67
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وآله ، وسيرَةِ أبي عَليِّ بنِ أبي طالِبٍ... فَمَنْ قَبِلَني بِقَبولِ الحَقِّ فَاللَّهُ أولى‏ بِالحَقِّ ومَن رَدَّ عَلَيَّ هذا أصبِرُ حَتّى‏ يَقضِيَ اللَّهُ بَيني وبَينَ القَومِ بِالحَقِّ ويَحكُمَ بَيني وبَيْنَهُم بِالحقِّ وهُوَ خَيرُ الحاكِمينَ .۱
مضافاً إلى هذه الأقوال والكتب ، فإنّ تحليل شؤون الإمامة۲ يقتضي هذا أيضاً، وقد حاز الإمام الحسين عليه السلام منصب الإمامة لبيان الدين وتطبيقه ، والمحافظة عليه من الاضمحلال والزوال ، وصونه عن التحريف ، ولكي يكون قدوة للمجتمع، ومن المفترض أن تلقي هذه الشؤون بظلّها على جميع سلوكياته وأقواله وأفكاره، فكيف يمكن تحليل حادثة بهذه العظمة بمعزل عن هذه الأهداف؟ الحادثة التي اُريقت فيها دماء هؤلاء العظام على الأرض.
وتعدّ هذه الطبقة الاُولى من أهداف حادثة عاشوراء ، ومن المحتمل أن يكون مراد الذين عبّروا بإقامة الحكم ، هو العنوان المنتزع من هذه الاُمور ، وكما أشرنا فإنّ هذا التعبير لم يبيّن بصراحة في أقوال الإمام وكتبه .
ويمكن القول إنّ معطيات هذه الطبقة من الأهداف هي زلزلة دعائم حكم بني اُميّة ، والإطاحة بحكم يزيد، ووقوع الثورات الانتقاميّة ، ووعي الناس في تلك الحقبة من التاريخ ، وبالطبع فقد حدث ذلك خلال فترات زمنيّة قصيرة نسبيّاً .

الطبقات الاُخرى‏

تمّ تحليل الهدف من حادثة عاشوراء في هذه الطبقات من منظار اللَّه ورسوله وأوليائه . ولا يقتصر الهدف هنا على حقبة من التاريخ، بل يؤخذ بنظر الاعتبار خلود مشعل مواجهة الظلم، والمطالبة بالحرّية وحصول الإنسان على كرامته الإنسانيّة ونشر الوعي .
وتقام هنا علاقة عاطفيّة بين الإمام الحسين عليه السلام وفطرة البشر على مرّ التاريخ، ويبدو أنّ من الممكن فهم هذه التعابير وتفسيرها في ضوء مثل هذه الطبقات من الأهداف:
إنَّ لِقَتلِ الحُسَينِ حَرارَةً في قُلوبِ المُؤمِنينَ لا تَبرُدُ أبَداً. ۳ويمكن بهذه النظرة فهم وتحليل أسرار الأحكام الخاصّة التي وردت في مجموعة التعاليم الشيعيّة فيما يتعلّق بالإمام الحسين عليه السلام ، ومنها :
۱ . حلّية الأكل من تربة الإمام الحسين عليه السلام للاستشفاء .۴
۲ . استحباب السجدة على تربة كربلاء .۵
۳ . استحباب الذكر بمسبحة تربة كربلاء .۶
۴ . استحباب تحنيك الطفل بتربة كربلاء .۷
۵ . استحباب تحنيط الميّت بتربة كربلاء .۸
۶ . التأكيد على زيارة الأربعين .۹
۷ . استحباب زيارة الإمام الحسين عليه السلام في المناسبات الدينيّة المختلفة .۱۰
۸ . استحباب إقامة العزاء والبكاء على الإمام الحسين عليه السلام .۱۱
۹ . جواز قصر الصلاة وإتمامها للمسافر في الحائر الحسيني .۱۲
۱۰ . استحباب استصحاب تربة كربلاء في السفر .۱۳
۱۱ . استحباب ذكر الحسين عليه السلام عند شرب الماء .۱۴
وكلّ ذلك‏۱۵ يدلّ على أنّ اللَّه وأولياءه كان لهم أيضاً بعض الأهداف من هذه الثورة، فضلاً

1.راجع : ص ۲۷۸ ح ۲۰۷ .

2.من جملة واجبات الإمام عليه السلام وصلاحياته ، ومن جملة شروط ومقتضيات الإمامة .

3.مستدرك الوسائل: ج ۱۰ ص ۳۱۸ ح ۱۲۰۸۴ نقلاً عن مجموعة الشهيد مخطوط .

