149
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني

أخاكُم، فَحَمَلوهُ حَتّى‏ وَضَعوهُ بَينَ يَدَيِ الفُسطاطِ الَّذي كانوا يُقاتِلونَ أمامَهُ . ۱

۹۹۶.الملهوف: فَلَمّا لَم يَبقَ مَعَهُ إلّا أهلُ بَيتِهِ، خَرَجَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه السلام - وكانَ مِن أصبَحِ النّاسِ وَجهاً ، وأحسَنِهِم خُلُقاً - فَاستَأذَنَ أباهُ فِي القِتالِ، فَأذِنَ لَهُ؛ ثُمَّ نَظَرَ إلَيهِ نَظرَةَ آيِسٍ مِنهُ، وأرخى‏ عليه السلام عَينَيهِ وبَكى‏ .
ثُمَّ قالَ: اللَّهُمَّ اشهَد، فَقَد بَرَزَ إلَيهِم غُلامٌ أشبَهُ النّاسِ خَلقاً وخُلُقاً ومَنطِقاً بِرَسولِكَ صلى اللَّه عليه وآله، وكُنّا إذَا اشتَقنا إلى‏ نَبِيِّكَ نَظَرنا إلَيهِ . فَصاحَ وقالَ: يَا بنَ سَعدٍ، قَطَعَ اللَّهُ رَحِمَكَ كَما قَطَعتَ رَحِمي.
فَتَقَدَّمَ نَحوَ القَومِ، فَقاتَلَ قِتالاً شَديداً ، وقَتَلَ جَمعاً كَثيراً، ثُمَّ رَجَعَ إلى‏ أبيهِ وقالَ: يا أبَتِ! العَطَشُ قَد قَتَلَني ، وثِقلُ الحَديدِ ۲ قَد أجهَدَني، فَهَل إلى‏ شَربَةِ ماءٍ مِن سَبيلٍ؟
فَبَكَى الحُسَينُ عليه السلام وقالَ: واغَوثاه! يا بُنَيَّ مِن أينَ آتي بِالماءِ، قاتِل قَليلاً، فَما أسرَعَ ما تَلقى‏ جَدَّكَ مُحَمَّداً صلى اللَّه عليه وآله، فَيَسقيكَ بِكَأسِهِ الأَوفى‏ شَربَةً لا تَظمَأُ بَعدَها.
فَرَجَعَ إلى‏ مَوقِفِ النِّزالِ، وقاتَلَ أعظَمَ القِتالِ، فَرَماهُ مُنقِذُ بنُ مُرَّةَ العَبدِيُّ بِسَهمٍ فَصَرَعَهُ، فَنادى‏: يا أبَتاه عَلَيكَ مِنِّي السَّلامُ، هذا جَدّي يُقرِئُكَ السَّلامَ، ويَقولُ لَكَ: عَجِّلِ القُدومَ عَلَينا، ثُمَّ شَهِقَ شَهقَةً فَماتَ.
فَجاءَ الحُسَينُ عليه السلام حَتّى‏ وَقَفَ عَلَيهِ، ووَضَعَ خَدَّهُ عَلى‏ خَدِّهِ، وقالَ: قَتَلَ اللَّهُ قَوماً قَتَلوكَ! ما أجرَأَهُم عَلَى اللَّهِ! وعَلَى انتِهاكِ حُرمَةِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وآلِهِ! عَلَى الدُّنيا بَعدَكَ العَفاءُ .
قالَ الرّاوي : وخَرَجَت زَينَبُ بِنتُ عَلِيٍّ عليه السلام تُنادي: يا حَبيباه، يَا بنَ أخاه! وجاءَت

1.الإرشاد: ج ۲ ص ۱۰۶ ، مثير الأحزان: ص ۶۸ ، إعلام الورى: ج ۱ ص ۴۶۴ كلاهما نحوه وليس فيهما من «اضرب» إلى «قرشي» .

