575
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : يَابنَ الحُرِّ ! ما جِئناكَ لِفَرَسِكَ وسَيفِكَ ! إنَّما أتَيناكَ لِنَسأَلَكَ النُّصرَةَ ، فَإِن كُنتَ قَد بَخِلتَ عَلَينا بِنَفسِكَ فَلا حاجَةَ لَنا في شَي‏ءٍ مِن مالِكَ ، ولَم أكُن بِالَّذي أتَّخِذُ المُضِلّين عَضُداً ؛ لاَِنّي قَد سَمِعتُ رَسولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله وهُوَ يَقولُ : «مَن سَمِعَ داعِيَةَ۱ أهلِ بَيتي ولَم يَنصُرهُم عَلى‏ حَقِّهِم ، إلّا أكَبَّهُ اللَّهُ عَلى‏ وَجهِهِ فِي النّارِ» . ثُمَّ سارَ الحُسَينُ عليه السلام مِن عِندِهِ ورَجِعَ إلى‏ رَحلِهِ .
فَلَمّا كانَ مِنَ الغَدِ رَحَلَ الحُسَينُ عليه السلام ، ونَدِمَ ابنُ الحُرِّ عَلى‏ ما فاتَهُ مِن نُصرَتِهِ ، فَأَنشَأَ يَقولُ :




أراها حَسرَةً ما دُمتُ حَيّاًتَرَدَّدُ بَينَ صَدري وَالتَّراقي‏
حُسَينٌ حينَ يَطلُبُ بَذلَ نَصري‏عَلى‏ أهلِ العَداوَةِ وَالشِّقاقِ‏
فَلَو واسَيتُهُ يَوماً بِنَفسي‏لَنِلتُ كَرامَةً يَومَ التَّلاقي‏
مَعَ ابنِ مُحَمَّدٍ تَفديهِ نَفسي‏فَوَدَّعَ ثُمَّ وَلّى‏ بِانطِلاقِ‏
غَداةَ يَقولُ لي بِالقَصرِ قَولاًأتَترُكُنا وتَعزِمُ بِالفِراقِ‏
فَلَو فَلَقَ التَّلَهُّبُ قَلبَ حَيً‏ّلَهَمَّ القَلبُ مِنّي بِانفِلاقِ‏
فَقَد فازَ الَّذي نَصَرَ الحُسَينَ‏۲
وخابَ الأَخسَرونَ ذَوُو النِّفاقِ‏

قالَ : وسارَ الحُسَينُ عليه السلام عَلى‏ مَرحَلَتَينِ مِنَ الكوفَةِ .۳

۷۲۸.الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة) : ولَقِيَ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ الحُرِّ الجُعفِيُّ حُسَينَ بنَ عَلِيٍّ عليه السلام فَدَعاهُ حُسَينٌ عليه السلام إلى‏ نُصرَتِهِ وَالقِتالِ مَعَهُ فَأَبى‏ ، وقالَ : قَد أعيَيتُ أباكَ قَبلَكَ .
قالَ : فَإِذا أبَيتَ أن تَفعَلَ فَلا تَسمَعِ الصَّيحَةَ عَلَينا ؛ فَوَاللَّهِ لا يَسمَعُها أحَدٌ ثُمَّ لا يَنصُرُنا فَيَرى‏ بَعدَها خَيراً أبَداً .

1.كذا في المصدر ، والظاهر أنّ الصواب : «واعية» ، كما في مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي وكما في نقولٍ اُخرى .

2.كذا في المصدر ، وهو خطأ واضح ، والصواب ما في مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : «لقد فاز الاُلى‏ نصروا حسيناً» .

3.الفتوح : ج ۵ ص ۷۳ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۲۶ نحوه وراجع : الأخبار الطوال : ص ۲۶۲ .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
574

