387
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني

ومَضَى المُؤَلِّفُ يَقولُ : وكُنتُ أعلَمُ مِقدارَ وَزنِهِ ، وأظُنُّهُ سَبعَةَ آلافِ دِرهَمٍ ، وَاستَطرَدَ يَقولُ : إنَّ هذِهِ الأَمارَةَ تَدُلُّ عَلى‏ أنَّ هذَا الرَّأسَ دُفِنَ بِدِمَشقَ ، وبَعدَها بِنَحوِ مِئَةِ عامٍ ظَهَرَ مَشهَدُ عَسقَلانَ ، وَانتُقِلَ مِن عَسقَلانَ إلَى القاهِرَةِ بِواسِطَةِ المَلِكِ الصّالِحِ طَلائِعَ ۱ في نِصفِ القَرنِ السّادِسِ . ۲

۱۴۷۶.لواعج الأشجان : حَكى‏ غَيرُ واحِدٍ مِنَ المُؤَرِّخينَ أنَّ الخَليفَةَ العَلَوِيَّ بِمِصرَ أرسَلَ إلى‏ عَسقَلانَ - وهِيَ مَدينَةٌ كانَت بَينَ مِصرَ وَالشّامِ ، وَالآنَ هِيَ خَرابٌ - فَاستَخرَجَ رَأساً زَعَمَ أنَّهُ رَأسُ الحُسَينِ عليه السلام ، وجي‏ءَ بِهِ إلى‏ مِصرَ ، فَدَفَنَ فيها فِي المَشهَدِ المَعروفِ الآنَ ، وهُوَ مَشهَدٌ مُعَظَّمٌ يُزارُ ، وإلى‏ جانِبِهِ مَسجِدٌ عَظيمٌ رَأَيتُهُ في سَنَةِ إحدى‏ وعِشرينَ بَعدَ الثَّلاثِمِئَةٍ وألفٍ ، وَالمِصرِيّونَ يَتَوافَدونَ إلى‏ زِيارَتِهِ أفواجاً رِجالاً ونِساءً ، ويَدعونَ ويَتَضَرَّعونَ عِندَهُ . وأخْذُ العَلَوِيّينَ لِذلِكَ الرَّأسِ مِن عَسقَلانَ ودَفنُهُ بِمِصرَ كَأَنَّهُ لا رَيبَ فيهِ ، لكِنَّ الشَّأنَ في كَونِهِ رَأسَ الحُسَينِ عليه السلام . ۳

۱۴۷۷.البداية والنهاية : اِدَّعَتِ الطّائِفَةُ المُسَمَّونَ بِالفاطِمِيّينَ - الَّذينَ مَلَكُوا الدِّيارَ المِصرِيَّةَ قَبلَ سَنَةِ أربَعِمِئَةٍ إلى‏ ما بَعدَ سَنَةِ سِتّينَ وسِتِّمِئَةٍ - أنَّ رَأسَ الحُسَينِ عليه السلام وَصَلَ إلَى الدِّيارِ المِصرِيَّةِ ، ودَفَنوهُ بِها ، وبَنَوا عَلَيهِ المَشهَدَ المَشهورَ بِهِ بِمِصرَ ، الَّذي يُقالُ لَهُ تاجُ الحُسَينِ ، بَعدَ سَنَةِ خَمسِمِئَةٍ .
وقَد نَصَّ غَيرُ واحِدٍ مِن أئِمَّةِ أهلِ العِلمِ عَلى‏ أنَّهُ لا أصلَ لِذلِكَ ، وإنَّما أرادوا أن يُرَوِّجوا بِذلِكَ بُطلانَ مَا ادَّعَوهُ مِنَ النَّسَبِ الشَّريفِ ، وهُم في ذلِكَ كَذَبَةٌ خَوَنَةٌ ، وقَد نَصَّ عَلى‏ ذلِكَ القاضِي الباقِلّانِيُّ وغَيرُ واحِدٍ مِن أئِمَّةِ العُلَماءِ في دَولَتِهِم في حُدودِ سَنَةِ

1.طلائع بن رُزَّيك (ت ۵۵۶ ه)، الملقّب ب «المَلك الصالح»، كان وزيراً للفاطميّين في مصر، وكان على مذهب الإمامية (الأعلام للزِّركلي: ج ۲ ص ۴۴۹).

2.سيرة الأئمّة الاثني عشر : ج ۲ ص ۸۱ .