2.ويحتمل أن يكون مراد عليّ بن الحسين عليه السلام من ثقل الحديد كثرة عسكر المخالفين (راجع : نفس المهموم: ص ۵۸۹) .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
148

ويَابنَ اُخَيّاه! قالَ: فَسَأَلتُ عَلَيها، فَقيلَ: هذِهِ زَينَبُ ابنَةُ فاطِمَةَ ابنَةِ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، فَجاءَت حَتّى‏ أكَبَّت عَلَيهِ، فَجاءَهَا الحُسَينُ عليه السلام فَأَخَذَ بِيَدِها فَرَدَّها إلَى الفُسطاطِ .
وأقبَلَ الحُسَينُ عليه السلام إلَى ابنِهِ، وأقبَلَ فِتيانُهُ إلَيهِ، فَقالَ: اِحمِلوا أخاكُم، فَحَمَلوهُ مِن مَصرَعِهِ حَتّى‏ وَضَعوهُ بَينَ يَدَيِ الفُسطاطِ الَّذي كانوا يُقاتِلونَ أمامَهُ . ۱

۹۹۵.الإرشاد: ولَم يَزَل يَتَقَدَّمُ رَجُلٌ رَجُلٌ مِن أصحابِهِ فَيُقتَلُ، حَتّى‏ لَم يَبقَ مَعَ الحُسَينِ عليه السلام إلّا أهلُ بَيتِهِ خاصَّةً . فَتَقَدَّمَ ابنُهُ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه السلام - واُمُّهُ لَيلى‏ بِنتُ أبي مُرَّةَ بنِ عُروَةَ بنِ مَسعودٍ الثَّقَفِيِّ - وكانَ مِن أصبَحِ النّاسِ وَجهاً، ولَهُ يَومَئِذٍ بِضعَ عَشرَةَ سَنَةً، فَشَدَّ عَلَى النّاسِ، وهُوَ يَقولُ:

أنَا عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ بنِ عَلِيّ‏نَحنُ وبَيتِ اللَّهِ أولى‏ بِالنَّبِيّ‏
تَاللَّهِ لا يَحكُمُ فينَا ابنُ الدَّعِيّ‏أضرِبُ بِالسَّيفِ اُحامي عَن أبي‏
ضَربَ غُلامٍ هاشِمِيٍّ قُرَشِيّ‏
فَفَعَلَ ذلِكَ مِراراً وأهلُ الكوفَةِ يَتَّقونَ قَتلَهُ، فَبَصُرَ بِهِ مُرَّةُ بنُ مُنقِذٍ العَبدِيُّ، فَقالَ: عَلَيَّ آثامُ العَرَبِ ، إن مَرَّ بي يَفعَلُ مِثلَ ذلِكَ إن لَم اُثكِلهُ أباهُ، فَمَرَّ يَشتَدُّ عَلَى النّاسِ كَما مَرَّ فِي الأَوَّلِ، فَاعتَرَضَهُ مُرَّةُ بنُ مُنقِذٍ، فَطَعَنَهُ فَصُرِعَ، وَاحتَواهُ القَومُ فَقَطَّعوهُ بِأَسيافِهِم.
فَجاءَ الحُسَينُ عليه السلام حَتّى‏ وَقَفَ عَلَيهِ، فَقالَ: قَتَلَ اللَّهُ قَوماً قَتَلوكَ يا بُنَيَّ ، ما أجرَأَهُم عَلَى الرَّحمنِ وعَلَى انتِهاكِ حُرمَةِ الرَّسولِ! وَانهَمَلَت عَيناهُ بِالدُّموعِ، ثُمَّ قالَ: عَلَى الدُّنيا بَعدَكَ العَفاءُ.
وخَرَجَت زَينَبُ اُختُ الحُسَينِ مُسرِعَةً تُنادي: يا اُخَيّاه وَابنَ اُخَيّاه، وجاءَت حَتّى‏ أكَبَّت عَلَيهِ، فَأَخَذَ الحُسَينُ عليه السلام بِرَأسِها فَرَدَّها إلَى الفُسطاطِ، وأمَرَ فِتيانَهُ فَقالَ: اِحمِلوا

1.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۴۴۶، الكامل في التاريخ: ج ۲ ص ۵۶۹ نحوه وفيه «سويد بن أبي المطاع الخثعمي» وراجع : تاريخ دمشق: ج ۶۹ ص ۱۶۹ والمنتظم: ج ۵ ص ۳۴۰.

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14333
صفحه از 952
پرینت  ارسال به