331
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

بَغلَتَهُ ثُمَّ انحَدَرَ راجِلاً وَحدَهُ ، فَجَعَلَ يَمُرُّ بِالمَحارِسِ ، فَكُلَّما نَظَروا إلَيهِ لَم يَشُكّوا أنَّهُ الحُسَينُ عليه السلام ، فَيَقولونَ : مَرحَباً بِكَ يَا بنَ رَسولِ اللَّهِ ، وجَعَلَ لا يُكَلِّمُهُم ؛ وخَرَجَ إلَيهِ النّاسُ مِن دورِهِم وبُيوتِهِم .
وسَمِعَ بِهِمُ النّعمانُ بنُ بَشيرٍ ، فَغَلَّقَ عَلَيهِ وعَلى‏ خاصَّتِهِ ، وَانتَهى‏ إلَيهِ عُبَيدُ اللَّهِ وهُوَ لا يَشُكُّ أنَّهُ الحُسَينُ عليه السلام ، ومَعَهُ الخَلقُ يَضُجّونَ ، فَكَلَّمَهُ النُّعمانُ ، فَقالَ : أنشُدُكَ اللَّهَ إلّا تَنَحَّيتَ عَنّي ، ما أنَا بِمُسَلِّمٍ إلَيكَ أمانَتي ، وما لي في قَتلِكَ مِن إربٍ‏۱ ، فَجَعَلَ لا يُكَلِّمُهُ ، ثُمَّ إنَّهُ دَنا ، وتَدَلَّى الآخَرُ بَينَ شُرفَتَينِ ، فَجَعَلَ يُكَلِّمُهُ ، فَقالَ : اِفتَح لا فَتَحتَ ! فَقدَ طالَ لَيلُكَ .
فَسَمِعَها إنسانٌ خَلفَهُ ، فَتَكَفّى‏ إلَى القَومِ ، فَقالَ : أي قَومُ ، ابنُ مَرجانَةَ وَالَّذي لا إلهَ غَيرُهُ ! فَقالوا : وَيحَكَ ! إنَّما هُوَ الحُسَينُ عليه السلام . فَفَتَحَ لَهُ النُّعمانُ فَدَخَلَ ، وضَرَبُوا البابَ في وُجوهِ النّاسِ فَانفَضّوا ، وأصبَحَ فَجَلَسَ عَلَى المِنبَرِ .
فَقالَ : أيُّهَا النّاسُ ! إنّي لَأَعلَمُ أنَّهُ قَد سارَ مَعي وأظهَرَ الطّاعَةَ لي مَن هُوَ عَدُوٌّ لِلحُسَينِ حينَ ظَنَّ أنَّ الحُسَينَ قَد دَخَلَ البَلَدَ وغَلَبَ عَلَيهِ ، وَاللَّهِ ما عَرَفتُ مِنكُم أحَداً ، ثُمَّ نَزَلَ .۲

۳۱۲.الكامل في التاريخ : خَرَجَ [ابنُ زِيادٍ] مِنَ البَصرَةِ ومَعَهُ مُسلِمُ بنُ عَمرٍو الباهِلِيُّ ، وشَريكُ بنُ الأَعوَرِ الحارِثِيُّ ، وحَشَمُهُ وأهلُ بَيتِهِ ، وكانَ شَريكٌ شيعِيّاً .
وقيلَ : كانَ مَعَهُ خَمسُمِئَةٍ فَتَساقَطوا عَنهُ ، فَكانَ أَوّلَ مَن سَقَطَ شَريكٌ ، ورَجَوا أن يَقِفَ عَلَيهِم ويَسبِقَهُ الحُسَينُ عليه السلام إلَى الكوفَةِ ؛ فَلَم يَقِف عَلى‏ أحَدٍ مِنهُم ، حَتّى‏ دَخَلَ الكوفَةَ وَحدَهُ .
فَجَعَل يَمُرُّ بِالمَجالِسِ فَلا يَشُكّونَ أنَّهُ الحُسَينُ عليه السلام ، فَيَقولونَ : مَرحَباً بِكَ يَا بنَ رَسولِ اللَّهِ ! وهُوَ لا يُكَلِّمُهُم ، وخَرَجَ إلَيهِ النّاسُ مِن دورِهِم ، فَساءَهُ ما رَأى‏ مِنهُم ، وسَمِعَ النُّعمانُ فَأَغلَقَ عَلَيهِ البابَ ، وهُوَ لا يَشُكُّ أنَّهُ الحُسَينُ عليه السلام ، وَانتَهى‏ إلَيهِ عُبَيدُ اللَّهِ ومَعَهُ الخَلقُ يَصيحونَ ، فَقالَ لَهُ النُّعمانُ : أنشُدُكَ اللَّهَ إلّا تَنَحَّيتَ عَنّي ! فَوَاللَّهِ ما أنَا بِمُسَلِّمٍ إلَيكَ أمانَتي ، وما لي في قِتالِكَ مِن حاجَةٍ .

1.الإرب : الحاجة (لسان العرب : ج ۱ ص ۲۰۸ «أرب») .

