151
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني

يَومَئِذٍ الحُسَينَ عليه السلام وهُوَ يَقولُ: قَتَلَ اللَّهُ قَوماً قَتَلوكَ يا بُنَيَّ، ما أجرَأَهُم عَلَى اللَّهِ! وعَلَى انتِهاكِ حُرمَةِ الرَّسولِ صلى اللَّه عليه وآله! ثُمَّ قالَ : عَلَى الدُّنيا بَعدَكَ العَفاءُ.
قالَ حُمَيدٌ: وكَأَنّي أنظُرُ إلَى امرَأَةٍ خَرَجَت مُسرِعَةً كَأَنَّهَا الشَّمسُ الطّالِعَةُ ، تُنادي يا حَبيباه! يَا بنَ أخاه! فَسَأَلتُ عَنها فَقالوا: هذِهِ زَينَبُ بِنتُ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام، ثُمَّ جاءَت حَتَّى انكَبَّت عَلَيهِ، فَجاءَهَا الحُسَينُ عليه السلام فَأَخَذَ بِيَدِها إلَى الفُسطاطِ، وأقبَلَ إلَى ابنِهِ، وأقبَلَ فِتيانُهُ إلَيهِ فَقالَ : اِحمِلوا أخاكُم، فَحَمَلوهُ مِن مَصرَعِهِ ذلِكَ، ثُمَّ جاءَ بِهِ حَتّى‏ وَضَعَهُ بَينَ يَدَي فُسطاطِهِ.
حَدَّثَني أحمَدُ بنُ سَعيدٍ، قالَ: حَدَّثَني يَحيَى بنُ الحَسَنِ العَلَوِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا غَيرُ واحِدٍ ، عَن مُحَمَّدِ بنِ عُمَيرٍ ، عَن أحمَدَ بنِ عَبدِ الرَّحمنِ البَصرِيِّ ، عَن عَبدِ الرَّحمنِ بنِ مَهدِيٍّ ، عَن حَمّادِ بنِ سَلَمَةَ ، عَن سَعيدِ بنِ ثابِتٍ ، قالَ: لَمّا بَرَزَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه السلام إلَيهِم، أرخَى الحُسَينُ صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيهِ وسَلامُهُ عَينَيهِ فَبَكى‏، ثُمَّ قالَ: اللَّهُمَّ كُن أنتَ الشَّهيدَ عَلَيهِم، فَبَرَزَ إلِيهِم غُلامٌ أشبَهُ الخَلقِ بِرَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله .
فَجَعَلَ يَشُدُّ عَلَيهِم، ثُمَّ يَرجِعُ إلى‏ أبيهِ فَيَقولُ: يا أبَه العَطَشُ! فَيَقولُ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام: اِصبِر حَبيبي؛ فَإِنَّكَ لا تُمسي حَتّى‏ يَسقِيَكَ رَسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله بِكَأسِهِ، وجَعَلَ يَكُرُّ كَرَّةً بَعدَ كَرَّةٍ، حَتّى‏ رُمِيَ بِسَهمٍ فَوَقَعَ في حَلقِهِ فَخَرَقَهُ، وأقبَلَ يَنقَلِبُ في دَمِهِ، ثُمَّ نادى‏: يا أبَتاه، عَلَيكَ السَّلامُ، هذا جَدّي رَسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله يُقرِئُكَ السَّلامَ، ويَقولُ: عَجِّلِ القُدومَ إلَينا ، وشَهِقَ شَهقَةً فارَقَ الدُّنيا . ۱

۹۹۸.المناقب لابن شهر آشوب : تَقَدَّمَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ الأَكبَرُ عليه السلام ، وهُوَ ابنُ ثَمانَ عَشرَةَ سَنَةً، ويُقالُ : اِبنُ خَمسٍ وعِشرينَ، وكانَ يُشَبَّهُ بِرَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله خَلقاً وخُلُقاً ونُطقاً، وجَعَلَ يَرتَجِزُ ويَقولُ:
أنَا عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ بنِ عَلِيّ‏مِن عُصبَةٍ جَدُّ أبيهِمُ النَّبِيّ‏
نَحنُ وبَيتِ اللَّهِ أولى‏ بِالوَصِيّ‏وَاللَّهِ لا يَحكُمُ فينَا ابنُ الدَّعِيّ‏
أضرِبُكُم بِالسَّيفِ أحمي عَن أبي‏أطعَنُكُم بِالرُّمحِ حَتّى‏ يَنثَني‏
طَعنَ غُلامٍ هاشِمِيٍّ عَلَوِيّ‏
فَقَتَلَ سَبعينَ مُبارِزاً، ثُمَّ رَجَعَ إلى‏ أبيهِ وقَد أصابَتهُ جِراحاتٌ، فَقالَ: يا أبَه العَطَشُ، فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : يَسقيكَ جَدُّكَ، فَكَرَّ أيضاً عَلَيهِم وهُوَ يَقولُ:

الحَربُ قَد بانَت لَها حَقائِقُ‏وظَهَرَت مِن بَعدِها مَصادِقُ‏
وَاللَّهِ رَبِّ العَرشِ لا نُفارِقُ‏جُموعَكُم أو تُغمَدُ البَوارِقُ ۲
فَطَعَنَهُ مُرَّةُ بنُ مُنقِذٍ العَبدِيُّ عَلى‏ ظَهرِهِ غَدراً، فَضَرَبوهُ بِالسَّيفِ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام: عَلَى الدُّنيا بَعدَكَ العَفا، وضَمَّهُ إلى‏ صَدرِهِ وأتى‏ بِهِ إلى‏ بابِ الفُسطاطِ، فَصارَت اُمُّهُ شَهرَبانَوَيهِ وَلهى‏ ، تَنظُرُ إلَيهِ ولا تَتَكَلَّمُ، فَبَقِيَ الحُسَينُ عليه السلام وَحيداً ۳ . ۴

1.مقاتل الطالبيّين: ص ۱۱۵؛ بحار الأنوار: ج ۴۵ ص ۴۵ وراجع : مروج الذهب: ج ۳ ص ۷۱ وسير أعلام النبلاء: ج ۳ ص ۳۰۲ .

