817
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

فَقَتَلَ سَبعينَ مُبارِزاً، ثُمَّ رَجَعَ إلى‏ أبيهِ وقَد أصابَتهُ جِراحاتٌ، فَقالَ: يا أبَه العَطَشُ، فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : يَسقيكَ جَدُّكَ، فَكَرَّ أيضاً عَلَيهِم وهُوَ يَقولُ:


الحَربُ قَد بانَت لَها حَقائِقُ‏وظَهَرَت مِن بَعدِها مَصادِقُ‏
وَاللَّهِ رَبِّ العَرشِ لا نُفارِقُ‏جُموعَكُم أو تُغمَدُ البَوارِقُ‏۱
فَطَعَنَهُ مُرَّةُ بنُ مُنقِذٍ العَبدِيُّ عَلى‏ ظَهرِهِ غَدراً، فَضَرَبوهُ بِالسَّيفِ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام: عَلَى الدُّنيا بَعدَكَ العَفا، وضَمَّهُ إلى‏ صَدرِهِ وأتى‏ بِهِ إلى‏ بابِ الفُسطاطِ، فَصارَت اُمُّهُ شَهرَبانَوَيهِ وَلهى‏ ، تَنظُرُ إلَيهِ ولا تَتَكَلَّمُ، فَبَقِيَ الحُسَينُ عليه السلام وَحيداً۲ .۳

۹۹۷.مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : فَتَقَدَّمَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ - واُمُّهُ لَيلى‏ بِنتُ أبي مُرَّةَ بنِ عُروَةَ بنِ مَسعودٍ الثَّقَفِيِّ - وهُوَ يَومَئِذٍ ابنُ ثمانَ عَشرَةَ سَنَةً، فَلَمّا رَآهُ الحُسَينُ عليه السلام رَفَعَ شَيبَتَهُ نَحوَ السَّماءِ، وقالَ :
اللَّهُمَّ اشهَد عَلى‏ هؤُلاءِ القَومِ، فَقَد بَرَزَ إلَيهِم غُلامٌ أشبَهُ النّاسِ خَلقاً وخُلُقاً ومَنطِقاً بِرَسولِكَ مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وآله، كُنّا إذَا اشتَقنا إلى‏ وَجهِ رَسولِكَ نَظَرنا إلى‏ وَجهِهِ، اللَّهُمَّ فَامنَعهُم بَرَكاتِ الأَرضِ، وإن مَنَعتَهُم فَفَرِّقهُم تَفريقاً، ومَزِّقهُم تَمزيقاً، وَاجعَلهُم طَرائِقَ قِدَداً ، ولا تُرضِ الوُلاةَ عَنهُم أبَداً؛ فَإِنَّهُم دَعَونا لِيَنصُرونا ثُمَّ عَدَوا عَلَينا يُقاتِلُونّا ويَقتُلُونّا.
ثُمَّ صاحَ الحُسَينُ عليه السلام بِعُمَرَ بنِ سَعدٍ: ما لَكَ؟! قَطَعَ اللَّهُ رَحِمَكَ، ولا بارَكَ لَكَ في أمرِكَ، وسَلَّطَ عَلَيكَ مَن يَذبَحُكَ عَلى‏ فِراشِكَ، كَما قَطَعتَ رَحِمي ، ولَم تَحفَظ قَرابَتي مِن رَسولِ اللَّهِ! ثُمَّ رَفَعَ عليه السلام صَوتَهُ وقَرَأَ: «إِنَّ اللَّه اصْطَفَى‏ آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللَّه سَمِيعٌ عَلِيمٌ» .۴
ثُمَّ حَمَلَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ وهُوَ يَقولُ :


