491
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

قالَ لَهُ عَبدُ اللَّهِ : أتَسيرُ إلى‏ قَومٍ طَرَدوا أميرَهُم عَنهُم ، وضَبَطوا بِلادَهُم ؟ فَإِن كانوا فَعَلوا ذلِكَ فَسِر إلَيهِم ، وإن كانوا إنَّما يَدعونَكَ إلَيهِم ، وأميرُهُم عَلَيهِم ، وعُمّالُهُ يَجبونَهُم ، فَإِنَّهُم إنَّما يَدعونَكَ إلَى الحَربِ ، ولا آمَنُهُم أن يَخذُلوكَ كَما خَذَلوا أباكَ وأخاكَ !
قالَ الحُسَينُ عليه السلام : يَا بنَ عَمِّ ! سَأَنظُرُ فيما قُلتَ .
وبَلَغَ عَبدَ اللَّهِ بنَ الزُّبَيرِ ما يَهُمُّ بِهِ الحُسَينُ عليه السلام ، فَأَقبَلَ حَتّى‏ دَخَلَ عَلَيهِ ، فَقالَ لَهُ : لَو أقَمتَ بِهذَا الحَرَمِ ، وبَثَثتَ رُسُلَكَ فِي البُلدانِ ، وكَتَبتَ إلى‏ شيعَتِكَ بِالعِراقِ أن يَقدَموا عَلَيكَ ، فَإِذا قَوِيَ أمرُكَ نَفَيتَ عُمّالَ يَزيدَ عَن هذَا البَلَدِ ، وعَلَيَّ لَكَ المُكانَفَةُ وَالمُؤازَرَةُ ، وإن عَمِلتَ بِمَشورَتي ، طَلَبتَ هذَا الأَمرَ بِهذَا الحَرَمِ ؛ فَإِنَّهُ مَجمَعُ أهلِ الآفاقِ ، ومَورِدُ أهلِ الأَقطارِ ، لَم يُعدِمكَ بِإِذنِ اللَّهِ إدراكَ ما تُريدُ ، ورَجَوتُ أن تَنالَهُ .
قالوا : ولَمّا كانَ فِي اليَومِ الثّالِثِ ، عادَ عَبدُ اللَّهِ بنُ عَبّاسٍ إلَى الحُسَينِ عليه السلام ، فَقالَ لَهُ : يَا بنَ عَمِّ ، لا تَقرَب أهلَ الكوفَةِ ؛ فَإِنَّهُم قَومٌ غَدَرَةٌ ، وأقِم بِهذِهِ البَلدَةِ ، فَإِنَّكَ سَيِّدُ أهلِها ، فَإِن أبَيتَ فَسِر إلى‏ أرضِ اليَمَنِ ، فَإِنَّ بِها حُصوناً وشِعاباً ، وهِيَ أرضٌ طَويلَةٌ عَريضَةٌ ، ولِأَبيكَ فيها شيعَةٌ ، فَتَكونُ عَنِ النّاسِ في عُزلَةٍ ، وتَبُثُّ دُعاتَكَ فِي الآفاقِ ، فَإِنّي أرجو إن فَعَلتَ ذلِكَ أتاكَ الَّذي تُحِبُّ في عافِيَةٍ .
قالَ الحُسَينُ عليه السلام : يَا بنَ عَمِّ ، وَاللَّهِ إنّي لَأَعلَمُ أنَّكَ ناصِحٌ مُشفِقٌ ، غَيرَ أنّي قَد عَزَمتُ عَلَى الخُروجِ .
قالَ ابنُ عَبّاسٍ : فَإِن كُنتَ - لا مَحالَةَ - سائِراً ، فَلا تُخرِجِ النِّساءَ وَالصِّبيانَ ؛ فَإِنّي لا آمَنُ أن تُقتَلَ كَما قُتِلَ ابنُ عَفّانَ ، وصِبيَتُهُ يَنظُرونَ إلَيهِ .
قالَ الحُسَينُ عليه السلام : [يابن‏] عَمِّ ! ما أرى‏ إلَّا الخُروجَ بِالأَهلِ وَالوَلَدِ . فَخَرَجَ ابنُ عَبّاسٍ مِن عِندِ الحُسَينِ عليه السلام .۱

۵۹۴.الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة) : دَخَلَ عَبدُ اللَّهِ بنُ العَبّاسِ عَلَى الحُسَينِ عليه السلام فَكَلَّمَهُ طَويلاً ، وقالَ : أنشُدُكَ اللَّهَ أن تَهلِكَ غَداً بِحالِ مَضيعَةٍ ، لا تأتِ العِراقَ ، وإن كُنتَ لابُدَّ فاعِلاً ، فَأَقِم حَتّى‏ يَنقَضِيَ المَوسِمُ وتَلقَى النّاسَ ، وتَعلَمَ عَلى‏ ما يَصدُرونَ ، ثُمَّ تَرى‏ رَأيَكَ - وذلِكَ في

1.الأخبار الطوال : ص ۲۴۳ و راجع : مقاتل الطالبيّين : ص ۱۱۰ .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
490

