قالَ هِشامُ بنُ مُحَمَّدٍ : وكَتَبَ يَزيدُ في أسفَلِ الكِتابِ :
يا أيُّهَا الرّاكِبُ الغادي لِطِيَّتِهِ۱عَلى عُذافِرَةٍ في سَيرِها قُحَمُ
أبلِغ قُرَيشاً عَلى نَأيِ المَزارِ بِهابَيني وبَينَ الحُسَينِ اللَّهُ وَالرَّحِمُ
ومَوقِفٌ بِفِناءِ البَيتِ أنشُدُهُعَهدَ الإِلهِ غَداً يوفى بِهِ الذِّمَمُ
هنيتُمُ قَومَكُم فَخراً بِاُمِّكُمُاُمٌّ لَعَمري حَسانٌ عَفَّةٌ كَرَمُ
هِيَ الَّتي لا يُداني فَضلَها أحَدٌبِنتُ الرَّسولِ وخَيرُ النّاسِ قَد عَلِموا
إنّي لَأَعلَمُ أو ظَنّاً لِعالِمِهِوَالظَّنُّ يَصدُقُ أحياناً فَيَنتَظِمُ
أن سَوفَ يَترُكُكُم ما تَدَّعونَ بِهِقَتلى تَهاداكُمُ العُقبانُ وَالرَّخَمُ
يا قومَنا لا تَشُبُّوا الحَربَ إذ سَكَنَتوأمسِكوا بِحِبال السِّلمِ وَاعتَصِموا
قَد غَرَّتِ الحَربُ مَن قَد كانَ قَبلَكُمُمِنَ القُرونِ۲وقَد بادَت بِهَا الاُمَمُ
فَأَنصِفوا قَومَكُم لا تَهلِكوا بَذَخاًفَرُبَّ ذي بَذَخٍ زَلَّت بِهِ القَدَمُ
فَكَتَبَ إلَيهِ ابنُ عَبّاسٍ : أمّا بَعدُ ، فَقَد وَرَدَ كِتابُكَ تَذكُرُ فيهِ لَحاقَ الحُسَينِ عليه السلام وَابنِ الزُّبَيرِ بِمَكَّةَ ، فَأَمَّا ابنُ الزُّبَيرِ فَرَجُلٌ مُنقَطِعٌ عَنّا بِرَأيِهِ وهَواهُ ، يُكاتِمُنا مَعَ ذلِكَ أضغاناً يُسِرُّها في صَدرِهِ ، يوري عَلَينا وَريَ الزِّنادِ۳ ، لا فَكَّ اللَّهُ أسيرَها ، فَارأَ في أمرِهِ ما أنتَ راءٍ .۴
وأمَّا الحُسَينُ عليه السلام ، فَإِنَّهُ لَمّا نَزَلَ مَكَّةَ ، وتَرَكَ حَرَمَ جَدِّهِ ومَنازِلَ آبائِهِ ، سَأَلتُهُ عَن مَقدَمِهِ ، فَأَخبَرَني أنَّ عُمّالَكَ فِي المَدينَةِ أساؤوا إلَيهِ ، وعَجَّلوا عَلَيهِ بِالكَلامِ الفاحِشِ ، فأقبَلَ إلى حَرَمِ اللَّهِ مُستَجيراً بِهِ ، وسَأَلقاهُ فيما أشَرتَ إلَيهِ ، ولَن أدَعَ النَّصيحَةَ فيما يَجمَعُ اللَّهُ بِهِ الكَلِمَةَ ، ويُطفِئُ بِهِ النّائِرَةَ ، ويُخمِدُ بِهِ الفِتنَةَ ، ويَحقُنُ بِهِ دِماءَ الاُمَّةِ .
فَاتَّقِ اللَّهَ فِي السِّرِّ وَالعَلانِيَةِ ، ولا تَبيتَنَّ لَيلَةً وأنتَ تُريدُ لِمُسلِمٍ غائِلَةً۵ ، ولا تَرصُدهُ بِمَظلَمَةٍ ،
1.في المصدر : «لمطيَّتهِ» ، وهو تصحيف ، والصواب ما أثبتناه ، وقد تقدّم شرحه .
2.في المصدر : «المقرون» ، وهو تصحيف ، والصواب ما أثبتناه كما في مصادر اُخرى .
3.ورَتِ الزِّنادُ ، إذا خرجت نارُها (لسان العرب : ج ۱۵ ص ۳۸۸ «وري») .
4.في المصدر : «ما أنت رآه» ، والصواب ما أثبتناه .
5.الغائلة ، أي الشرّ ، والغوائل : الدواهي (الصحاح : ج ۵ ص ۱۷۸۸ «غيل») .