485
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

قالَ هِشامُ بنُ مُحَمَّدٍ : وكَتَبَ يَزيدُ في أسفَلِ الكِتابِ :


يا أيُّهَا الرّاكِبُ الغادي لِطِيَّتِهِ‏۱عَلى‏ عُذافِرَةٍ في سَيرِها قُحَمُ‏
أبلِغ قُرَيشاً عَلى‏ نَأيِ المَزارِ بِهابَيني وبَينَ الحُسَينِ اللَّهُ وَالرَّحِمُ‏
ومَوقِفٌ بِفِناءِ البَيتِ أنشُدُهُ‏عَهدَ الإِلهِ غَداً يوفى‏ بِهِ الذِّمَمُ‏
هنيتُمُ قَومَكُم فَخراً بِاُمِّكُمُ‏اُمٌّ لَعَمري حَسانٌ عَفَّةٌ كَرَمُ‏
هِيَ الَّتي لا يُداني فَضلَها أحَدٌبِنتُ الرَّسولِ وخَيرُ النّاسِ قَد عَلِموا
إنّي لَأَعلَمُ أو ظَنّاً لِعالِمِهِ‏وَالظَّنُّ يَصدُقُ أحياناً فَيَنتَظِمُ‏
أن سَوفَ يَترُكُكُم ما تَدَّعونَ بِهِ‏قَتلى‏ تَهاداكُمُ العُقبانُ وَالرَّخَمُ‏
يا قومَنا لا تَشُبُّوا الحَربَ إذ سَكَنَت‏وأمسِكوا بِحِبال السِّلمِ وَاعتَصِموا
قَد غَرَّتِ الحَربُ مَن قَد كانَ قَبلَكُمُ‏مِنَ القُرونِ‏۲وقَد بادَت بِهَا الاُمَمُ‏
فَأَنصِفوا قَومَكُم لا تَهلِكوا بَذَخاًفَرُبَّ ذي بَذَخٍ زَلَّت بِهِ القَدَمُ‏
فَكَتَبَ إلَيهِ ابنُ عَبّاسٍ : أمّا بَعدُ ، فَقَد وَرَدَ كِتابُكَ تَذكُرُ فيهِ لَحاقَ الحُسَينِ عليه السلام وَابنِ الزُّبَيرِ بِمَكَّةَ ، فَأَمَّا ابنُ الزُّبَيرِ فَرَجُلٌ مُنقَطِعٌ عَنّا بِرَأيِهِ وهَواهُ ، يُكاتِمُنا مَعَ ذلِكَ أضغاناً يُسِرُّها في صَدرِهِ ، يوري عَلَينا وَريَ الزِّنادِ۳ ، لا فَكَّ اللَّهُ أسيرَها ، فَارأَ في أمرِهِ ما أنتَ راءٍ .۴
وأمَّا الحُسَينُ عليه السلام ، فَإِنَّهُ لَمّا نَزَلَ مَكَّةَ ، وتَرَكَ حَرَمَ جَدِّهِ ومَنازِلَ آبائِهِ ، سَأَلتُهُ عَن مَقدَمِهِ ، فَأَخبَرَني أنَّ عُمّالَكَ فِي المَدينَةِ أساؤوا إلَيهِ ، وعَجَّلوا عَلَيهِ بِالكَلامِ الفاحِشِ ، فأقبَلَ إلى‏ حَرَمِ اللَّهِ مُستَجيراً بِهِ ، وسَأَلقاهُ فيما أشَرتَ إلَيهِ ، ولَن أدَعَ النَّصيحَةَ فيما يَجمَعُ اللَّهُ بِهِ الكَلِمَةَ ، ويُطفِئُ بِهِ النّائِرَةَ ، ويُخمِدُ بِهِ الفِتنَةَ ، ويَحقُنُ بِهِ دِماءَ الاُمَّةِ .
فَاتَّقِ اللَّهَ فِي السِّرِّ وَالعَلانِيَةِ ، ولا تَبيتَنَّ لَيلَةً وأنتَ تُريدُ لِمُسلِمٍ غائِلَةً۵ ، ولا تَرصُدهُ بِمَظلَمَةٍ ،

1.في المصدر : «لمطيَّتهِ» ، وهو تصحيف ، والصواب ما أثبتناه ، وقد تقدّم شرحه .