أنَا عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ بنِ عَلِيّ‏نَحنُ وبَيتِ اللَّهِ أولى‏ بِالنَّبِيّ‏
وَاللَّهِ لا يَحكُمُ فينَا ابنُ الدَّعِيّ‏أطعَنُكُم بِالرُّمحِ حَتّى‏ يَنثَني‏
أضرِبُكُم بِالسَّيفِ حَتّى‏ يَلتَوي‏ضَربَ غُلامٍ هاشِمِيٍّ عَلَوِيّ‏
فَلَم يَزَل يُقاتِلُ حَتّى‏ ضَجَّ أهلُ الكوفَةِ لِكَثرَةِ مَن قَتَلَ مِنهُم، حَتّى‏ أنَّهُ رُوِيَ أنَّهُ عَلى‏ عَطَشِهِ قَتَلَ مِئَةً وعِشرينَ رَجُلاً، ثُمَّ رَجَعَ إلى‏ أبيهِ وقَد أصابَتهُ جِراحاتٌ كَثيرَةٌ، فَقالَ: يا أبَه! العَطَشُ قَد قَتَلَني، وثِقلُ الحَديدِ قَد أجهَدَني، فَهَل إلى‏ شَربَةٍ مِن ماءٍ سَبيلٌ ، أتَقَوّى‏ بِها عَلَى الأَعداءِ؟
فَبَكَى الحُسَينُ عليه السلام وقالَ: يا بُنَيَّ! عَزَّ عَلى‏ مُحَمَّدٍ وعَلى‏ عَلِيٍّ وعَلى‏ أبيكَ أن تَدعُوَهُم فَلا يُجيبونَكَ، وتَستَغيثَ بِهِم فَلا يُغيثونَكَ، يا بُنَيَّ! هاتِ لِسانَكَ ، فَأَخَذَ لِسانَهُ فَمَصَّهُ، ودَفَعَ إلَيهِ خاتَمَهُ، وقالَ لَهُ: خُذ هذَا الخاتَمَ في فيكَ، وَارجِع إلى‏ قِتالِ عَدُوِّكَ، فَإِنّي أرجو أن لا تُمسِيَ حَتّى‏ يَسقِيَكَ جَدُّكَ بِكَأسِهِ الأَوفى‏ شَربَةً لا تَظمَأُ بَعدَها أبَداً. فَرَجَعَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه السلام إلَى القِتالِ ، وحَمَلَ وهُوَ يَقولُ :


الحَربُ قَد بانَت لَها حَقائِقُ‏وظَهَرَت مِن بَعدِها مَصادِقُ‏
وَاللَّهِ رَبِّ العَرشِ لا نُفارِقُ‏جُموعَكُم أو تُغمَدُ البَوارِقُ‏
وجَعَلَ يُقاتِلُ حَتّى‏ قَتَلَ تَمامَ المِئَتَينِ، ثُمَّ ضَرَبَهُ مُنقِذُ بنُ مُرَّةَ العَبدِيُّ عَلى‏ مَفرِقِ رَأسِهِ ضَربَةً صَرَعَهُ فيها، وضَرَبَهُ النّاسُ بِأَسيافِهِم، فَاعتَنَقَ الفَرَسُ فَحَمَلَهُ الفَرَسُ إلى‏ عَسكَرِ عَدُوِّهِ، فَقَطَّعوهُ بِأَسيافِهِم إرباً إرباً، فَلَمّا بَلَغَت روحُهُ التَّراقِيَ ، نادى‏ بِأَعلى‏ صَوتِهِ: يا أبَتاه! هذا جَدّي رَسولُ اللَّهِ، قَد سَقاني بِكَأسِهِ الأَوفى‏ شَربَةً لا أظمَأُ بَعدَها أبَداً، وهُوَ يَقولُ لَكَ: العَجَلَ! فَإِنَّ لَكَ كَأساً مَذخورَةً.
فَصاحَ الحُسَينُ عليه السلام: قَتَلَ اللَّهُ قَوماً قَتَلوكَ! يا بُنَيَّ، ما أجرَأَهُم عَلَى اللَّهِ ، وعَلَى‏انتِهاكِ حُرمَةِ رَسولِ اللَّهِ! عَلَى الدُّنيا بَعدَكَ العَفا.
قالَ حُمَيدُ بنُ مُسلِمٍ: لَكَأَنّي أنظُرُ إلَى امرَأَةٍ خَرَجَت مُسرِعَةً كَأَنَّهَا الشَّمسُ طالِعَةً، تُنادي بِالوَيلِ وَالثُّبورِ، تَصيحُ: وَاحَبيباه! وَاثَمَرَةَ فُؤاداه! وانورَ عَيناه! فَسَأَلتُ عَنها فَقيلَ: هِيَ زَينَبُ بِنتُ عَلِيٍّ.
ثُمَّ جاءَت حَتَّى انكَبَّت عَلَيهِ، فَجاءَ إلَيهَا الحُسَينُ عليه السلام حَتّى‏ أخَذَ بِيَدِها ورَدَّها إلَى الفُسطاطِ . ثُمَّ أقبَلَ مَعَ فِتيانِهِ إلَى ابنِهِ، فَقالَ: اِحمِلوا أخاكُم ، فَحَمَلوهُ مِن مَصرَعِهِ حَتّى‏ وَضَعوهُ عِندَ

1.البَوارِقُ: لَمعَان السُّيوف (مجمع البحرين: ج ۱ ص ۱۴۴ «برق») .

2.ذكرت روايات اُخرى أنّ اُمّ عليّ الأكبر تُدعى «ليلى» . كما أنّ ما دلّ على أنّ عليّاً الأكبر هو أوّل شهيد من أهل البيت عليهم السلام ، فهو يعني أنّ العبّاس وإخوته كانوا أحياءً عند شهادة عليّ الأكبر .

3.المناقب لابن شهرآشوب: ج ۴ ص ۱۰۹ .