4.وسائل الشيعة: ج ۱۰ ص ۴۰۸ (ب ۷۰) وص ۴۱۴ (ب ۷۲) و ص ۴۱۶ (ب‏۷۳) .

5.راجع : وسائل الشيعة: ج ۳ ص ۶۰۸ ح ۶۸۱۰.

6.راجع : المصدر السابق: ح ۶۸۰۷.

7.راجع : وسائل الشيعة: ج ۱۵ ص ۱۳۸ ح ۳.

8.راجع : وسائل الشيعة: ج ۲ ص ۷۴۲ (ب ۱۲).

9.راجع : وسائل الشيعة: ج ۱۰ ص ۳۷۳ (ب ۵۶) .

10.راجع : وسائل الشيعة: ج ۱۰ ص ۳۵۸ - ۳۸۵ (الأبواب ۴۹ - ۵۱، ۵۳ - ۵۷، ۶۳ و...).

11.راجع : وسائل الشيعة: ج ۱۰ ص ۳۹۱ (ب ۶۶).

12.راجع : وسائل الشيعة: ج ۵ ص ۵۴۳ ح ۱۱۳۴۶.

13.راجع : وسائل الشيعة: ج ۸ ص ۳۱۳ (ب ۴۴).

14.راجع : وسائل الشيعة: ج ۱۷ ص ۲۱۶ ح ۳۱۸۷.

15.للاطّلاع على التعاليم والأحكام أكثر ، راجع : الرسول المصطفى والشعائر الحسينية .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
66

رابعاً : الهدفية المتعدّدة الطبقات‏

من أجل بيان الهدفيّة المتعدّدة الطبقات ، فإننّا سوف نسلّط الضوء على هذه الهدفيّة في طبقتين ، معتقدين بأنّ الإمام الحسين عليه السلام كان على علم بشهادته ، ولكنّه كان يعتبر الشهادة مقصداً لا مقصوداً وهدفاً .

الطبقة الاُولى‏

سنحلّل في هذه الطبقة مسألة الهدف من ثورة عاشوراء من وجهة نظر الإمام الحسين عليه السلام والاُسس العامّة للإمامة.
فقد ذكر الإمام الحسين عليه السلام في أقواله وخطبه وكتبه بعض الأهداف لسلوكه، وقد ذكرت بعض هذه الأهداف في مرحلة الامتناع عن البيعة ليزيد ، والبعض الآخر في مرحلة مسيره من المدينة نحو مكّة ومنها إلى الكوفة.
وبعبارة اُخرى فقد ذكر الإمام الحسين عليه السلام في أقواله وكتبه العديدة بعض الأسباب والأهداف للامتناع عن البيعة ، وبرّر بشكل آخر مسيره من المدينة إلى مكّة ومنها إلى الكوفة.
فقد طرح الإمام الحسين عليه السلام في القسم الأوّل فسق يزيد وعدم أحقّيته . ففي اعتراضه على والي المدينة صرّح بهذا الأمر قائلاً :
أيُّهَا الأَميرُ ! إنّا أهلُ بَيتِ النُّبُوَّةِ ، ومَعدِنُ الرِّسالَةِ ، ومُختَلَفُ المَلائِكَةِ ، ومَحَلُّ الرَّحمَةِ ، وبِنا فَتَحَ اللَّهُ وبِنا خَتَمَ ، ويَزيدُ رَجُلٌ فاسِقٌ شارِبُ خَمرٍ ، قاتِلُ النَّفسِ المُحَرَّمَةِ ، مُعلِنٌ بِالفِسقِ ، مِثلي لا يُبايِعُ لِمِثلِهِ ، ولكِن نُصبِحُ وتُصبِحونَ ، وتَنتَظِرُ وتَنتظُرونَ ، أيُّنا أحَقُّ بِالخِلافَةِ وَالبَيعَةِ .۱
ويطرح في القسم الثاني، إصلاح الاُمّة وإحياء السنّة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومحاربة السلطان الجائر والعزّة والإباء. فقد روي عنه عليه السلام في هذا المجال أنّه قال:
إنّي لَم أخرُج أشِراً ولا بَطِراً ولا مُفسِداً ولا ظالِماً ، وإنَّما خَرَجتُ لِطَلَبِ النَّجاحِ وَالصَّلاحِ في اُمَّةِ جَدّي مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وآله ، اُريدُ أن آمُرَ بِالمَعروفِ وأنهى‏ عَنِ المُنكَرِ ، وأسيرَ بِسيرَةِ جَدّي

1.راجع : ص ۲۶۶ ح ۱۹۱ .

تعداد بازدید : 18456
صفحه از 1479
پرینت  ارسال به