451
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

كامل للتعاون معه عليه السلام رغم مواقفهم السابقة لأبيه الإمام عليّ عليه السلام وأخيه الإمام الحسن عليه السلام ، بل إنّ الإمام كان قد توصّل من خلال تقييم النقاط الإيجابية والسلبية لأهل الكوفة إلى هذه النتيجة ، وهي : إنّ هذه المدينة تعدّ أفضل مكان لبداية النهضة .
وقد كان الجوّ السياسي والاجتماعي المتأثّر بسخط الناس على حكم يزيد ، ونشاطات أنصار الإمام الحسين عليه السلام ، وضعف والي الكوفة النعمان بن بشير ، بالشكل الذي أدّى إلى أنّ عدداً من الوجهاء الانتهازيين - مثل: شبث بن رِبعي وحجّار بن أبجر العجلي وعمرو بن الحجّاج - قد فضّلوا أن ينضمّوا إلى جمع الأشخاص الذين راسلوا الإمام عليه السلام وطلبوا منه القدوم إلى الكوفة ، فكتب هؤلاء الأشخاص معاً رسالة واحدة .
ولاشكّ في أنّ الجوّ العام لتأييد الإمام عليه السلام كان جوّاً مفتعلاً ، ولكنّ مسلماً عليه السلام كان مكلّفاً بأخذ البيعة من الناس للإمام وتهيئة الأرضية للثورة ضدّ حكم يزيد ، وقد أحسن أداء هذه المهمّة ، وبايعه خلال مدّة قصيرة حشد من أهالي الكوفة بشكل رسمي .
وبالطبع فإنّ مسلماً كان يعلم أنّ هذه الحركة لا يمكن أن تقترب من الانتصار النهائي إلّا بعد أن يصل قائدُها - أي الإمام الحسين عليه السلام - إلى الكوفة بسرعة ، وفي حالة تأخّره فإنّ من المحتمل جدّاً أن تغيّر إجراءاتُ الاُمويين المضادّة الجوَّ السائد ، ولذلك فقد طلب من الإمام عليه السلام في كتاب بعثه إليه أن يعجّل مجيئه إلى الكوفة ، وعلى العكس من ذلك فقد كان يزيد وعملاؤه يسعون من أجل ألّا يقترب الإمام من الكوفة .۱
ومع الأخذ بنظر الاعتبار ما مرّ سابقاً ، فإنّ مسلماً لم يكن منزّهاً عن التقصير في أداء مهمّته فحسب ، بل إنّه أحسن القيام بواجبه ، ولكنّ مساعيه فشلت لبعض الأسباب .
وذكرنا فيما تقدّم أسباب فشل جهود مسلم وعوامله خلال تقييم سفر الإمام الحسين عليه السلام إلى الكوفة .

1.راجع : ص ۳۲۵ (الفصل الرابع / نصب ابن زياد أميراً على الكوفة) وص ۴۳۰ (الفصل الرابع / كتاب يزيد إلى ابن زياد يشكره على ما فعل ويحرّضه على الحسين عليه السلام) .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
450

نطاق مهمّته ، يجب القول بأنّه قد أدّى مسؤوليّته ما استطاع إلى ذلك سبيلاً ، وأنّ ماحدث كان له أسبابه الخاصّة .
ومن أجل تقديم تقييم موضوعي لما قام به مسلم في الكوفة ، علينا أن نركّز اهتمامنا ودراستنا على بعض القضايا :

۱. نطاق مهمّة مسلم‏

الأمر الأوّل الذي يجب أن يؤخذ بنظر الاعتبار في تقييم ما أنجزه مسلم ، هو موضوع مهمّته ونطاقها ، وقد جاء هذا الموضوع بوضوح في كتاب الإمام عليه السلام إلى أهل الكوفة ، وهذا هو نصّ الكتاب استناداً إلى رواية المصادر التاريخية :
وقَد بَعَثتُ إلَيكُم أخي وَابنَ عَمّي وثِقَتي مِن أهلِ بَيتي مُسلِمَ بنَ عَقيلِ بنِ أبي طالِبٍ ، وقَد أمَرتُهُ أن يَكتُبَ إلَيَّ بِحالِكُم ورَأيِكُم ورَأيِ ذَوِي الحِجا وَالفَضلِ مِنكُم ، وهُوَ مُتَوَجِّهٌ إلى‏ ما قِبَلِكُم إن شاءَ اللَّهُ تَعالى ، وَالسَّلامُ ، ولا قُوَّةَ إلّا بِاللَّهِ ، فَإِن كُنتُم عَلى‏ ما قَدِمَت بِهِ رُسُلُكم وقَرَأتُ في كُتُبِكُم ، فَقوموا مَعَ ابنِ عَمّي وبايِعوهُ وَانصُروهُ ولا تَخذِلوهُ .۱
ويدلّ هذا النصّ على أنّ مهمّة مسلم الرئيسة كانت تقييم جوّ الكوفة السياسي والاجتماعي عن كثب ، وتحقيقاً لهذا الهدف فقد طلب الإمام من أنصاره أن يبايعوه ويعينوه في الاُمور المتعلّقة بتنظيم الثورة ضدّ حكم يزيد .
وبالإضافة إلى ذلك ، فإنّ التعبير ب «أخي» و«ثقتي» يدلّان على المكانة السامية لمسلم عليه السلام في كمالاته الروحية من جهة ، واعتماد الإمام عليه السلام عليه بدرايته وحنكته السياسية من جهة اُخرى . والآن يجب أن نرى إلى أيّ مدى كان مسلم ناجحاً في أداء هذه المهمّة؟

۲. الجوّ السياسي والاجتماعي في الكوفة

تقدّم في تحليل آخر۲ أنّ اختيار الكوفة كمركز للنهضة الحسينية ضدّ حكم يزيد لا يعني أنّ الإمام الحسين عليه السلام كان يعتقد بأن كلّ أهل الكوفة قد غيّروا سلوكهم ، وأنّهم مستعدّون بشكل

1.راجع : ص ۲۹۶ ح ۲۴۵ .

2.راجع : ص ۷۰ (الفصل الثالث / تقييم سفر الإمام الحسين عليه السلام إلى العراق وثورة الكوفة) .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 18620
صفحه از 1479
پرینت  ارسال به