4.آل عمران: ۳۳ و۳۴ .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
816

الحُسَينَ عليه السلام وهُوَ يَقولُ: قَتَلَ اللَّهُ قَوماً قَتَلوكَ يا بُنَيَّ، ما أجرَأَهُم عَلَى اللَّهِ! وعَلَى انتِهاكِ حُرمَةِ الرَّسولِ صلى اللَّه عليه وآله! ثُمَّ قالَ : عَلَى الدُّنيا بَعدَكَ العَفاءُ.
قالَ حُمَيدٌ: وكَأَنّي أنظُرُ إلَى امرَأَةٍ خَرَجَت مُسرِعَةً كَأَنَّهَا الشَّمسُ الطّالِعَةُ ، تُنادي يا حَبيباه! يَا بنَ أخاه! فَسَأَلتُ عَنها فَقالوا: هذِهِ زَينَبُ بِنتُ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام، ثُمَّ جاءَت حَتَّى انكَبَّت عَلَيهِ، فَجاءَهَا الحُسَينُ عليه السلام فَأَخَذَ بِيَدِها إلَى الفُسطاطِ، وأقبَلَ إلَى ابنِهِ، وأقبَلَ فِتيانُهُ إلَيهِ فَقالَ : اِحمِلوا أخاكُم، فَحَمَلوهُ مِن مَصرَعِهِ ذلِكَ، ثُمَّ جاءَ بِهِ حَتّى‏ وَضَعَهُ بَينَ يَدَي فُسطاطِهِ.
حَدَّثَني أحمَدُ بنُ سَعيدٍ، قالَ: حَدَّثَني يَحيَى بنُ الحَسَنِ العَلَوِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا غَيرُ واحِدٍ ، عَن مُحَمَّدِ بنِ عُمَيرٍ ، عَن أحمَدَ بنِ عَبدِ الرَّحمنِ البَصرِيِّ ، عَن عَبدِ الرَّحمنِ بنِ مَهدِيٍّ ، عَن حَمّادِ بنِ سَلَمَةَ ، عَن سَعيدِ بنِ ثابِتٍ ، قالَ: لَمّا بَرَزَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه السلام إلَيهِم، أرخَى الحُسَينُ صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيهِ وسَلامُهُ عَينَيهِ فَبَكى‏، ثُمَّ قالَ: اللَّهُمَّ كُن أنتَ الشَّهيدَ عَلَيهِم، فَبَرَزَ إلِيهِم غُلامٌ أشبَهُ الخَلقِ بِرَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله .
فَجَعَلَ يَشُدُّ عَلَيهِم، ثُمَّ يَرجِعُ إلى‏ أبيهِ فَيَقولُ: يا أبَه العَطَشُ! فَيَقولُ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام: اِصبِر حَبيبي؛ فَإِنَّكَ لا تُمسي حَتّى‏ يَسقِيَكَ رَسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله بِكَأسِهِ، وجَعَلَ يَكُرُّ كَرَّةً بَعدَ كَرَّةٍ، حَتّى‏ رُمِيَ بِسَهمٍ فَوَقَعَ في حَلقِهِ فَخَرَقَهُ، وأقبَلَ يَنقَلِبُ في دَمِهِ، ثُمَّ نادى‏: يا أبَتاه، عَلَيكَ السَّلامُ، هذا جَدّي رَسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله يُقرِئُكَ السَّلامَ، ويَقولُ: عَجِّلِ القُدومَ إلَينا ، وشَهِقَ شَهقَةً فارَقَ الدُّنيا .۱

۹۹۶.المناقب لابن شهر آشوب : تَقَدَّمَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ الأَكبَرُ عليه السلام ، وهُوَ ابنُ ثَمانَ عَشرَةَ سَنَةً، ويُقالُ : اِبنُ خَمسٍ وعِشرينَ، وكانَ يُشَبَّهُ بِرَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله خَلقاً وخُلُقاً ونُطقاً، وجَعَلَ يَرتَجِزُ ويَقولُ:


أنَا عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ بنِ عَلِيّ‏مِن عُصبَةٍ جَدُّ أبيهِمُ النَّبِيّ‏
نَحنُ وبَيتِ اللَّهِ أولى‏ بِالوَصِيّ‏وَاللَّهِ لا يَحكُمُ فينَا ابنُ الدَّعِيّ‏
أضرِبُكُم بِالسَّيفِ أحمي عَن أبي‏أطعَنُكُم بِالرُّمحِ حَتّى‏ يَنثَني‏
طَعنَ غُلامٍ هاشِمِيٍّ عَلَوِيّ‏

1.مقاتل الطالبيّين: ص ۱۱۵؛ بحار الأنوار: ج ۴۵ ص ۴۵ وراجع : مروج الذهب: ج ۳ ص ۷۱ وسير أعلام النبلاء: ج ۳ ص ۳۰۲ .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 24339
صفحه از 1479
پرینت  ارسال به