نطاق مهمّته ، يجب القول بأنّه قد أدّى مسؤوليّته ما استطاع إلى ذلك سبيلاً ، وأنّ ماحدث كان له أسبابه الخاصّة .
ومن أجل تقديم تقييم موضوعي لما قام به مسلم في الكوفة ، علينا أن نركّز اهتمامنا ودراستنا على بعض القضايا :
۱. نطاق مهمّة مسلم
الأمر الأوّل الذي يجب أن يؤخذ بنظر الاعتبار في تقييم ما أنجزه مسلم ، هو موضوع مهمّته ونطاقها ، وقد جاء هذا الموضوع بوضوح في كتاب الإمام عليه السلام إلى أهل الكوفة ، وهذا هو نصّ الكتاب استناداً إلى رواية المصادر التاريخية :
وقَد بَعَثتُ إلَيكُم أخي وَابنَ عَمّي وثِقَتي مِن أهلِ بَيتي مُسلِمَ بنَ عَقيلِ بنِ أبي طالِبٍ ، وقَد أمَرتُهُ أن يَكتُبَ إلَيَّ بِحالِكُم ورَأيِكُم ورَأيِ ذَوِي الحِجا وَالفَضلِ مِنكُم ، وهُوَ مُتَوَجِّهٌ إلى ما قِبَلِكُم إن شاءَ اللَّهُ تَعالى ، وَالسَّلامُ ، ولا قُوَّةَ إلّا بِاللَّهِ ، فَإِن كُنتُم عَلى ما قَدِمَت بِهِ رُسُلُكم وقَرَأتُ في كُتُبِكُم ، فَقوموا مَعَ ابنِ عَمّي وبايِعوهُ وَانصُروهُ ولا تَخذِلوهُ .۱
ويدلّ هذا النصّ على أنّ مهمّة مسلم الرئيسة كانت تقييم جوّ الكوفة السياسي والاجتماعي عن كثب ، وتحقيقاً لهذا الهدف فقد طلب الإمام من أنصاره أن يبايعوه ويعينوه في الاُمور المتعلّقة بتنظيم الثورة ضدّ حكم يزيد .
وبالإضافة إلى ذلك ، فإنّ التعبير ب «أخي» و«ثقتي» يدلّان على المكانة السامية لمسلم عليه السلام في كمالاته الروحية من جهة ، واعتماد الإمام عليه السلام عليه بدرايته وحنكته السياسية من جهة اُخرى . والآن يجب أن نرى إلى أيّ مدى كان مسلم ناجحاً في أداء هذه المهمّة؟
۲. الجوّ السياسي والاجتماعي في الكوفة
تقدّم في تحليل آخر۲ أنّ اختيار الكوفة كمركز للنهضة الحسينية ضدّ حكم يزيد لا يعني أنّ الإمام الحسين عليه السلام كان يعتقد بأن كلّ أهل الكوفة قد غيّروا سلوكهم ، وأنّهم مستعدّون بشكل