في الغالب مسلمين ذوي بعد واحد وغير عالمين بالسنّة . ولكن وبعد تولّي الإمام عليّ عليه السلام الخلافة ، كان لسياساته المبدأية الثقافية في عهد حكمه من جهة ، وتواجد كبار أصحاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله الذين كانوا قد قدموا إلى الكوفة۱ مع الإمام عليّ عليه السلام من جهة اُخرى ، دور مؤثّر في التطوّر الثقافي لأهل الكوفة .
وعلى هذا الأساس ، فإنّ ممّا لا شكّ فيه أنّ قسماً من أهل الكوفة كانوا عند ثورة الإمام الحسين عليه السلام - حيث كان قد مرّ حوالي ۲۵ عاماً على بداية حكم الإمام عليّ عليه السلام - يتمتّعون بشكل نسبي بأعلى مستوى ثقافي بين المجتمعات الإسلامية ، ولذلك فقد كانت أرضية المطالبة بالإصلاح والثورة ضدّ ظلم بني اُمية وجورهم مهيّأة في هذه المدينة أكثر من أيّ مكان آخر ، وممّا يشهد على ذلك ثوراتهم المتكرّرة ضدّ أنظمة الحكم آنذاك بعد ثورة الإمام الحسين عليه السلام .
رابعاً : مركز محاربة حكومة الشام
كان الدور الحاسم لأهل الكوفة في الفتوح الإسلامية ومحاربتهم لحكومة الشام وخاصّة في عهد حكم الإمام عليّ عليه السلام ، يستوجب ألّا يرتضوا أن تكون الشام مركز الخلافة واتّخاذ القرارات في العالم الإسلامي . ولذلك كانت الكوفة طيلة الحكم الاُموي مركزاً لمحاربة حكومة الشام ومعارضتها ، وقد قدّمت في هذا الطريق أكبر عدد من القتلى والسجناء والمنفيّين .
وقد قام «زياد بن أبيه» في الفترة التي تولّى فيها إمارة الكوفة من جانب معاوية - فضلاً عن قتل۲وسجن الكثير من الثوار، ونفي الكثير منهم إلى الشام والمدن الاُخرى۳ - بترحيل خمسين ألف شخص من خصوص الكوفة والبصرة إلى خراسان كما تفيد بعض الروايات .۴
1.كان يرافق الإمام عليّاً عليه السلام في حرب صفّين ما بين ۷۰ إلى ۸۰ من البدريّين و۸۰۰ من الذين شاركوا في بيعة الرضوان و۴۰۰ من سائر أصحاب رسول اللَّه عليه السلام . نعم، نحن لا نمتلك دليلاً يثبت إقامتهم جميعاً في الكوفة ، ولكن بالطبع فإنّ الكثير منهم كانوا يقيمون في الكوفة والبصرة . راجع : موسوعة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام : ج ۳ ص ۲۷۱ (القسم السادس / الحرب الثاني : معركة صفّين / أكابر أصحاب الإمام) .
2.راجع : موسوعة الإمام الحسين عليه السلام : ج ۲ ص ۱۶۵ (القسم الخامس / الفصل الثاني / موقف الإمام عليه السلام في مواجهة معاوية/ رسالة توبيخية من الإمام عليه السلام لمعاوية لظلمه وبدعه) .
3.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۲۵۷ ، تاريخ دمشق : ج ۱۲ ص ۲۲۷ .
4.فتوح البلدان : ص ۴۰۰ .