فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : يَابنَ الحُرِّ ! ما جِئناكَ لِفَرَسِكَ وسَيفِكَ ! إنَّما أتَيناكَ لِنَسأَلَكَ النُّصرَةَ ، فَإِن كُنتَ قَد بَخِلتَ عَلَينا بِنَفسِكَ فَلا حاجَةَ لَنا في شَيءٍ مِن مالِكَ ، ولَم أكُن بِالَّذي أتَّخِذُ المُضِلّين عَضُداً ؛ لاَِنّي قَد سَمِعتُ رَسولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله وهُوَ يَقولُ : «مَن سَمِعَ داعِيَةَ۱ أهلِ بَيتي ولَم يَنصُرهُم عَلى حَقِّهِم ، إلّا أكَبَّهُ اللَّهُ عَلى وَجهِهِ فِي النّارِ» . ثُمَّ سارَ الحُسَينُ عليه السلام مِن عِندِهِ ورَجِعَ إلى رَحلِهِ .
فَلَمّا كانَ مِنَ الغَدِ رَحَلَ الحُسَينُ عليه السلام ، ونَدِمَ ابنُ الحُرِّ عَلى ما فاتَهُ مِن نُصرَتِهِ ، فَأَنشَأَ يَقولُ :
أراها حَسرَةً ما دُمتُ حَيّاًتَرَدَّدُ بَينَ صَدري وَالتَّراقي
حُسَينٌ حينَ يَطلُبُ بَذلَ نَصريعَلى أهلِ العَداوَةِ وَالشِّقاقِ
فَلَو واسَيتُهُ يَوماً بِنَفسيلَنِلتُ كَرامَةً يَومَ التَّلاقي
مَعَ ابنِ مُحَمَّدٍ تَفديهِ نَفسيفَوَدَّعَ ثُمَّ وَلّى بِانطِلاقِ
غَداةَ يَقولُ لي بِالقَصرِ قَولاًأتَترُكُنا وتَعزِمُ بِالفِراقِ
فَلَو فَلَقَ التَّلَهُّبُ قَلبَ حَيًّلَهَمَّ القَلبُ مِنّي بِانفِلاقِ
فَقَد فازَ الَّذي نَصَرَ الحُسَينَ۲
وخابَ الأَخسَرونَ ذَوُو النِّفاقِ
قالَ : وسارَ الحُسَينُ عليه السلام عَلى مَرحَلَتَينِ مِنَ الكوفَةِ .۳
۷۲۸.الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة) : ولَقِيَ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ الحُرِّ الجُعفِيُّ حُسَينَ بنَ عَلِيٍّ عليه السلام فَدَعاهُ حُسَينٌ عليه السلام إلى نُصرَتِهِ وَالقِتالِ مَعَهُ فَأَبى ، وقالَ : قَد أعيَيتُ أباكَ قَبلَكَ .
قالَ : فَإِذا أبَيتَ أن تَفعَلَ فَلا تَسمَعِ الصَّيحَةَ عَلَينا ؛ فَوَاللَّهِ لا يَسمَعُها أحَدٌ ثُمَّ لا يَنصُرُنا فَيَرى بَعدَها خَيراً أبَداً .
1.كذا في المصدر ، والظاهر أنّ الصواب : «واعية» ، كما في مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي وكما في نقولٍ اُخرى .
2.كذا في المصدر ، وهو خطأ واضح ، والصواب ما في مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : «لقد فاز الاُلى نصروا حسيناً» .
3.الفتوح : ج ۵ ص ۷۳ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۲۶ نحوه وراجع : الأخبار الطوال : ص ۲۶۲ .