417
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني

صِراطٍ مُستَقيمٍ .
أمّا بَعدُ ، يا أهلَ الكوفَةِ ! يا أهلَ المَكرِ وَالغَدرِ وَالخُيَلاءِ ۱ ! فَإِنّا أهلُ بَيتٍ ابتَلانَا اللَّهُ بِكُم وَابتَلاكُم بِنا ، فَجَعَلَ بَلاءَنا حَسَناً ، وجَعَلَ عِلمَهُ عِندَنا وفَهمَهُ لَدَينا ، فَنَحنُ عَيبَةُ ۲ عِلمِهِ ، ووِعاءُ فَهمِهِ وحِكمَتِهِ ، وحُجَّتُهُ عَلى‏ أهلِ الأَرضِ في بِلادِهِ لِعِبادِهِ ، أكرَمَنَا اللَّهُ بِكَرامَتِهِ ، وفَضَّلَنا بِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وآله عَلى‏ كَثيرٍ مِمَّن خَلَقَ تَفضيلاً بَيِّناً .
فَكَذَّبتُمونا وكَفَّرتُمونا ، ورَأَيتُم قِتالَنا حَلالاً وأموالَنا نَهباً ! كَأَنَّنا أولادُ تُركٍ أو كابُلٍ ۳ ، كَما قَتَلتُم جَدَّنا بِالأَمسِ ، وسُيوفُكُم تَقَطَّرُ مِن دِمائِنا أهلَ البَيتِ ، لِحِقدٍ مُتَقَدِّمٍ ، قَرَّت لِذلِكَ عُيونُكُم ، وفَرِحَت قُلوبُكُم ، افتِراءً عَلَى اللَّهِ ومَكراً مَكَرتُم ، (وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَكِرِينَ) . ۴
فَلا تَدعُوَنَّكُم أنفُسُكُم إلَى الجَذَلِ ۵ بِما أصَبتُم مِن دِمائِنا ، ونالَت أيديكُم مِن أموالِنا ، فَإِنَّ ما أصابَنا مِنَ المَصائِبِ الجَليلَةِ وَالرَّزايَا العَظيمَةِ (فِى كِتَبٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَ لِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِّكَيْلَا تَأْسَوْاْ عَلَى‏ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُواْ بِمَا ءَاتَاكُمْ وَ اللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) . ۶
تَبّاً لَكُم ، فَانتَظِرُوا اللَّعنَةَ وَالعَذابَ ، فَكَأَن قَد حَلَّ بِكُم ، وتَواتَرَت مِنَ السَّماءِ نَقِماتٌ ، فَيُسحِتُكُم بِعَذابٍ ويُذيقُ بَعضَكُم بَأسَ بَعضٍ ، ثُمَّ تُخَلَّدونَ فِي العَذابِ الأَليمِ يَومَ القِيامَةِ بِما ظَلَمتُمونا ، (أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّلِمِينَ)۷ .

1.الخيلاء - بالضمّ والكسر - : الكبر والعجب (لسان العرب : ج ۱۱ ص ۲۲۸ «خول») .

2.العيبة : الوعاء (راجع : لسان العرب : ج ۱ ص ۶۳۴ «عيب») .

3.لم يكن التُّرك والأفاغنة عندئذٍ من المسلمين ، بل كانوا أعداءَ الحكومة الإسلامية .

4.آل عمران : ۵۴ .

5.الجذل - بالتحريك - : الفرح (الصحاح : ج ۴ ص ۶۵۴ «جذل») .

6.الحديد: ۲۲ - ۲۳ .

