377
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

ويُخَذِّلَ النّاسَ عَنِ ابنِ عَقيلٍ ، ويُخَوِّفَهُمُ الحَربَ ويُحَذِّرَهُم عُقوبَةَ السُّلطانِ ، وأمَرَ مُحَمَّدَ بنَ الأَشعَثِ أن يَخرُجَ فيمَن أطاعَهُ مِن كِندَةَ وحَضرَمَوتَ ، فَيَرفَعَ رايَةَ أمانٍ لِمَن جاءَهُ مِنَ النّاسِ ، وقالَ مِثلَ ذلِكَ لِلقَعقاعِ الذُّهلِيِّ ، وشَبَثِ بنِ رِبعِيٍّ التَّميمِيِّ ، وحَجّارِ بنِ أبجَرٍ العِجلِيِّ ، وشِمرِ بنِ ذِي الجَوشَنِ العامِرِيِّ ، وحَبَسَ باقِيَ وُجوهِ النّاسِ عِندَهُ استيحاشاً إلَيهِم ؛ لِقِلَّةِ عَدَدِ مَن مَعَهُ مِنَ النّاسِ .
فَخَرَجَ كَثيرُ بنُ شِهابٍ يُخَذِّلُ النّاسَ عَنِ ابنِ عَقيلٍ ، وخَرَجَ مُحَمَّدُ بنُ الأَشعَثِ حَتّى‏ وَقَفَ عِندَ دورِ بَني عُمارَةَ ، فَبَعَثَ ابنُ عَقيلٍ إلى‏ مُحَمَّدِ بنِ الأَشعَثِ مِنَ المَسجِدِ عَبدَ الرَّحمنِ بنَ شُرَيحٍ الشِّبامِيَّ ، فَلَمّا رَأَى ابنُ الأَشعَثِ كَثرَةَ مَن أتاهُ تَأَخَّرَ عَن مَكانِهِ ، وجَعَلَ مُحَمَّدُ بنُ الأَشعَثِ ، وكَثيرُ بنُ شِهابٍ ، وَالقَعقاعُ بنُ شَورٍ الذُهلِيُّ ، وشَبَثُ بنُ رِبعِيٍّ ، يَرُدّونَ النّاسَ عَنِ اللُّحوقِ بِمُسلِمٍ ويُخَوِّفونَهُمُ السُّلطانَ ، حَتَّى اجتَمَعَ إلَيهِم عَدَدٌ كَثيرٌ مِن قَومِهِم وغَيرِهِم ، فَصاروا إلَى ابنِ زِيادٍ مِن قِبَلِ دارِ الرّومِيّينَ ، ودَخَلَ القَومُ مَعَهُم .
فَقالَ لَهُ كَثيرُ بنُ شِهابٍ : أصلَحَ اللَّهُ الأَميرَ ! مَعَكَ فِي القَصرِ ناسٌ كَثيرٌ مِن أشرافِ النّاسِ ، ومِن شُرَطِكَ وأهلِ بَيتِكَ ومَواليكَ ، فَاخرُج بِنا إلَيهِم ، فَأَبى‏ عُبَيدُ اللَّهِ ، وعَقَدَ لشَبَثِ بنِ رِبعِيٍّ لِواءً فَأَخرَجَهُ .
وأقامَ النّاسُ مَعَ ابنِ عَقيلٍ يَكثُرونَ حَتَّى المَساءِ ، وأمرُهُم شَديدٌ ، فَبَعَثَ عُبَيدُ اللَّهِ إلَى الأَشرافِ فَجَمَعَهُم ، ثُمَّ أشرَفوا عَلَى النّاسِ فَمَنَّوا أهلَ الطّاعَةِ الزِّيادَةَ وَالكَرامَةَ ، وخَوَّفوا أهلَ العِصيانِ الحِرمانَ وَالعُقوبَةَ ، وأعلَموهُم وُصولَ الجُندِ مِنَ الشّامِ إلَيهِم.۱

۳۹۳.الكامل في التاريخ : أقبَلَ أشرافُ النّاسِ يَأتونَ ابنَ زِيادٍ مِن قِبَلِ البابِ الَّذي يَلي دارَ الرُّومِيّينَ ، وَالنّاسُ يَسُبّونَ ابنَ زِيادٍ وأباهُ ، فَدَعَا ابنُ زِيادٍ كَثيرَ بنَ شِهابٍ الحارِثِيَّ ، وأمَرَهُ أن يَخرُجَ فيمَن أطاعَهُ مِن مَذحِجٍ ، فَيَسيرَ ويُخَذِّلَ النّاسَ عَنِ ابنِ عَقيلٍ ويُخَوِّفَهُم ، وأمَرَ مُحَمَّدَ بنَ الأَشعَثِ أن يَخرُجَ فيمَن أطاعَهُ مِن كِندَةَ وحَضرَمَوتَ ، فَيَرفَعَ رايَةَ أمانٍ لِمَن جاءَهُ مِنَ النّاسِ ، وقالَ مِثلَ ذلِكَ لِلقَعقاعِ بنِ شَورٍ الذُهلِيِّ ، وشَبَثِ بنِ رِبعِيٍّ التَّميمِيِّ ، وحَجّارِ بنِ أبجَرٍ العِجلِيِّ ، وشِمرِ بنِ

1.الإرشاد : ج ۲ ص ۵۲ ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۴۹ وفيه «عبد الرحمن بن شريح الشيباني» و«القعقاع بن ثور الذهلي» وراجع : الملهوف : ص ۱۱۹ والمناقب لابن شهرآشوب : ج ۴ ص ۹۲ وإعلام الورى : ج ۱ ص ۴۴۱ .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
376

