89
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

۳ . الشيعة من الطبقة الثالثة

كانت المجموعة الثالثة من محبّي أهل البيت عليهم السلام تتمثّل في الأشخاص الذين لم يكونوا يدافعون عن أهل البيت عليهم السلام في الظاهر والباطن مثل المجموعة الاُولى ، كما لم يكن حبّهم ظاهريّاً مثل المجموعة الثانية، و إنّما كانت هذه المجموعة تحبّ أهل البيت عليهم السلام حبّاً صادقاً ، ولكنّها لم تكن تجرؤ على إظهار ولائها لهم ، وهم حسب تعبير الإمام الصادق عليه السلام محبّون من النمط الأوسط ، وهذا هو نصّ حديث الإمام :
وَالطَّبَقَةُ الثالِثَةُ : النَّمَطُ الأَوسَطُ ، أحَبّونا فِي السِّرِّ وَلَم يُحِبّونا فِي العَلانِيَةِ .
ثمّ يقول عليه السلام في بيان خصائص المجموعة الثالثة :
وَلَعَمري لَئِن كانوا أحَبّونا فِي السرِّ دُونَ العَلانِيَةِ فَهُمُ الصَّوامونَ بِالنَّهارِ القَوّامونَ بِاللَّيلِ ، تَرى‏ أثَرَ الرَّهبانِيَةَ في وُجوهِهِم ، أهلُ سِلمٍ وَانقِيادٍ .۱
وروي عن الإمام الباقر عليه السلام تقسيم آخر للشيعة وهو قوله :
الشيعَةُ ثَلاثَةُ أصنافٍ : صِنفٌ يَتَزيَّنونَ بِنا ، وَصِنفٌ يَستَأكِلونَ بِنا ، وَصِنفٌ مِنّا وَإلَينا .۲واستناداً إلى هذه الروايات يمكن تقسيم مدّعي التشيّع في الكوفة إلى ثلاث طوائف :
الطائفة الاُولى : الأشخاص الذين كانت قلوبهم مع أهل البيت عليهم السلام ، وكانوا يدافعون من الناحية العمليّة - أيضاً - عن مبادئ هذه الاُسرة ، ولكنّ عددهم كان ضئيلاً .
الطائفة الثانية : الأشخاص الذين كانوا يحبّون أهل البيت عليهم السلام قلباً ، ولكنّهم لم يكونوا يجرؤون على الدفاع عن مبادئهم ، وكان عددهم أكثر من الطائفة الاُولى وأقلّ من الطائفة الثالثة .۳
الطائفة الثالثة : الأشخاص الذين كانوا يُظهرون وَلاءهم لأهل البيت عليهم السلام من أجل مصالحهم السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية ، ولكنّ سيوفهم كانت في خدمة أعدائهم . وأفراد هذه الطائفة - التي كانت تشكّل الغالبية - لم يكونوا شيعةً حقيقيّين .
وفي الحقيقة فإنّ الشيعة من ذوي المصالح السياسية والاقتصادية يتّبعون من يؤمّن لهم مصالحهم ، ولذلك فقد بايعوا مُسلِماً في ظلّ الأجواء التي أحسّوا فيها بغلبة الإمام الحسين عليه السلام ، ولكنّهم انضمّوا إلى صفّ شيعة بني اُمية عندما أدركوا أنّ تعاونَهم مع الإمام عليه السلام يشكّل خطراً عليهم .
وبناءً على ذلك ، فإنّ مسؤولية عدم دعم ثورة الإمام الحسين عليه السلام تقع على عاتق هؤلاء الشيعة المتّبعين لمصالحهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، وعلى عاتق الأشخاص الذين استغلّوا اسم الشيعة ، لا على عاتق الشيعة العقائديّين والحقيقيّين .

1.تحف العقول : ص ۳۲۵ ، بحار الأنوار : ج ۶۸ ص ۲۷۵ ح ۳۱ .

2.مشكاة الأنوار : ص ۱۲۷ ح ۲۹۷ .

