فَلَمّا رَآهُ الحُسَينُ عليه السلام مَصروعاً عَلى شَطِّ الفُراتِ، بَكى وأنشَأَ يَقولُ:
تَعَدَّيتُمُ يا شَرَّ قَومٍ بِفِعلِكُمُوخالَفتُمُ قَولَ النَّبِيِّ مُحَمَّدِ
أما كانَ خَيرُ الرُّسُلِ وَصّاكُم بِناأما نَحنُ مِن نَسلِ النَّبِيِّ المُسَدَّدِ
أما كانَتِ الزَّهراءُ اُمِّيَ دونَكُمُأما كانَ مِن خَيرِ البَرِيَّةِ أحمَدِ
لُعِنتُم واُخزيتُم بِما قَد جَنَيتُمُفَسَوفَ تُلاقوا حَرَّ نارٍ تَوَقَّدِ . ۱
۱۰۵۳.شرح الأخبار: كانَ الَّذي وَلِيَ قَتلَ العَبّاسِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام يَومَئِذٍ يَزيدُ بنُ زِيادٍ الحَنَفِيُّ، وأخَذَ سَلَبَهُ حَكيمُ بنُ طُفَيلٍ الطّائِيُّ، وقيلَ: إنَّهُ شَرِكَ في قَتلِهِ يَزيد .
وكانَ بَعدَ أن قُتِلَ إخوَتُهُ عَبدُ اللَّهِ وعُثمانُ وجَعفَرٌ مَعَهُ قاصِدينَ الماءَ. ويَرجِعُ وَحدَهُ بِالقِربَةِ فَيَحمِلُ عَلى أصحابِ عُبَيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ الحائِلينَ دونَ الماءِ، فَيَقتُلُ مِنهُم، ويَضرِبُ فيهِم حَتّى يَتَفَرَّجوا عَنِ الماءِ، فَيَأتِيَ الفُراتَ فَيَملَأَ القِربَةَ ويَحمِلَها، ويَأتِيَ بِهَا الحُسَينَ عليه السلام وأصحابَهُ، فَيَسقِيَهُم حَتّى تَكاثَروا عَلَيهِ، وأوهَنَتهُ الجِراحُ مِن النَّبلِ، فَقَتَلوهُ كَذلِكَ بَينَ الفُراتِ والسُّرادِقِ ۲ وهُوَ يَحمِلُ الماءَ، وثَمَّ قَبرُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ. وقَطَعوا يَدَيهِ ورِجلَيهِ حَنَقاً عَلَيهِ ، ولِما أبلى فيهِم وقَتَلَ مِنهُم، فَلِذلِكَ سُمِّيَ السَّقّاءَ .
وفيهِ يَقولُ الفَضلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ عُبَيدِ اللَّهِ بنِ العَبّاسِ بنِ عَلِيٍّ :
أحَقُّ النّاسِ أن يُبكى عَلَيهِإذ أبكَى الحُسَينَ بِكَربَلاءِ ۳
أخوهُ وَابنُ والِدِهِ عَلِيٍأبُو الفَضلِ المُضَرَّجُ بِالدِّماءِ
ومَن واساهُ لا يَثنيهِ شَيءٌوجاءَ لَهُ عَلى عَطَشٍ بِماءِ . ۴
1.المناقب لابن شهرآشوب: ج ۴ ص ۱۰۸، بحار الأنوار: ج ۴۵ ص ۴۰.
2.السرادق: هو كلّ ما أحاط بشيء من حائط أو مضرب أو خباء (النهاية: ج ۲ ص ۳۵۹ «سردق») .
3.كذا في المصدر ، وهو خطأ واضح ، والصحيح : «فتىً أبكى الحسين بكربلاء» ، كما تقدّم في النقول السابقة عن الملهوف .
4.شرح الأخبار: ج ۳ ص ۱۹۱.