201
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني

بنُ سَعدِ بنِ نُفَيلٍ الأَزدِيُّ: وَاللَّهِ لَأَشُدَّنَّ عَلَيهِ! فَقُلتُ لَهُ: سُبحانَ اللَّهِ! وما تُريدُ إلى‏ ذلِكَ؟! يَكفيكَ قَتلُ هؤُلاءِ الَّذينَ تَراهُم قَدِ احتَوَلوهُم. قالَ: فَقالَ: وَاللَّهِ لَأَشُدَّنَّ عَلَيهِ؛ فَشَدَّ عَلَيهِ ، فَما وَلّى‏ حَتّى‏ ضَرَبَ رَأسَهُ بِالسَّيفِ، فَوَقَعَ الغُلامُ لِوَجهِهِ، فَقالَ: يا عَمّاه!
قالَ: فَجَلَّى ۱ الحُسَينُ عليه السلام كَما يُجَلِّي الصَّقرُ، ثُمَّ شَدَّ شِدَّةَ لَيثٍ غُضُبٍّ، ۲ فَضَرَبَ عَمراً بِالسَّيفِ، فَاتَّقاهُ بِالسّاعِدِ، فَأَطَنَّها ۳ مِن لَدُنِ المِرفَقِ، فَصاحَ، ثُمَّ تَنَحّى‏ عَنهُ وحَمَلَت خَيلٌ لِأَهلِ الكوفَةِ لِيَستَنقِذوا عَمراً مِن حُسَينٍ عليه السلام، فَاستَقبَلَت عَمراً بِصُدورِها، فَحَرَّكَت حَوافِرَها وجالَتِ الخَيلُ بِفُرسانِها عَلَيهِ فَوَطِئَتهُ حَتّى‏ ماتَ.
وَانجَلَتِ الغَبرَةُ، فَإِذا أنَا بِالحُسَينِ عليه السلام قائِمٌ عَلى‏ رَأسِ الغُلامِ، وَالغُلامُ يَفحَصُ بِرِجلَيهِ؛ وحُسَينٌ عليه السلام يَقولُ: بُعداً لِقَومٍ قَتَلوكَ، ومَن خَصمُهُم يَومَ القِيامَةِ فيكَ جَدُّكَ! ثُمَّ قالَ: عَزَّ وَاللَّهِ عَلى‏ عَمِّكَ أن تَدعُوَهُ فَلا يُجيبَكَ ، أو يُجيبَكَ ثُمَّ لا يَنفَعَكَ! صَوتٌ وَاللَّهِ كَثُرَ واتِرُهُ ۴ وقَلَّ ناصِرُهُ.
ثُمَّ احتَمَلَهُ، فَكَأَنّي أنظُرُ إلى‏ رِجلَيِ الغُلامِ يَخُطّانِ فِي الأَرضِ، وقَد وَضَعَ حُسَينٌ صَدرَهُ عَلى‏ صَدرِهِ، قالَ: فَقُلتُ في نَفسي: ما يَصنَعُ بِهِ؟ فَجاءَ بِهِ حَتّى‏ ألقاهُ مَعَ ابنِهِ عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ وقَتلى‏ قَد قُتِلَت حَولَهُ مِن أهلِ بَيتِهِ، فَسَأَلتُ عَنِ الغُلامِ، فَقيلَ: هُوَ القاسِمُ بنُ الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ . ۵

1.جَلّى‏ ببصره: إذا رمى‏ به كما ينظر الصقر (الصحاح: ج ۶ ص ۲۳۰۵ «جلا») .

2.غُضُبٌّ : شديد الغضب (لسان العرب : ج ۱ ص ۶۴۹ «غضب») .

3.يقال : ضربَ رجلَه فأطَنَّ ساقَهُ : أي قَطَعَها (لسان العرب : ج ۱۳ ص ۲۶۸ «طنن») .

