُنّا لَكُم أعداداًأو شَطرَكُم وَلَّيتُمُ أكتادا ۴
يا شَرَّ قَومٍ حَسَباً وآدا ۵
قالَ : وجَعَلَ يَقولُ يَومَئِذٍ :

أنَا حَبيبٌ وأبي مُظاهِرُفارِسُ هَيجاءَ وحَربٍ تُسعَرُ
أنتُم أعَدُّ عُدَّةٌ وأكثَرُونَحنُ أوفى‏ مِنكُمُ وأصبَرُ
ونَحنُ أعلى‏ حُجَّةً وأظهَرُحَقّاً وأتقى‏ مِنكُمُ وأعذَرُ
وقاتَلَ قِتالاً شَديداً ، فَحَمَلَ عَلَيهِ رَجُلٌ مِن بَني تَميمٍ فَضَرَبَهُ بِالسَّيفِ عَلى‏ رَأسِهِ فَقَتَلَهُ - وكانَ يُقالُ لَهُ : بُدَيلُ بنُ صُرَيمٍ مِن بَني عُقفانَ - وحَمَلَ عَلَيهِ آخَرُ مِن بَني تَميمٍ فَطَعَنَهُ فَوَقَعَ ، فَذَهَبَ لِيَقومَ ، فَضَرَبَهُ الحُصَينُ بنُ تَميمٍ عَلى‏ رَأسِهِ بِالسَّيفِ فَوَقَعَ ، ونَزَلَ إلَيهِ التَّميمِيُّ فَاحتَزَّ رَأسَهُ .
فَقالَ لَهُ الحُصَينُ : إنّي لَشَريكُكَ في قَتلِهِ ، فَقالَ الآخَرُ : وَاللَّهِ ما قَتَلَهُ غَيري ، فَقالَ الحُصَينُ : أعطِنيهِ اُعَلِّقهُ في عُنُقِ فَرَسي كَيما يَرَى النّاسُ ويَعلَموا أنّي شَرِكتُ في قَتلِهِ ، ثُمَّ خُذهُ أنتَ بَعدُ فَامضِ بِهِ إلى‏ عُبَيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ ، فَلا حاجَةَ لي فيما تُعطاهُ عَلى‏ قَتلِكَ إيّاهُ .
قالَ : فَأَبى‏ عَلَيهِ ، فَأَصلَحَ قَومُهُ فيما بَينَهُما عَلى‏ هذا ، فَدَفَعَ إلَيهِ رَأسَ حَبيبِ بنِ مُظاهِرٍ ، فَجالَ بِهِ فِي العَسكَرِ قَد عَلَّقَهُ في عُنُقِ فَرَسِهِ ، ثُمَّ دَفَعَهُ بَعدَ ذلِكَ إلَيهِ .
فَلَمّا رَجَعوا إلَى الكوفَةِ أخَذَ الآخِرُ رَأسَ حَبيبٍ فَعَلَّقَهُ في لَبانِ ۶ فَرَسِهِ ، ثُمَّ أقبَلَ بِهِ إلَى ابنِ زِيادٍ فِي القَصرِ فَبَصُرَ بِهِ ابنُهُ القاسِمُ بنُ حَبيبٍ ، وهُوَ يَومَئِذٍ قَد راهَقَ ، فَأَقبَلَ مَعَ

1.الأمالي للصدوق : ص ۲۲۴ ح ۲۳۹ ، روضة الواعظين : ص ۲۰۶ من دون إسنادٍ إلى أحدٍ من أهل البيت عليهم السلام ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۱۹ .

2.الهيجاء : الحرب ، بالمدّ والقصر ؛ لأنّها موطن غضب (لسان العرب : ج ۲ ص ۳۹۵ «هوج») .

3.الفتوح : ج ۵ ص ۱۰۷ ؛ المناقب لابن شهرآشوب : ج ۴ ص ۱۰۳ نحوه وفيه «فقتل اثنين وستّين رجلاً ، فقتله الحصين بن نمير ، وعلّق رأسه في عنق فرسه» بدل «ثمّ حمل ...» ، بحار الأنوار : ج ۴۵ ص ۲۶ .

4.أكتاد : أي جماعات (القاموس المحيط : ج ۱ ص ۳۳۲ «كتد») .

5.الآد : الصُّلب (القاموس المحيط : ج ۱ ص ۲۷۵ «آد») . كأنّه أراد أنّ أصلاب آبائهم التي خرجت منها نطفهم خبيثة .

6.اللبان : الصدر من ذي الحافر خاصّة (لسان العرب : ج ۱۳ ص ۳۷۷ «لبن») .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14218
صفحه از 952
پرینت  ارسال به