2.في المصدر : «المقرون» ، وهو تصحيف ، والصواب ما أثبتناه كما في مصادر اُخرى‏ .

3.ورَتِ الزِّنادُ ، إذا خرجت نارُها (لسان العرب : ج ۱۵ ص ۳۸۸ «وري») .

4.في المصدر : «ما أنت رآه» ، والصواب ما أثبتناه .

5.الغائلة ، أي الشرّ ، والغوائل : الدواهي (الصحاح : ج ۵ ص ۱۷۸۸ «غيل») .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
484

۵۸۶.تذكرة الخواصّ عن الواقدي : لَمّا نَزَلَ الحُسَينُ عليه السلام مَكَّةَ ، كَتَبَ يَزيدُ بنُ مُعاوِيَةَ إلَى ابنِ عَبّاسٍ : أمّا بَعدُ ، فَإِنَّ ابنَ عَمِّكَ حُسَيناً ، وعَدُوَّ اللَّهِ ابنَ الزُّبَيرِ التَوَيا بِبَيعَتي ، ولَحِقا بِمَكَّةَ مُرصِدَينِ لِلفِتنَةِ ، مُعَرِّضَينِ أنفُسَهُما لِلهَلَكَةِ ، فَأَمَّا ابنُ الزُّبَيرِ ، فَإِنَّهُ صَريعُ الفِناءِ وقَتيلُ السَّيفِ غَداً ، وأمَّا الحُسَينُ ، فَقَد أحبَبتُ الإِعذارَ إلَيكُم - أهلَ البَيتِ - مِمّا كانَ مِنهُ .
وقَد بَلَغَني أنَّ رِجالاً مِن شيعَتِهِ مِن أهلِ العِراقِ يُكاتِبونَهُ ويُكاتِبُهُم ، ويُمَنّونَهُ الخِلافَةَ ويُمَنّيهِمُ الإِمرَةَ ، وقَد تَعلَمونَ ما بَيني وبَينَكُم مِنَ الوُصلَةِ ، وعَظيمِ الحُرمَةِ ، ونَتايِجِ الأَرحامِ ، وقَد قَطَعَ ذلِكَ الحُسَينُ وبَتَّهُ .۱
وأنتَ زَعيمُ أهلِ بَيتِكَ ، وسَيِّدُ أهلِ بِلادِكَ ، فَالقَهُ فَاردُدهُ عَنِ السَّعيِ فِي الفُرقَةِ ، ورُدَّ هذِهِ الاُمَّةَ عَنِ الفِتنَةِ ، فَإِن قَبِلَ مِنكَ وأنابَ إلَيكَ ، فَلَهُ عِندِي الأَمانُ وَالكَرامَةُ الواسِعَةُ ، واُجري عَلَيهِ ما كانَ أبي يُجريهِ عَلى‏ أخيهِ ، وإن طَلَبَ الزِّيادَةَ فَاضمَن لَهُ ما أراكَ اللَّهُ ، اُنفِذُ ضَمانَكَ وأقومُ لَهُ بِذلِكَ ، ولَهُ عَلَيَّ الأَيمانُ المُغَلَّظَةُ وَالمَواثيقُ المُؤَكَّدَةُ ، بِما تَطمَئِنُّ بِهِ نَفسُهُ ، ويَعتَمِدُ في كُلِّ الاُمورِ عَلَيهِ ، عَجِّل بِجَوابِ كِتابي ، وبِكُلِّ حاجَةٍ لَكَ إلَيَّ وقِبَلي ، وَالسَّلامُ .

1.البَتُّ : القطع (الصحاح : ج ۱ ص ۲۴۲ «بتت») .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 18574
صفحه از 1479
پرینت  ارسال به