4.الوِتْرُ: الجناية التي يجنيها الرجل على‏ غيره من قتل أو نهب أو سبي (لسان العرب: ج ۵ ص ۲۷۴ «وتر») .

5.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۴۴۷، الكامل في التاريخ: ج ۲ ص ۵۷۰، الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة): ج ۱ ص ۴۷۱، مقاتل الطالبيّين: ص ۹۳ ؛ مثير الأحزان : ص ۶۹ وفي الثلاثة الأخيرة «عمرو بن سعيد بن نفيل الأزدي» ، الإرشاد: ج ۲ ص ۱۰۷ وفيه «عمر بن سعيد بن نفيل الأزدي»، الملهوف: ص ۱۶۷ وفيه «ابن فضيل الأزدي» بدل «عمرو بن سعد بن نفيل الأزدي» وكلّها نحوه وراجع : أنساب الأشراف: ج ۳ ص ۴۰۶ .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
200

وحملت خيلُ أهل الكوفة ليستنقذوا عَمراً من الحسين، فاستقبلته بصدورها وجرحته بحوافرها ووطئته حتّى مات الغلام، فانجلت الغبرة، فإذا بالحسين عليه السلام قائم على رأس الغلام وهو يفحص برجله... . ۱
والآن نلفت انتباه القرّاء إلى التعليق الذي كتبه محقّق بحار الأنوار المحترم، على عبارة «حتّى مات الغلام»:
قد اُقحم هاهنا لفظ «الغلام» وهو سهو ظاهر، يخالف نسخة المقاتل والإرشاد ومناقب ابن شهرآشوب، ويخالف لفظ الكتاب أيضاً، حيث يقول بعده «وهو يفحص برجله» فإنّما يفحص برجله: أي يجود بنفسه، الذي لم يمت بعد، خصوصاً مع مخاطبة الحسين عليه السلام له بقوله: «يعزّ واللَّه على عمّك...» إلخ؛ فمات تحت حوافر الخيل وسنابكها عدوّ اللَّه عمرو بن سعد بن نفيل الأزدي لا رحمه اللَّه، ولكن عبارة المصنّف رحمه اللَّه تقيد أنَّه هو القاسم بن الحسن عليه السلام .
أمّا نسخة المقاتل ففيه: فضرب عَمراً بالسيف، فاتّقاه بساعده، فأطَنّها من لدن المرفق ثمّ تنحّى عنه، وحملت خيل عمر بن سعد لتستنقذه من الحسين عليه السلام، فلمّا حملت الخيل استقبلته بصدورها وجالت فوطأته فلم يُرم حتّى مات لعنه اللَّه وأخزاه، فلما تجلّت الغبرة إذا بالحسين عليه السلام على رأس الغلام وهو يفحص برجله، وحسين يقول : الخبر. وقد يظهر أنّ لفظ «الغلام» كان في نسخة المصنّف مصحّفاًعن كلمة «لعنه اللَّه» التي تكتب هكذا «لع» . ۲

وأمّا ما روي في المصادر المعتبرة حول مقتل القاسم عليه السلام، فهو كالتالي:

۱۰۶۷.تاريخ الطبري عن حميد بن مسلم: خَرَجَ إلَينا غُلامٌ كَأَنَّ وَجهَهُ شِقَّةُ قَمَرٍ، في يَدِهِ السَّيفُ، عَلَيهِ قَميصٌ وإزارٌ ونَعلانِ قَدِ انقَطَعَ شِسعُ ۳ أحَدِهِما - ما أنسى‏ أنَّهَا اليُسرى‏ - فَقالَ لي عَمرُو

1.بحار الأنوار: ج ۴۵ ص ۳۵ وراجع: تسلية المجالس: ج ۲ ص ۳۰۵.

2.بحار الأنوار: ج ۴۵ ص ۳۵ .

3.الشِّسْع: أحد سيور النعل، وهو الذي يدخل بين الإصبعين (النهاية: ج ۲ ص ۴۷۲ «شسع») .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14312
صفحه از 952
پرینت  ارسال به