3.ولعلّ سعد بن عبيدة يقصد هذا الفريق حينما يقول : إنّ أشياخاً من أهل الكوفة لوقوفٌ على التلّ يبكون ويقولون : اللَّهم أنزل نصرك . قال : قلت : يا أعداء اللَّه ! ألا تنزلون فتنصرونه؟! راجع : ص ۶۸۹ (القسم الخامس / الفصل الثاني / دعاء أشياخ من أهل الكوفة لانتصار الإمام عليه السلام وبكاؤهم) .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
88

وَالطَّبَقَةُ الثانِيَةُ : النَّمَطُ الأَسفَلُ ، أحَبّونا فِي العَلانِيَةِ وَساروا بِسيرَةِ المُلوكِ ، فَأَلسِنَتُهُم مَعَنا وَسُيوفُهُم عَلَينا .۱
وتُمثّل هذه المجموعةُ غالبيّة أهل الكوفة في عهد حكومة الإمام عليّ عليه السلام وسائر الأئمّة عليهم السلام ، وهم الذين كان الإمام علي عليه السلام يشكو منهم بشكلٍ متواصلٍ في أواخر حكمه ، حيث كان يقول :
يا أَشباهَ الرِّجالِ وَلا رِجالَ .۲
ويقول :
مُنيتُ بِمَن لا يُطيعُ .۳
ويقول :
لا غَناءَ في كَثرَةِ عَدَدِكُم .۴
ويقول :
لَبِئسَ حُشّاشُ نارِ الحَربِ أنتُم .۵
ويقول :
هَيهاتَ أن أطلُعَ بِكُم أسرارَ العَدلِ .۶
و استناداً إلى بعض الروايات فقد كان الإمام الحسن عليه السلام يصفهم عند بيان حكمة صلحه مع معاوية قائلاً :
يَقولونَ لَنا إنَّ قُلُوبَهُم مَعَنا وَإِنَّ سُيوفَهُم لَمَشهورَةٌ عَلَينا !۷ويقول‏الفرزدق في وصف هذه‏الطائفة من محبّي أهل‏البيت عليهم السلام عند لقائه الإمام الحسين عليه السلام:
القُلوبُ مَعَكَ ، وَالسُّيوفُ مَع بَني اُمَيَّةَ .۸
والملاحظة الملفتة للنظر في وصف المجموعة الثانية من محبّي أهل البيت عليهم السلام هي «أنّ ألسنتهم معنا وسيوفهم علينا» ، ولكن جاء في كلام الفرزدق والآخرين أنّ «القلوب مع أهل البيت والسيوف ضدّهم» . والحقيقة أنّ القلوب لو كانت مع أهل البيت عليهم السلام ، لما أمكن للسيوف أن تكون ضدّهم .
وتظهر المناهضة العمليّة لهذه الطائفة لأهل بيت الرسالة في أنّ ولاءهم لهذه الاُسرة لم يكن يتجاوز اللسان .

1.تحف العقول : ص ۳۲۵ .

2.نهج البلاغة : الخطبة ۲۷ ، الكافي : ج ۵ ص ۶ ح ۶ ، بحار الأنوار : ج ۳۴ ص ۶۵ ح ۹۳۱ .

3.نهج البلاغة : الخطبة ۳۹ ، بحار الأنوار : ج ۳۴ ص ۳۲ ح ۹۰۵ .

4.نهج البلاغة : الخطبة ۱۱۹ ، بحار الأنوار : ج ۳۴ ص ۹۶ ح ۹۴۲ .

5.نهج البلاغة : الخطبة ۱۲۵ ، الغارات : ج ۱ ص ۳۶ ، بحار الأنوار : ج ۳۴ ص ۴۹ ح ۹۱۰ - ۹۱۱ ، تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۹۰ .

6.نهج البلاغة : الخطبة ۱۳۱ ، بحار الأنوار : ج ۳۴ ص ۱۱۰ ح ۹۴۹ .

7.الاحتجاج : ج ۲ ص ۷۲ ح ۱۵۹ ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۱۴۷ ، ح ۱۴ .

8.راجع : ص ۵۲۴ ح ۶۶۲ .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 24207
صفحه از 1479
پرینت  ارسال به