415
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني

أبدَأُ بِحَمدِ اللَّهِ وَالصَّلاةِ وَالسَّلامِ عَلى‏ نَبِيِّهِ ، أمّا بَعدُ يا أهلَ الكوفَةِ ، يا أهلَ الخَترِ ۱ وَالخَذلِ ، ألا فَلا رَقَأَتِ العَبرَةُ ، ولا هَدَأَتِ الرَّنَّةُ ، إنَّما مثَلُكُم كَمَثَلِ (الَّتي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَنَكُمْ دَخَلَا بَيْنَكُمْ) . ۲
ألا وهَل فيكُم إلَّا الصَّلَفُ وَالشَّنَفُ ، ومَلَقُ الإِماءِ ، وغَمَزُ الأَعداءِ ؟ وهَل أنتُم إلّا كَمَرعى‏ عَلى‏ دِمنَةٍ ، وكَفِضَّةٍ عَلى‏ مَلحودَةٍ ، ألا ساءَ ما قَدَّمَت أنفُسُكُم أن سَخِطَ اللَّهُ عَلَيكُم ، وفِي العَذابِ أنتُم خالِدونَ .
أتَبكونَ ؟ إي وَاللَّهِ فَابكوا ! وإنَّكُم وَاللَّهِ أحرِياءُ بِالبُكاءِ ، فَابكوا كَثيراً وَاضحَكوا قَليلاً ، فَلَقَد فُزتُم بِعارِها وشَنارِها، ولَن تَرحُضوها بِغَسلٍ بَعدَها أبَدا، وأنّى‏ تَرحُضونَ قَتلَ سَليلِ خاتَمِ النُّبُوَّةِ ومَعدِنِ الرِّسالَةِ ، وسَيِّدِ شُبّانِ أهلِ الجَنَّةِ ، ومَنارِ مَحَجَّتِكُم ، ومَدَرَةِ حُجَّتِكُم ، ومَفرَخِ نازِلَتِكُم ، فَتَعساً ونُكساً ، لَقَد خابَ السَّعيُ وخَسِرَتِ الصَّفقَةُ ، وبُؤتُم بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ، وضُرِبَت عَلَيكُمُ الذِّلَّةُ وَالمَسكَنَةُ (لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيًْا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَوَ تُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَ تَنشَقُّ الْأَرْضُ وَ تَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ) . ۳
أتَدرونَ أيَّ كَبِدٍ لِرَسولِ اللَّهِ فَرَيتُم ؟ وأيَّ كَريمَةٍ لَهُ أبرَزتُم ؟ وأيَّ دَمٍ لَهُ سَفَكتُم ؟ لَقَد جِئتُم بِها شَوهاءَ خَرقاءَ ، شَرُّها طِلاعُ الأَرضِ وَالسَّماءِ ، أفَعَجِبتُم أن قَطَرَتِ السَّماءُ دَماً ؟ ولَعَذابُ الآخِرَةِ أخزى‏ وهُم لا يُنظَرونَ ، فَلا يَستَخِفَّنَّكُمُ المَهَلُ فَإِنَّهُ لا تَحفِزُهُ المُبادَرَةُ ، ولا يُخافُ عَلَيهِ فَوتُ الثَّأرِ ، كَلّا إنَّ رَبَّكَ لَنا ولَهُم لَبِالمِرصادِ . ثُمَّ وَلَّت عَنهُم .
قالَ : فَرَأَيتُ النّاسَ حَيارى‏ وقَد رَدّوا أيدِيَهُم إلى‏ أفواهِهِم ، ورَأَيتُ شَيخاً كَبيراً مِن بَني جُعفِيٍّ ، وقَدِ اخضَلَّت لِحَيتُهُ مِن دُموعِ عَينَيهِ ، وهُوَ يَقولُ :

كُهولُهُم خَيرُ الكُهولِ ونَسلُهُم‏إذا عُدَّ نَسلٌ لا يَبورُ ولا يَخزى‏ ۴

1.الخَتْرُ : الغَدْرُ (الصحاح : ج ۲ ص ۶۴۲ «ختر») .

2.اقتباس من الآية ۹۲ من سورة النحل .

3.مريم : ۸۹ - ۹۰ .

4.بلاغات النساء : ص ۳۷ عن يحيى بن الحجّاج .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
414

۱۵۱۰.بلاغات النساء عن جعفر بن محمد [الصادق‏] عن آبائه عليهم السلام : لَمّا اُدخِلَ بِالنِّسوَةِ مِن كَربَلاءَ إلَى الكوفَةِ ، كانَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه السلام ضَئيلاً قَد نَهَكَتهُ العِلَّةُ ، ورَأَيتُ نِساءَ أهلِ الكوفَةِ مُشَقَّقاتِ الجُيوبِ عَلَى الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام ، فَرَفَعَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام رَأسَهُ فَقالَ : ألا إنَّ هؤُلاءِ يَبكينَ ، فَمَن قَتَلَنا ؟
ورَأَيتُ اُمَّ كُلثومٍ عليها السلام ولَم أرَ خَفِرَةً وَاللَّهِ أنطَقَ مِنها ، كَأَنَّما تَنطِقُ وتُفرِغُ عَلى‏ لِسانِ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام ، وقَد أومَأَت إلَى النّاسِ أنِ اسكُتوا . فَلَمّا سَكَنَتِ الأَنفاسُ ، وهَدَأَتِ الأَجراسُ ، قالَت :

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14250
صفحه از 952
پرینت  ارسال به