العِراقِ قَومٌ غُدُرٌ فَلا تَقرَبَنَّهُم ، أقِم بِهذَا البَلَدِ فَإِنَّكَ سَيِّدُ أهلِ الحِجازِ ، فَإِن كانَ أهلُ العِراقِ يُريدونَكَ كَما زَعَموا ، فَاكتُب إلَيهِم فَليَنفوا عَدُوَّهُم ، ثُمَّ اقدَم عَلَيهِم . فَإِن أبَيتَ إلّا أن تَخرُجَ ، فَسِر إلَى اليَمَنِ ، فَإِنَّ بِها حُصوناً وشِعاباً۱ ، وهِيَ أرضٌ عَريضَةٌ طَويلَةٌ ، ولِأَبيكَ بِها شيعَةٌ ، وأنتَ عَنِ النّاسِ في عُزلَةٍ ، فَتَكتُبُ إلَى النّاسِ، وتُرسِلُ وتَبُثُّ دُعاتَكَ ، فَإِنّي أرجو أن يَأتِيَكَ عِندَ ذلِكَ الَّذي تُحِبُّ في عافِيَةٍ.
فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : يَا بنَ عَمِّ ، إنّي وَاللَّهِ لَأَعلَمُ أنَّكَ ناصِحٌ مُشفِقٌ ، ولكِنّي قَد أزمَعتُ وأجمَعتُ عَلَى المَسيرِ. فَقالَ لَهُ ابنُ عَبّاسٍ: فَإِن كُنتَ سائِراً فَلا تَسِر بِنِسائِكَ وصِبيَتِكَ ، فَوَاللَّهِ إنّي لَخائِفٌ أن تُقتَلَ كَما قُتِلَ عُثمانُ ، ونِساؤُهُ ووُلدُهُ يَنظُرونَ إلَيهِ .
ثُمَّ قالَ ابنُ عَبّاسٍ : لَقَد أقرَرتَ عَينَ ابنِ الزُّبَيرِ بِتَخلِيَتِكَ إيّاهُ وَالحِجازَ ، وَالخُروجِ مِنها ، وهُوَ يَومٌ لا يَنظُرُ إلَيهِ أحَدٌ مَعَكَ ، وَاللَّهِ الَّذي لا إلهَ إلّا هُوَ ، لَو أعلَمُ أنَّكَ إذا أخَذتُ بِشَعرِكَ وناصِيَتِكَ حَتّى‏ يَجتَمِعَ عَلَيَّ وعَلَيكَ النّاسُ أطَعتَني ، لَفَعَلتُ ذلِكَ .
قالَ : ثُمَّ خَرَجَ ابنُ عَبّاسٍ مِن عِندِهِ ، فَمَرَّ بِعَبدِ اللَّهِ بنِ الزُّبَيرِ ، فَقالَ : قَرَّت عَينُكَ يَا بنَ الزُّبَيرِ ، ثُمَّ قالَ :


يا لَكِ مِن قُبَّرَةٍ بِمَعمَرِخَلا لَكِ الجَوُّ فَبيضي وَاصفِري‏
وَنَقِّري ما شِئتِ أن تُنَقِّري‏

هذا حُسَينٌ عليه السلام يَخرُجُ إلَى العِراقِ ، وعَلَيكَ بِالحِجازِ .۲

۵۹۳.الأخبار الطوال : لَمّا عَزَمَ [الحُسَينُ عليه السلام‏] عَلَى الخُروجِ ، وأخَذَ فِي الجَهازِ ، بَلَغَ ذلِكَ عَبدَ اللَّهِ بنَ عَبّاسٍ ، فَأَقبَلَ حَتّى‏ دَخَلَ عَلَى الحُسَينِ عليه السلام ، فَقالَ : يَا بنَ عَمِّ ، قَد بَلَغَني أنَّكَ تُريدُ المَسيرَ إلَى العِراقِ . قالَ الحُسَينُ عليه السلام : أنَا عَلى‏ ذلِكَ . قالَ عَبدُ اللَّهِ : اُعيذُكَ بِاللَّهِ يَا بنَ عَمِّ مِن ذلِكَ ! قالَ الحُسَينُ عليه السلام : قَد عَزَمتُ ، ولا بُدَّ مِنَ المَسيرِ .

1.الشِّعبُ : الطريق في الجبل ، والجمع الشِّعاب (الصحاح : ج ۱ ص ۱۵۶ «شعب») .

2.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۸۳ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۴۵ ، أنساب الأشراف : ج ۳ ص ۳۷۳ ، الفتوح : ج ۵ ص ۶۵ وليس فيهما كلام ابن الزبير ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۱۶ ، الفصول المهمّة : ص ۱۸۳ ، البداية والنهاية : ج ۸ ص ۱۵۹ كلّها نحوه وراجع : المناقب لابن شهرآشوب : ج ۴ ص ۹۴ وبحار الأنوار : ج ۷۵ ص ۳۶۲ .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 18764
صفحه از 1479
پرینت  ارسال به