فَتَفَرَّقَ النّاسُ عَنهُ وأخَذوا يَميناً وشِمالاً ، حَتّى بَقِيَ في أصحابِهِ الَّذينَ جاؤوا مَعَهُ مِنَ المَدينَةِ ، ونَفَرٍ يَسيرٍ مِمَّنِ انضَوَوا إلَيهِ ، وإنَّما فَعَلَ ذلِكَ لِأَنَّهُ عليه السلام عَلِمَ أنَّ الأَعرابَ الَّذينَ اتَّبَعوهُ ، إنَّمَا اتَّبَعوهُ وهُم يَظُنُّونَ أنَّهُ يَأتي بَلَداً قَدِ استَقامَت لَهُ طاعَةُ أهلِهِ ، فَكَرِهَ أن يَسيروا مَعَهُ إلّا وهُم يَعلَمونَ عَلى ما يَقدَمونَ .۱
۶۹۹.مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : سارَ الحُسَينُ عليه السلام حَتَّى انتَهى إلى زُبالَةَ ، فَوَرَدَ عَلَيهِ هُناكَ مَقتَلُ أخيهِ مِنَ الرَّضاعَةِ عَبدِ اللَّهِ بنِ يَقطُرَ . وكانَ قَد تَبِعَ الحُسَينَ عليه السلام خَلقٌ كَثيرٌ مِنَ المِياهِ الَّتي يَمُرُّ بِها ؛ لِأَنَّهُم كانوا يَظُنّونَ استقامَةَ الاُمورِ لَهُ عليه السلام ، فَلَمّا صارَ بِزُبالَةَ قامَ فيهِم خَطيباً فَقالَ :
ألا إنَّ أهلَ الكوفَةِ وَثَبوا عَلى مُسلِمِ بنِ عَقيلٍ وهانِي بنِ عُروَةَ فَقَتَلوهُما ، وقَتَلوا أخي مِنَ الرَّضاعَةِ ، فَمَن أحَبَّ مِنكُم أن يَنصَرِفَ فَليَنصَرِف مِن غَيرِ حَرَجٍ ، ولَيسَ عَلَيهِ مِنّا ذِمامٌ .
فَتَفَرَّقَ النّاسُ وأخَذوا يَميناً وشِمالاً ، حَتّى بَقِيَ في أصحابِهِ الَّذينَ جاؤوا مَعَهُ مِن مَكَّةَ ، وإنَّما أرادَ ألّا يَصحَبَهُ إنسانٌ إلّا عَلى بَصيرَةٍ .۲
۷۰۰.الفتوح : فَبَينا عُبَيدُ اللَّهِ بنُ زِيادٍ مِن هؤُلاءِ القَومِ في مُحاوَرَةٍ ، إذ دَخَلَ عَلَيهِ رَجُلٌ مِن أصحابِهِ يُقالُ لَهُ عَبدُ اللَّهِ بنُ يَربوعٍ التَّميمِيُّ ، فَقالَ : أصلَحَ اللَّهُ الأَميرَ ، هاهُنا خَبَرٌ ، فَقالَ لَهُ ابنُ زِيادٍ : وما ذاكَ ؟ قالَ : كُنتُ خارِجَ الكوفَةِ أجولُ۳عَلى فَرَسي واُقَلِّبُهُ ؛ إذ نَظَرتُ إلى رَجُلٍ قَد خَرَجَ مِنَ الكوفَةِ مُسرِعاً يُريدُ البادِيَةَ ، فَأَنكَرتُهُ ، ثُمَّ لَحِقتُهُ وسأَلتُهُ عَن حالِهِ وأمرِهِ ، فَذَكَرَ أنَّهُ مِن أهلِ المَدينَةِ : ثُمَّ نَزَلتُ عَن فَرَسي فَفَتَّشتُهُ فَأَصَبتُ مَعَهُ هذَا الكِتابَ . قالَ : فَأَخَذَ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ زِيادٍ الكِتابَ فَفَضَّهُ وقَرَأَهُ ، وإذا فيهِ مَكتوبٌ :
بِسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ، لِلحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ ، أمّا بَعدُ ، فَإِنّي اُخبِرُكَ أنَّهُ قَد بايَعَكَ مِن أهلِ الكوفَةِ نَيِّفٌ وعِشرونَ ألفاً ، فَإِذا بَلَغَكَ كِتابي هذا ، فَالعَجَلَ العَجَلَ ، فَإِنَّ النّاسَ كُلُّهُم مَعَكَ ، ولَيسَ لَهُم في يَزيدَ بنِ مُعاوِيَةَ رَأيٌ ولا هَوىً ، وَالسَّلامُ .
1.الإرشاد : ج ۲ ص ۷۵ ، روضة الواعظين : ص ۱۹۷ ، إعلام الورى : ج ۱ ص ۴۴۷ نحوه وفيه «الثعلبيّة» بدل «زُبالة» ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۷۴ وراجع : هذا الكتاب : ص ۵۳۱ (كتاب الإمام عليه السلام إلى أهل الكوفة بالحاجر من بطن الرمّة وشهادة رسوله) .
2.مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۲۹ .
3.جالَ : إذا ذهب وجاء (النهاية : ج ۱ ص ۳۱۷ «جول») .