2.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۵۹ ؛ الإرشاد : ج ۲ ص ۴۳ نحوه وليس فيه صدره إلى «النعمان بن بشير» ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۴۱ وراجع : البداية والنهاية : ج ۸ ص ۱۵۳ .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
330

زِيادٍ ، وأقبَلَ إلَى الكوفَةِ ومَعَهُ مُسلِمُ بنُ عَمرٍو الباهِلِيُّ ، وشَريكُ بنُ الأَعوَرِ الحارِثِيُّ ، وحَشَمُهُ وأهلُ بَيتِهِ ، حَتّى‏ دَخَلَ الكوفَةَ وعَلَيهِ عِمامَةٌ سَوداءُ وهُوَ مُتَلَثِّمٌ ، وَالنّاسُ قَد بَلَغَهُم إقبالُ حُسَينٍ عليه السلام إلَيهِم ، فَهُم يَنتَظِرونَ قُدومَهُ ، فَظَنّوا حينَ قَدِمَ عُبَيدُ اللَّهِ أنَّهُ الحُسَينُ عليه السلام ، فَأَخَذَ لا يَمُرُّ عَلى‏ جَماعَةٍ مِنَ النّاسِ إلّا سَلَّموا عَلَيهِ ، وقالوا : مَرحَباً بِكَ يَا بنَ رَسولِ اللَّهِ ، قَدِمتَ خَيرَ مَقدَمٍ ، فَرَأى‏ مِن تَباشيرِهِم بِالحُسَينِ عليه السلام ما ساءَهُ .
فَقالَ مُسلِمُ بنُ عَمرٍو لَمّا أكثَروا : تَأَخَّروا ، هذَا الأَميرُ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ زِيادٍ . فَأَخَذَ حينَ أقبَلَ عَلَى الظَّهرِ ، وإنَّما مَعَهُ بِضعَةَ عَشَرَ رَجُلاً .
فَلَمّا دَخَلَ القَصرَ ، وعَلِمَ النّاسُ أنَّهُ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ زِيادٍ ، دَخَلَهُم مِن ذلِكَ كَآبَةٌ وحُزنٌ شَديدٌ ، وغاظَ عُبيدَ اللَّهِ ما سَمِعَ مِنهُم ، وقالَ : ألا أرى‏ هؤُلاءِ كَما أرى‏ .۱

۳۱۱.تاريخ الطبري عن عيسى بن يزيد الكنانيّ : لَمّا جاءَ كِتابُ يَزيدَ إلى‏ عُبَيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ انتَخَبَ مِن أهلِ البَصرَةِ خَمسَمِئَةٍ ، فيهِم عَبدُ اللَّهِ بنُ الحارِثِ بنُ نَوفَلٍ ، وشَريكُ بنُ الأَعوَرِ - وكانَ شيعَةً لِعَلِيٍّ - فَكانَ أوَّلَ مَن سَقَطَ بِالنّاسِ شَريكٌ ، فَيُقالُ : إنَّهُ تَساقَطَ غَمرَةً۲ومَعَهُ ناسٌ ، ثُمَّ سَقَطَ عَبدُ اللَّهِ بنُ الحارِثِ وسَقَطَ مَعَهُ ناسٌ ، ورَجَوا أن يَلوِيَ‏۳عَلَيهِم عُبَيدُ اللَّهِ ، ويَسبِقَهُ الحُسَينُ عليه السلام إلَى الكوفَةِ ، فَجَعَلَ لا يَلتَفِتُ إلى‏ مَن سَقَطَ ويَمضي ، حَتّى‏ وَرَدَ القادِسِيَّةَ۴ ، وسَقَطَ مِهرانُ مَولاهُ .
فَقالَ : أيا مِهرانُ ! عَلى هذِهِ الحالِ ، إن أمسَكتُ عَنكَ حَتّى‏ تَنظُرَ إلَى القَصرِ فَلَكَ مِئَةُ ألفٍ . قالَ : لا وَاللَّهِ ما أستَطيعُ !
فَنَزَلَ عُبَيدُ اللَّهِ ، فَأَخرَجَ ثِياباً مُقَطَّعَةً مِن مُقَطَّعاتِ‏۵اليَمَنِ ، ثُمَّ اعتَجَرَ۶ بِمِعجَرَةٍ يَمانِيَّةٍ ، فَرَكِبَ

1.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۵۸ ، البداية والنهاية : ج ۸ ص ۱۵۲ نحوه ؛ الإرشاد : ج ۲ ص ۴۳ ، روضة الواعظين : ص‏۱۹۲ ، إعلام الورى : ج‏۱ ص‏۴۳۷ وليس في الثلاثة الأخيرة ذيله من «فأخذ» ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۴۰.

2.الغَمرَة : الشدّة ، وغمرةُ كلّ شي‏ءٍ : منهمكه وشدّته ، كغمرة الهمّ والموت ونحوهما (لسان العرب : ج ۵ ص ۲۹ «غمر») .

3.لوى عليه : إذا عطف وعرج (النهاية : ج ۴ ص ۲۷۹ «لوا») .

4.راجع: الخريطة رقم ۴ في آخر الكتاب .

5.مُقَطَّعاتٌ : أي ثيابٌ قِصار ؛ لأنّها قُطِعت عن بُلوغِ التمامِ . وقيل : المُقَطَّعُ من الثياب : كلّ ما يُفصّل ويُخاط من قميص وغيره (النهاية : ج ۴ ص ۸۱ «قَطع») .

6.الاعتجار : لَفُّ العمامة (القاموس المحيط : ج ۲ ص ۸۵ «عجر») .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 18726
صفحه از 1479
پرینت  ارسال به