7.هود : ۱۸ .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
416

۶ / ۵

خُطبَةُ فاطِمَةَ الصُّغرى‏ في أهلِ الكوفَةِ

۱۵۱۱.الملهوف عن زيد بن موسى :۱ حَدَّثَني أبي عَن جَدِّي [الصّادِقِ‏] عليه السلام : خَطَبَت فاطِمَةُ الصُّغرى‏ بَعدَ أن وَرَدَت مِن كَربَلاءَ ، فَقالَت : الحَمدُ للَّهِ‏ِ عَدَدَ الرَّملِ وَالحَصى‏ ، وزِنَةَ العَرشِ إلَى الثَّرى‏ ، أحمَدُهُ واُؤمِنُ بِهِ وأتَوَكَّلُ عَلَيهِ ، وأشهَدُ أن لا إلهَ إلَّا اللَّهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ ، وأنَّ مُحَمَّداً صلى اللَّه عليه وآله عَبدُهُ ورَسولُهُ ، وأنَّ ذُرِّيَّتَهُ ذُبِحوا بِشَطِّ الفُراتِ بِغَيرِ ذَحلٍ ۲ ولا تِراتٍ . ۳
اللَّهُمَّ إنّي أعوذُ بِكَ أن أفتَرِيَ عَلَيكَ الكَذِبَ ، وأن أقولَ عَلَيكَ خِلافَ ما أنزَلتَ مِن أخذِ العُهودِ لِوَصِيَّةِ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام ، المَسلوبِ حَقُّهُ ، المَقتولِ بِغَيرِ ذَنبٍ - كَما قُتِلَ وَلَدُهُ بِالأَمسِ - في بَيتٍ مِن بُيوتِ اللَّهِ ، فيهِ مَعشَرٌ مُسلِمَةٌ بِأَلسِنَتِهِم . تَعساً لِرُؤوسِهِم ، ما دَفَعَت عَنهُ ضَيماً ۴ في حَياتِهِ ولا عِندَ مَماتِهِ ، حَتّى‏ قَبَضتَهُ إلَيكَ مَحمودَ النَّقيبَةِ ۵ ، طَيِّبَ العَريكَةِ ۶ ، مَعروفَ المَناقِبِ ، مَشهورَ المَذاهِبِ ، لَم تَأخُذهُ اللَّهُمَّ فيكَ لَومَةُ لائِمٍ ولا عَذلُ عَاذِلٍ .
هَدَيتَهُ يا رَبِّ لِلإِسلامِ صَغيراً ، وحَمِدتَ مَناقِبَهُ كَبيراً ، ولَم يَزَل ناصِحاً لَكَ ولِرَسولِكَ صَلَواتُكَ عَلَيهِ وآلِهِ حَتّى‏ قَبَضتَهُ إلَيكَ ، زاهِداً فِي الدُّنيا ، غَيرَ حَريصٍ عَلَيها ، راغِباً فِي الآخِرَةِ ، مُجاهِداً لَكَ في سَبيلِكَ ، رَضيتَهُ فَاختَرتَهُ وهَدَيتَهُ إلى‏

1.زيد بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين عليهم السلام العلوي الطالبي ، يلقّب بزيد النار ، ثائر ، خرج في العراق مع أبي السرايا ، توفّي حوالي سنة ۲۵۰ ه (راجع : الأعلام للزركلي : ج ۳ ص ۶۱) .

2.الذَّحْل : الثأر ، وقيل : طلب مكافأة بجناية جُنيت عليك أو عداوة اُتيت إليك ، يقال : طلب بذَحلِهِ ؛ أي بثأره (لسان العرب : ج ۱۱ ص ۲۵۶ «ذحل») .

3.الوَِتر وَالتِّرَة : الظلم في الذَّحل ، وقيل : هو الذَّحل عامّة . وكلّ من أدركته بمكروه فقد وتَرتَه (لسان العرب : ج ۵ ص ۲۷۴ «وتر») .

4.ضامَهُ حَقَّهُ ضَيماً : نَقَصهُ إيّاه (لسان العرب : ج‏۱۲ ص‏۳۵۲ «ضيم») .

5.النَّقِيْبَةُ : النّفْسُ ، وقيل : الطبيعة والخليقة (النهاية : ج ۵ ص ۱۰۲ «نقب») .

6.العَرِيْكَةُ : الطبيعة (الصحاح : ج ۴ ص ۱۵۹۹ «عرك») .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 9770
صفحه از 952
پرینت  ارسال به