بَغلَتَهُ ثُمَّ انحَدَرَ راجِلاً وَحدَهُ ، فَجَعَلَ يَمُرُّ بِالمَحارِسِ ، فَكُلَّما نَظَروا إلَيهِ لَم يَشُكّوا أنَّهُ الحُسَينُ عليه السلام ، فَيَقولونَ : مَرحَباً بِكَ يَا بنَ رَسولِ اللَّهِ ، وجَعَلَ لا يُكَلِّمُهُم ؛ وخَرَجَ إلَيهِ النّاسُ مِن دورِهِم وبُيوتِهِم .
وسَمِعَ بِهِمُ النّعمانُ بنُ بَشيرٍ ، فَغَلَّقَ عَلَيهِ وعَلى خاصَّتِهِ ، وَانتَهى إلَيهِ عُبَيدُ اللَّهِ وهُوَ لا يَشُكُّ أنَّهُ الحُسَينُ عليه السلام ، ومَعَهُ الخَلقُ يَضُجّونَ ، فَكَلَّمَهُ النُّعمانُ ، فَقالَ : أنشُدُكَ اللَّهَ إلّا تَنَحَّيتَ عَنّي ، ما أنَا بِمُسَلِّمٍ إلَيكَ أمانَتي ، وما لي في قَتلِكَ مِن إربٍ۱ ، فَجَعَلَ لا يُكَلِّمُهُ ، ثُمَّ إنَّهُ دَنا ، وتَدَلَّى الآخَرُ بَينَ شُرفَتَينِ ، فَجَعَلَ يُكَلِّمُهُ ، فَقالَ : اِفتَح لا فَتَحتَ ! فَقدَ طالَ لَيلُكَ .
فَسَمِعَها إنسانٌ خَلفَهُ ، فَتَكَفّى إلَى القَومِ ، فَقالَ : أي قَومُ ، ابنُ مَرجانَةَ وَالَّذي لا إلهَ غَيرُهُ ! فَقالوا : وَيحَكَ ! إنَّما هُوَ الحُسَينُ عليه السلام . فَفَتَحَ لَهُ النُّعمانُ فَدَخَلَ ، وضَرَبُوا البابَ في وُجوهِ النّاسِ فَانفَضّوا ، وأصبَحَ فَجَلَسَ عَلَى المِنبَرِ .
فَقالَ : أيُّهَا النّاسُ ! إنّي لَأَعلَمُ أنَّهُ قَد سارَ مَعي وأظهَرَ الطّاعَةَ لي مَن هُوَ عَدُوٌّ لِلحُسَينِ حينَ ظَنَّ أنَّ الحُسَينَ قَد دَخَلَ البَلَدَ وغَلَبَ عَلَيهِ ، وَاللَّهِ ما عَرَفتُ مِنكُم أحَداً ، ثُمَّ نَزَلَ .۲
۳۱۲.الكامل في التاريخ : خَرَجَ [ابنُ زِيادٍ] مِنَ البَصرَةِ ومَعَهُ مُسلِمُ بنُ عَمرٍو الباهِلِيُّ ، وشَريكُ بنُ الأَعوَرِ الحارِثِيُّ ، وحَشَمُهُ وأهلُ بَيتِهِ ، وكانَ شَريكٌ شيعِيّاً .
وقيلَ : كانَ مَعَهُ خَمسُمِئَةٍ فَتَساقَطوا عَنهُ ، فَكانَ أَوّلَ مَن سَقَطَ شَريكٌ ، ورَجَوا أن يَقِفَ عَلَيهِم ويَسبِقَهُ الحُسَينُ عليه السلام إلَى الكوفَةِ ؛ فَلَم يَقِف عَلى أحَدٍ مِنهُم ، حَتّى دَخَلَ الكوفَةَ وَحدَهُ .
فَجَعَل يَمُرُّ بِالمَجالِسِ فَلا يَشُكّونَ أنَّهُ الحُسَينُ عليه السلام ، فَيَقولونَ : مَرحَباً بِكَ يَا بنَ رَسولِ اللَّهِ ! وهُوَ لا يُكَلِّمُهُم ، وخَرَجَ إلَيهِ النّاسُ مِن دورِهِم ، فَساءَهُ ما رَأى مِنهُم ، وسَمِعَ النُّعمانُ فَأَغلَقَ عَلَيهِ البابَ ، وهُوَ لا يَشُكُّ أنَّهُ الحُسَينُ عليه السلام ، وَانتَهى إلَيهِ عُبَيدُ اللَّهِ ومَعَهُ الخَلقُ يَصيحونَ ، فَقالَ لَهُ النُّعمانُ : أنشُدُكَ اللَّهَ إلّا تَنَحَّيتَ عَنّي ! فَوَاللَّهِ ما أنَا بِمُسَلِّمٍ إلَيكَ أمانَتي ، وما لي في قِتالِكَ مِن حاجَةٍ .