فَقالَ الحَجّاجُ : وَاللَّهِ ! وَرائي يَابنَ الحُرِّ [ الخَيرُ ۱ ، وَاللَّهِ! قَد أهدَى اللَّهُ إلَيكَ كَرامَةً إن قَبِلتَها ! قالَ : وما ذاكَ ؟ فَقالَ : هذَا الحُسَينُ بنُ عَلِيٍّ عليه السلام يَدعوكَ إلى‏ نُصرَتِهِ ؛ فَإِن قاتَلتَ بَينَ يَدَيهِ اُجِرتَ ، وإن مِتَّ فَإِنَّكَ استُشهِدتَ !
فَقالَ لَهُ عُبَيدُ اللَّهِ : وَاللَّهِ! ما خَرَجتُ مِنَ الكوفَةِ إلّا مَخافَةَ أن يَدخُلَهَا الحُسَينُ بنُ عَلِيٍّ عليه السلام وأنا فيها فَلا أنصُرُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَيسَ لَهُ فِي الكوفَةِ شيعَةٌ ولا أنصارٌ إلّا وقَد مالوا إلَى الدُّنيا ، إلّا مَن عَصَمَ اللَّهُ مِنهُم ، فَارجِع إلَيهِ وخَبِّرهُ بِذاكَ .
فَأَقبَلَ الحَجّاجُ إلَى الحُسَينِ عليه السلام فَخَبَّرَهُ بِذلِكَ ، فَقامَ الحُسَينُ عليه السلام ثُمَّ صارَ إلَيهِ في جَماعَةٍ مِن إخوانِهِ ، فَلَمّا دَخَلَ وسَلَّمَ وَثَبَ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ الحُرِّ مِن صَدرِ المَجلِسِ ، وجَلَسَ الحُسَينُ عليه السلام فَحَمِدَ اللَّهَ وأثنى عَلَيهِ ، ثُمَّ قالَ :
أمّا بَعدُ ، يَابنَ الحُرِّ ! فَإِنَّ مِصرَكُم هذِهِ كَتَبوا إلَيَّ ، وخَبَّروني أنَّهُم مُجتَمِعونَ عَلى‏ نُصرَتي ، وأن يَقوموا دوني ويُقاتِلوا عَدُوّي ، وإنَّهُم سَأَلوني القُدومَ عَلَيهِم فَقَدِمتُ ، ولَستُ أدرِي القَومَ عَلى‏ ما زَعَموا ، لِأَنَّهُم قَد أعانوا عَلى‏ قَتلِ ابنِ عَمّي مُسلمِ بنِ عَقيلٍ وشيعَتِهِ ، وأجمَعوا عَلَى ابنِ مَرجانَةَ عُبَيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ مُبايِعينَ‏۲ لِيَزيدَ بنِ مُعاوِيَةَ .
وأنتَ يَابنَ الحُرِّ ، فَاعلَم أنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ مُؤاخِذُكَ بِما كَسَبتَ وأسلَفتَ مِنَ الذُّنوبِ فِي الأَيّامِ الخالِيَةِ ، وأنَا أدعوكَ في وَقتي هذا إلى‏ تَوبَةٍ تَغسِلُ بِها ما عَلَيكَ مِنَ الذُّنوبِ ، وأدعوكَ إلى‏ نُصرَتِنا أهلَ البَيتِ ، فَإِن اُعطينا حَقَّنا حَمِدنَا اللَّهَ عَلى‏ ذلِكَ وقَبلِناهُ ، وإن مُنعِنا حَقَّنا ورُكِبنا بِالظُّلمِ ، كُنتَ مِن أعواني عَلى‏ طَلَبِ الحَقِّ .
فَقالَ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ الحُرِّ : وَاللَّهِ يَابنَ بِنتِ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ! لَو كانَ لَكَ بِالكوفَةِ أعوانٌ يُقاتِلونَ مَعَكَ لَكُنتُ أنا أشَدَّهُم عَلى‏ عَدُوِّكَ ، ولكِنّي رَأَيتُ شيعَتَكَ بِالكوفَةِ وقَد لَزِموا مَنازِلَهُم ، خَوفاً مِن بَني اُميَّةَ ومِن سُيوفِهِم ، فَأَنشُدُكَ بِاللَّهِ أن تَطلُبَ مِنّي هذِهِ المَنزِلَةَ ، وأنا اُواسيك بِكُلِّ ما أقدِرُ عَلَيهِ ، وهذِهِ فَرَسي مُلجَمَةٌ ، وَاللَّهِ ما طَلَبتُ عَلَيها شَيئاً إلّا أذَقتُهُ حِياضَ المَوتِ ، ولا طُلِبتُ وأنا عَلَيها فَلُحِقتُ ، وخُذ سَيفي هذا فَوَاللَّهِ ما ضَرَبتُ بِهِ إلّا قَطَعتُ .

1.]ما بين المعقوفين سقط من المصدر ، وأثبتناه من مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي ، ولا يصحّ السياق بدونه .

2.في المصدر : «يبايعني» ، والصواب ما أثبتناه كما في مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 18634
صفحه از 1479
پرینت  ارسال به