فَلَمّا اجتَمَعَ عِندَ عُبَيدِ اللَّهِ كَثيرُ بنُ شِهابٍ ومُحَمَّدٌ وَالقَعقاعُ فيمَن أطاعَهُم مِن قَومِهِم ، فَقالَ لَهُ كَثيرٌ - وكانوا مُناصِحينَ لِابنِ زِيادٍ - : أصلَحَ اللَّهُ الأَميرَ ! مَعَكَ فِي القَصرِ ناسٌ كَثيرٌ مِن أشرافِ النّاسِ ، ومِن شُرَطِكَ وأهلِ بَيتِكَ ومَواليكَ ، فَاخرُج بِنا إلَيهِم .
فأبى‏ عُبَيدُ اللَّهِ ، وعَقَدَ لِشَبَثِ بنِ رِبعِيٍّ لِواءً فَأَخرَجَهُ ، وأقامَ النّاسُ مَعَ ابنِ عَقيلٍ يُكَبِّرونَ ويُثَوِّبونَ حَتَّى المَساءِ ، وأمرُهُم شَديدٌ ، فَبَعَثَ عُبَيدُ اللَّهِ إلَى الأَشرافِ فَجَمَعَهُم إلَيهِ ، ثُمَّ قالَ : أشرِفوا عَلَى النّاسِ ، فَمَنّوا أهلَ الطّاعَةِ الزِّيادَةَ وَالكَرامَةَ ، وخَوِّفوا أهلَ المَعصِيَةِ الحِرمانَ وَالعُقوبَةَ، وأعلِموهُم فُصولَ‏۱ الجُنودِ مِنَ الشّامِ إلَيهِم.
قالَ أبو مِخنَفٍ : حَدَّثَني سُلَيمانُ بنُ أبي راشِدٍ ، عَن عَبدِ اللَّهِ بنِ خازِمٍ الكَثيريِّ مِنَ الأَزدِ مِن بَني كَثيرٍ ، قالَ : أشرَفَ عَلَينَا الأَشرافُ ، فَتَكَلَّمَ كَثيرُ بنُ شِهابٍ أوَّلَ النّاسِ حَتّى‏ كادَتِ الشَّمسُ أن تَجِبَ‏۲ ، فَقالَ : أيُّهَا النّاسُ ! اِلحَقوا بِأَهاليكُم ولا تَعَجَّلُوا الشَّرَّ ، ولا تُعَرِّضوا أنفُسَكُم لِلقَتلِ ؛ فَإِنَّ هذِهِ جُنودُ أميرِ المُؤمِنينَ يَزيدَ قَد أقبَلَت ، وقَد أعطَى اللَّهَ الأَميرُ عَهداً ، لَئِن أتمَمتُم عَلى‏ حَربِهِ ، ولَم تَنصَرِفوا مِن عَشِيَّتِكُم ، أن يَحرِمَ ذُرِّيَّتَكُمُ العَطاءَ ، ويُفَرِّقَ مُقاتِلَتَكُم في مَغازي أهلِ الشّامِ عَلى‏ غَيرِ طَمَعٍ ، وأن يَأخُذَ البَري‏ءَ بِالسَّقيمِ ، وَالشّاهِدَ بِالغائِبِ ، حَتّى‏ لا يَبقى‏ لَهُ فيكُم بَقِيَّةٌ مِن أهلِ المَعصِيَةِ إلّا أذاقَها وَبالَ ما جَرَّت أيدِيها .
وتَكَلَّمَ الأَشرافُ بِنَحوٍ مِن كَلامِ هذا ، فَلَمّا سَمِعَ مَقالَتَهُمُ النّاسُ أخَذوا يَتَفَرَّقونَ ، وأخَذوا يَنصَرِفونَ.۳

۳۹۲.الإرشاد : أقبَلَ مَن نَأى‏ عَنهُ [أي عَنِ ابنِ زِيادٍ] مِن أشرافِ النّاسِ ، يَأتونَهُ مِن قِبَلِ البابِ الَّذي يَلي دارَ الرّومِيّينَ ، وجَعَلَ مَن فِي القَصرِ مَعَ ابنِ زِيادٍ يُشرِفونَ عَلَيهِم فَيَنظُرونَ إلَيهِم ، وهُم يَرمونَهُم بِالحِجارَةِ ويَشتِمونَهُم ، و[لا۴ يَفتُرونَ عَلى‏ عُبَيدِ اللَّهِ وعَلى‏ أبيهِ .
ودَعَا ابنُ زِيادٍ كَثيرَ بنَ شِهابٍ ، وأمَرَهُ أن يَخرُجَ فيمَن أطاعَهُ مِن مَذحِجٍ ، فَيَسيرَ فِي الكوفَةِ

1.فَصَلَ : أي خرج (الصحاح : ج ۵ ص ۱۷۹۰ «فصل») .

2.وجبت الشمسُ : غابت (القاموس المحيط : ج ۱ ص ۱۳۶ «وجب») .

3.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۶۹ وراجع : أنساب الأشراف : ج ۲ ص ۳۳۸ ومقاتل الطالبيّين : ص ۱۰۳ والبداية والنهاية : ج ۸ ص ۱۵۴ والمختصر في أخبار البشر لأبي الفداء : ج ۱ ص ۱۸۹ .

4.]سقط ما بين المعقوفين من المصدر، وأثبتناه لاستقامة المعنى طبقاً للنصّ السابق عن الطبري.

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 18612
صفحه از 1479
پرینت  ارسال به