11
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني

ثُمَّ هِيَ الكَرامَةُ الَّتي لَا انقِضاءَ لَها أبَداً ؟! ۱
وكذلك كلام زهير بن القين، حيث قال :
وَاللَّهِ ، لَوَدِدتُ أنّي قُتِلتُ ، ثُمَّ نُشِرتُ ، ثُمَّ قُتِلتُ حَتّى‏ اُقتَلَ كَذا ألفَ قَتلَةٍ ، وأنَّ اللَّهَ يَدفَعُ بِذلِكَ القَتلَ عَن نَفسِكَ وعَن أنفُسِ هؤُلاءِ الفِتيَةِ مِن أهلِ بَيتِكَ . ۲
فهذه الكلمات التي صدرت عن أفرادٍ غير مجبورين على اختيار طريق الشهادة ، ومن الممكن أن يسلكوا سبيل العافية بابتعادهم عن الإمام ، إن دلّت على شي‏ء فإنّما تدلّ على استحكام إيمانهم وحركتهم في ظلّ نور اليقين .

۳ . شهود الحقائق الغيبية

إنّ أصحاب الإمام الحسين عليه السلام - استناداً إلى عدد من الروايات - ، رأوا مواضعهم في الجنّة ، لذا كانوا يذهبون لاستقبال الشهادة باشتياق كامل .
يقول محمّد بن عمارة : سألت الإمام الصادق عليه السلام : كيف كان أصحاب الإمام الحسين عليه السلام يستقبلون الموت؟ فأجاب قائلاً :
إنَّهُم كُشِفَ لَهُمُ الغِطاءُ حَتّى‏ رَأَوا مَنازِلَهُم مِنَ الجَنَّةِ ... . ۳
وجاء في رواية اُخرى عن الإمام زين العابدين عليه السلام أنّه عندما أذن الإمام لأصحابه أن يتركوه وحيداً، فلم يوافقوا على ذلك ، فأكّد الإمام عليه السلام :
إنَّكُم تُقتَلونَ غَداً كَذلِكَ ، لا يُفلِتُ مِنكُم رَجُلٌ .
قالوا : الحَمدُ للَّهِ‏ِ الَّذي شَرَّفَنا بِالقَتلِ مَعَكَ .
ثُمَّ دَعا ، وقالَ لَهُم : اِرفَعوا رُؤوسَكُم وَانظُروا . فَجَعَلوا يَنظُرونَ إلى‏ مَواضِعِهِم ومَنازِلِهِم مِنَ الجَنَّةِ ، وهُوَ يَقولُ لَهُم :

1.راجع : ج ۱ ص ۷۵۰ ح ۸۱۰.

2.راجع : ج ۱ ص ۷۵۴ ح ۸۱۹.


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
10

أنّي لا أعلَمُ أصحاباً خَيراً مِن أصحابي ۱ . ۲
وتدلّ هذه الأحاديث على أنّ أصحاب الإمام الحسين عليه السلام كانوا اُناساً كاملين في عصر ذلك الإمام العظيم ۳ ، ولذا ورد في الزيارة الرجبيّة :
السَّلامُ عَلَيكُم أيُّهَا الرَّبّانِيّونَ ، أنتُم خِيَرَةُ اللَّهِ ، اختارَكُمُ اللَّهُ لِأَبي عَبدِ اللَّهِ عَلَيهِ السَّلامُ . ۴
كما جاء في زيارة الناحية المقدّسة :
السَّلامُ عَلَيكُم يا خَيرَ أنصارٍ . ۵

۲ . بلوغهم قمّة اليقين

إنّ كلام عدد من أصحاب الإمام في إبراز الحبّ والوفاء له ، يدلّ على أنّهم بلغوا قمّة اليقين التي تمثّل ذروة الكمالات الإنسانيّة ، مثل كلام سعيد بن عبد اللَّه الحنفي مخاطباً الإمام عليه السلام :
وَاللَّهِ ، لَو عَلِمتُ أنّي اُقتَلُ ، ثُمَّ اُحيا ، ثُمَّ اُحرَقُ حَيّاً ، ثُمَّ اُذَرُّ ، يُفعَلُ ذلِكَ بي سَبعينَ مَرَّةً ما فارَقتُكَ حَتّى‏ ألقى‏ حِمامي دونَكَ ، فَكَيفَ لا أفعَلُ ذلِكَ ! وإنَّما هِيَ قَتلَةٌ واحِدَةٌ ،

1.راجع : ج ۱ ص ۷۵۲ ح ۸۱۳ .

2.وقد وردت تعابير اُخرى أيضاً منها : اللّهمّ إنّي لا أعرف ... ولا أصحاباً هم خير من أصحابي (الأمالي للصدوق : ص ۲۲۰ ح ۲۳۹). فإنّي لا أعلم أصحاباً خيراً منكم (الملهوف : ص ۱۵۱). إنّي لا أعلم أصحاباً أصحّ منكم (الفتوح : ج ۵ ص ۹۵) .

3.يرى الاُستاذ الشهيد العلّامة المطهري أنّ العبارات المذكورة تدلّ على أنّ أصحاب الإمام الحسين عليه السلام كانوا أفضل من أصحاب النبيّ صلى اللَّه عليه وآله في حرب بدر وأصحاب الإمام عليّ عليه السلام وأصحاب جميع الأنبياء ، إلّا أنّه ونظراً للعبارات الواردة في ذيلها ، فإنّه يجب التأمّل في هذا الرأي (راجع : حماسه حسيني «بالفارسيّة» : ج ۱ ص ۱۳۵) .

4.راجع : موسوعة الإمام الحسين عليه السلام : ج ۸ ص ۱۶۷ ح ۳۵۲۴ .

5.راجع : ص ۸۷۵ ح ۲۱۴۹.

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 9725
صفحه از 952
پرینت  ارسال به