645
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

فَحَفَروهُ في ساعَةٍ مِنَ اللَّيلِ ، فَجَعَلوهُ كَالخَندَقِ ، ثُمَّ ألقَوا فيهِ ذلِكَ الحَطَبَ وَالقَصَبَ ، وقالوا : إذا عَدَوا عَلَينا فَقاتَلونا ألقَينا فيهِ النّارَ ؛ كَي لا نُؤتى‏ مِن وَرائِنا ، وقاتَلنَا القَومَ مِن وَجهٍ واحِدٍ . فَفَعَلوا وكانَ لَهُم نافِعاً .۱
الإجراء الآخر الذي تمّ في ليلة عاشوراء بأمر الإمام عليه السلام للحيلولة دون هجوم العدوّ من الخلف ، هو أنّ خيام أصحاب الإمام نُصبت إلى جانب بعضها البعض وربطوها مع بعضها بحبلٍ من ثلاث جهات، ولم يتركوا سوى طريقاً واحداً من الأمام لمواجهة العدوّ ، فلنتأمّل الرواية التالية :
وخَرَجَ [الحُسَينُ عليه السلام‏] إلى‏ أصحابِهِ ، فَأَمَرَهُم أن يُقَرِّبوا بَعضَ بُيوتِهِم مِن بَعضٍ وأن يُدخِلُوا الأَطنابَ بَعضَها في بَعضٍ ، وأن يَكونوا هُم بَينَ البُيوتِ إلَّا الوَجهَ الَّذي يَأتيهِم مِنهُ عَدُوُّهُم .۲
ولو لم تكن هذه الإجراءات الحكيمة، لما كان باستطاعة جيش ابن سعد أن يهاجم أصحاب الإمام عليه السلام من الخلف فحسب، بل كان باستطاعته أن يحاصرهم بسهولة ويقتل الإمام عليه السلام وأصحابه، أو يأسرهم من الخلف في أيسرِ قتالٍ .
ولكن فوجئ العدوّ عندما همّ بالهجوم في صباح عاشوراء ، حيث رأى نفسه أمام ألسنة النيران والدخّان التي كانت تحيط بأطراف خيام الإمام عليه السلام وأصحابه، يقول الضحّاك المشرقي في هذا المجال :
لَمّا أقبَلوا نَحوَنا ، فَنَظَروا إلَى النّارِ تَضطَرِمُ فِي الحَطَبِ وَالقَصَبِ ، الَّذي كُنّا ألهَبنا فيهِ النّارَ مِن وَرائِنا لِئَلّا يَأتونا مِن خَلفِنا .۳
ويضيف قائلاً : إنّ خيام أصحاب الإمام عليه السلام ضُرب حولها طوق من النيران والدخّان ، بحيث إنّ الشمر عندما مرّ بالقرب منها لم يكن يرى سوى نيران وسحب من الدخّان كانت تتصاعد منها!
واستناداً إلى هذه الخطّة ، وبفضل هذا التنظيم العسكري، استطاع جيش الإمام عليه السلام الذي لم

1.راجع : ص ۶۴۲ ح ۸۳۳ .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
644

موضع خيام الإمام الحسين عليه السّلام ودورها في ساحة القتال‏

اختار الإمام الحسين عليه السلام عند وصوله كربلاء موقعاً لنصب الخيام تكون لها فيه مزيّتان في حالة وقوع القتال :
۱ . عدم استطاعة العدوّ الهجوم عليها إلّا من جهةٍ واحدة .
۲ . تمتّع النساء والأطفال فيها بأمن أكثر.
ولذلك، فقد أمر الإمام بأن تُضرب الخيام في منطقة تمتدّ خلفها قصباء ، بحيث لم يكن بمقدور العدوّ أن يهاجم جيش الإمام عليه السلام من الخلف، فقد جاء في رواية الطبري :
فَسارَ [الحُسَينُ عليه السلام‏] ، فَلَقِيَتهُ أوائِلُ خَيلِ عُبَيدِ اللَّهِ ، فَلَمّا رَأى‏ ذلِكَ عَدَلَ إلى‏ كَربَلاءَ ، فَأَسنَدَ ظَهرَهُ إلى‏ قَصباءَ وخَلاً ؛ كَيلا يُقاتِلَ إلّا مِن وَجهٍ واحِدٍ ، فَنَزَلَ وضَرَبَ أبنِيَتَهُ.۱
ونقرأ في رواية ابن أعثم :
فَنَزَلَ القَومُ ، وحَطُّوا الأَثقالَ ناحِيَةً مِنَ الفُراتِ ، وضُرِبَت خَيمَةُ الحُسَينِ عليه السلام لِأَهلِهِ وبَنيهِ ، وضَرَبَ عَشيرَتُهُ خِيامَهُم مِن حَولِ خَيمَتِهِ .۲
مضافاً إلى ذلك ، فقد كانت خلف الخيام أو خلف القصباء التي كانت الخيام أمامها، حفرة تشبه الجدول، حيث تفيد رواية الطبري أنّ الإمام أمر بحفرها ليلة عاشوراء، فحفروا ما يشبه الخندق وألقوا فيه حطباً وقصباً كي يضرموا فيه النار عند هجوم العدوّ ، ويوجِدوا مانعاً آخرَ أمام هجوم العدوّ من الخلف، وهذا هو نصّ الرواية :
وأمَرَ بِحَطَبٍ وقَصَبٍ كانَ مِن وَراءِ البُيوتِ يُحرَقُ بِالنّارِ ؛ مَخافَةَ أن يَأتوهُم مِن وَرائِهِم .
قالَ : وكانَ الحُسَينُ عليه السلام أتى‏ بِقَصَبٍ وحَطَبٍ إلى‏ مَكانٍ مِن وَرائِهِم مُنخَفِضٍ كَأَنَّهُ ساقِيَةٌ ،

1.راجع : ص ۵۸۵ ح ۷۳۹ .

2.راجع : ص ۵۹۱ ح ۷۴۷ .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 18696
صفحه از 1479
پرینت  ارسال به