2.البَوارِقُ: لَمعَان السُّيوف (مجمع البحرين: ج ۱ ص ۱۴۴ «برق») .

3.ذكرت روايات اُخرى أنّ اُمّ عليّ الأكبر تُدعى «ليلى» . كما أنّ ما دلّ على أنّ عليّاً الأكبر هو أوّل شهيد من أهل البيت عليهم السلام ، فهو يعني أنّ العبّاس وإخوته كانوا أحياءً عند شهادة عليّ الأكبر .

4.المناقب لابن شهرآشوب: ج ۴ ص ۱۰۹ .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
150

فَأَكَبَّت عَلَيهِ ، فَجاءَ الحُسَينُ عليه السلام فَأَخَذَها ورَدَّها إلَى النِّساءِ .
ثُمَّ جَعَلَ أهلُ بَيتِهِ يَخرُجُ مِنهُمُ الرَّجُلُ بَعدَ الرَّجُلِ، حَتّى‏ قَتَلَ القَومُ مِنهُم جَماعَةً، فَصاحَ الحُسَينُ عليه السلام في تِلكَ الحالِ: صَبراً يا بَني عُمومَتي، صَبراً يا أهلَ بَيتي، صَبراً فَوَاللَّهِ لا رَأَيتُم هَواناً بَعدَ هذَا اليَومِ أبَداً . ۱

۹۹۷.مقاتل الطالبيّين: قالَ المَدائِنِيُّ ، عَنِ العَبّاسِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ رَزينٍ ، عن عَلِيِّ بنِ طَلحَةَ، وعَن أبي مِخنَفٍ عن عَبدِ الرَّحمنِ بنِ يَزيدَ بنِ جابِرٍ ، عَن حُمَيدِ بنِ مُسلِمٍ، وقالَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ البَصرِيُّ ، عَن أبي مِخنَفٍ عن زُهَيرِ بنِ عَبدِ اللَّهِ الخَثعَمِيِّ، وحَدَّثَنيهِ أحمَدُ بنُ سَعيدٍ ، عَن يَحيَى بنِ الحَسَنِ العَلَوِيِّ ، عَن بَكرِ بنِ عَبدِ الوَهّابِ ، عَن إسماعيلَ بنِ أبي إدريسَ ، عَن أبيهِ عَن جَعفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ ، عَن أبيهِ، دَخَلَ حَديثُ بَعضِهِم في حَديثِ الآخَرينَ: إنَّ أوَّلَ قَتيلٍ قُتِلَ مِن وُلدِ أبي طالِبٍ مَعَ الحُسَينِ عليه السلام ابنُهُ عَلِيٌّ، قالَ: فَأَخَذَ يَشُدُّ عَلَى النّاسِ وهُوَ يَقولُ :

أنَا عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ بنِ عَلِيّ‏نَحنُ وبَيتِ اللَّهِ أولى‏ بِالنَّبِيّ‏
مِن شَبَثٍ ذاكَ ومِن شِمرِ الدَّنِيّ؟أضرِبُكُم بِالسَّيفِ حَتّى‏ يَلتَوي‏
ضَربَ غُلامٍ هاشِمِيٍّ عَلَوِيّ‏ولا أزالُ اليَومَ أحمي عَن أبي‏
وَاللَّهُ لا يَحكُمُ فينَا ابنُ الدَّعِي‏
فَفَعَلَ ذلِكَ مِراراً، فَنَظَرَ إلَيهِ مُرَّةُ بنُ مُنقِذٍ العَبدِيُّ، فَقالَ: عَلَيَّ آثامُ العَرَبِ ، إن هُوَ فَعَلَ مِثلَ ما أراهُ يَفعَلُ، ومَرَّ بي أن اُثكِلَهُ اُمَّهُ.
فَمَرَّ يَشُدُّ عَلَى النّاسِ ويَقولُ كَما كانَ يَقولُ، فَاعتَرَضَهُ مُرَّةُ وطَعَنَهُ بِالرُّمحِ فَصَرَعَهُ، وَاعتَوَرَهُ ۲ النّاسُ فَقَطَّعوهُ بِأَسيافِهِم.
وقالَ أبو مِخنَفٍ: عَن سُلَيمانَ بنِ أبي راشِدٍ ، عَن حُمَيدِ بنِ مُسلِمٍ ، قالَ: سَماعُ اُذُني

1.الملهوف: ص ۱۶۶ .

2.اعْتَوَروا الشي‏ء: أي تداولوه فيما بينهم (الصحاح: ج ۲ ص ۷۶۲ «عور») .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14321
صفحه از 952
پرینت  ارسال به