3.لواعج الأشجان : ص ۱۹۱ .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
386

الفِرنَجُ عَسقَلانَ ، وهُوَ خَلفَ دارِ المَملَكَةِ يُزارُ . ۱

۱۴۷۴.مثير الأحزان : حَدَّثَني جَماعَةٌ مِن أهلِ مِصرَ أنَّ مَشهَدَ الرَّأسِ عِندَهُم يُسَمّونَهُ «مَشهَدَ الكَريمِ» ، عَلَيهِ مِنَ الذَّهَبِ شَي‏ءٌ كَثيرٌ ، يَقصِدونَهُ فِي المَواسِمِ ويَزورونَهُ ، ويَزعُمونَ أنَّهُ مَدفونٌ هُناكَ . ۲

۱۴۷۵.سيرة الأئمّة الاثني عشر : مِمَّن رَجَّحَ دَفنَهُ في دِمَشقَ ابنُ أبِي الدّينارِ البَلاذُرِيُّ في تاريخِهِ ، وَالواقِدِيُّ أيضاً ، وهؤُلاءِ بَينَ مَن ذَهَبَ إلى‏ أنَّهُ مَدفونٌ بِبابِ الفَراديسِ ، وبَينَ مَن ذَهَبَ إلى‏ أنَّ يَزيدَ بنَ مُعاوِيَةَ دَفَنَهُ في قَبرِ أبيهِ ، وبَينَ مَن ذَهَبَ إلى‏ أنَّهُ دُفِنَ فِي المَسجِدِ ، وقيلَ في سُوَرِ البَلَدِ ، وبَعدَ ذلِكَ نُقِلَ مِن دِمَشقَ إلى‏ عَسقَلانَ بِواسِطَةِ الفاطِمِيّينَ ، وبَقِيَ بِها إلَى القَرنِ الخامِسِ الهِجرِيِّ .
ومِمَّن ذَهَبَ إلى‏ ذلِكَ عُثمانُ مَدوخ في كِتابِهِ «العَدلُ الشّاهِدُ في تَحقيقِ المَشاهِدِ» ، فَقَد قالَ في كِتابِهِ - بَعدَ أن عَرَضَ هذِهِ المَراحِلَ - : وَالدَّليلُ عَلى‏ ذلِكَ أنَّ بَعضَ العُلَماءِ عَمَدَ إلى‏ مَكانٍ قَديمٍ قَريبٍ مِن بابِ الفَراديسِ ، وشَرَعَ في هَدمِهِ ؛ لِيَجعَلَهُ خِزانَةً لِحِفظِ الكُتُبِ ، فَعَثَرَ عَلى‏ طاقٍ فِي الجِدارِ مُحكَمِ السَّدِّ بِحَجَرِ كَبيرٍ ، مَكتوبٌ عَلَيهِ بِالنَّقشِ فِي الحَجَرِ ، ما فَهِموا مِنهُ أنَّ هذا مَشهَدُ رَأسِ الحُسَينِ السِّبطِ عليه السلام ، فَرَفَعوا ذلِكَ إلى‏ والِي الشّامِ ، فَذَهَبَ ورَأى‏ ذلِكَ بِنَفسِهِ ، وأمَرَهُم أن لا يُحدِثوا فِي المَكانِ شَيئاً ، ثُمَّ رَفَعَ الأَمرَ إلَى السُّلطانِ عَبدِ المَجيدِ خان بنِ السُّلطانِ محمود خان ، فَأَمَرَ بِكَشفِ ذلِكَ المَكانِ بِحُضورِ جُمهورٍ مِنَ العُلَماءِ وَالاُمَراءِ ووُجوهِ النّاسِ ، وكَشَفُوا الحَجَرَ الَّذي عَلَيهِ الكِتابَةُ ، فَوَجَدوا فَجوَةً خالِيَةً لَيسَ فيها شَي‏ءٌ ، وبَعدَ أن رَآهَا الحاضِرونَ أمَرَ بِسَدِّها كَما كانَت ، ورَفَعَ ذلِكَ إلَى السُّلطانِ عَبدِ المَجيدِ ، فَأَمَرَ بِصُنعِ طَوقٍ مِنَ الفِضَّةِ حَولَ الحَجَرِ .

1.معجم البلدان : ج ۵ ص ۱۴۲ .

2.مثير الأحزان : ص ۱۰۷ ، بحار الأنوار : ج ۴۵ ص ۱۴۴ .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10406
صفحه از 952
پرینت  ارسال به