257
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

أحَداً إلّا أن تَأتِيَهُ الخِلافَةُ فَيَأخُذَها عَفواً ، فَذَر عَنكَ ابنَ عُمَرَ ، وَابعَث إلَى الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ وعَبدِ الرَّحمنِ بنِ أبي بَكرٍ وعَبدِ اللَّهِ بنِ الزُّبَيرِ ، فَادعُهُم إلَى البَيعَةِ ، مَعَ أنّي أعلَمُ أنَّ الحُسَينَ بنَ عَلِيٍّ خاصَّةً لا يُجيبُكَ إلى‏ بَيعَةِ يَزيدَ أبَداً ولا يَرى‏ لَهُ عَلَيهِ طاعَةً ، ووَاللَّهِ، أن لَو كُنتُ في مَوضِعِكَ لَم اُراجِعِ الحُسَينَ بِكَلِمَةٍ واحِدَةٍ حَتّى‏ أضرِبَ رَقَبَتَهُ كائِناً في ذلِكَ ما كانَ .
قالَ : فَأَطرَقَ الوَليدُ بنُ عُتبَةَ إلَى الأَرضِ ساعَةً ، ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ وقالَ : يا لَيتَ الوَليدَ لَم يولَد ولَم يَكُن شَيئاً مَذكوراً .
قالَ : ثُمَّ دَمَعَت عَيناهُ ، فَقالَ لَهُ عَدُوُّ اللَّهِ مَروانُ : أوِّه أيُّهَا الأَميرُ ، لا تَجزَع مِمّا قُلتُ لَكَ ؛ فَإِنَّ آلَ أبي تُرابٍ هُمُ الأَعداءُ في قَديمِ الدَّهرِ لَم يَزالوا ، وهُمُ الَّذينَ قَتَلُوا الخَليفَةَ عُثمانَ بنَ عَفّانَ ثُمَّ ساروا إلى‏ أميرِ المُؤمِنينَ فَحارَبوهُ ، وبَعدُ فَإِنّي لَستُ آمَنُ أيُّهَا الأَميرُ أَنَّكَ إن لَم تُعاجِلِ الحُسَينَ بنَ عَلِيٍّ خاصَّةً ، أن تَسقُطَ مَنزِلَتُكَ عِندَ أميرِ المُؤمِنينَ يَزيدَ .
فَقالَ لَهُ الوَليدُ بنُ عُتبَةَ : مَهلاً ! وَيحَكَ يا مَروانُ عَن كَلامِكَ هذا ! وأحسِنِ القَولَ فِي ابنِ فاطِمَةَ ، فَإِنَّهُ بَقِيَّةُ وُلدِ النَّبِيّينَ .۱

۱۷۱.الأخبار الطوال : لَمّا وَرَدَ ذلِكَ [أي كِتابُ يَزيدَ] عَلَى الوَليدِ قُطِعَ بِهِ وخافَ الفِتنَةَ ، فَبَعَثَ إلى‏ مَروانَ ، وكانَ الَّذي بَينَهُما مُتَباعِداً ، فَأَتاهُ ، فَأَقرَأَهُ الوَليدُ الكِتابَ وَاستَشارَهُ . فَقالَ لَهُ مَروانُ : أمّا عَبدُ اللَّهِ بنُ عُمَرَ وعَبدُ الرَّحمنِ بنُ أبي بَكرٍ فَلا تَخافَنَّ ناحِيَتَهُما ؛ فَلَيسا بِطالِبينَ شَيئاً مِن هذَا الأَمرِ ، ولكِن عَلَيكَ بِالحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ وعَبدِ اللَّهِ بنِ الزُّبَيرِ ، فَابعَث إلَيهِمَا السّاعَةَ ، فَإِن بايَعا وإلّا فَاضرِب أعناقَهُما قَبلَ أن يُعلَنَ الخَبَرُ ، فَيَثِبَ كُلُّ واحِدٍ مِنهُما ناحِيَةً ، ويُظهِرَ الخِلافَ .۲

۱۷۲.الإمامة والسياسة : ذَكَروا أنَّ خالِدَ بنَ الحَكَمِ‏۳ لَمّا أتاهُ الكِتابُ مِن يَزيدَ فَظِعَ بِهِ ، فَدَعا مَروانَ بنَ الحَكَمِ وكانَ عَلَى المَدينَةِ قَبلَهُ ، فَلَمّا دَخَلَ عَلَيهِ مَروانُ وذلِكَ في أوَّلِ اللَّيلِ قالَ لَهُ خالِدٌ : اِحتَسِب صاحِبَكَ يا مَروانُ ، فَقالَ لَهُ مَروانُ : اُكتُم ما بَلَغَكَ ، إنّا للَِّهِ وإنّا إلَيهِ راجِعونَ ، ثُمَّ أقرَأَهُ الكِتابَ ، وقالَ لَهُ : مَا الرَّأيُ ؟ فَقالَ : أرسِلِ السّاعَةَ إلى‏ هؤُلاءِ النَّفَرِ فَخُذ بَيعَتَهُم ؛ فَإِنَّهُم إن بايَعوا

1.الفتوح : ج ۵ ص ۱۰ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۱۸۰ .

2.الأخبار الطوال : ص ۲۲۷ ، تذكرة الخواصّ : ص ۲۳۵ نحوه وراجع : المناقب لابن شهرآشوب : ج ۴ ص ۸۸ .

3.كذا ، وقد مرّت الملاحظة أنّه : «الوليد بن عتبة» وليس «خالد بن الحكم» .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
256

ودَعا إلى‏ نَفسِهِ .۱

۱۶۹.تاريخ دمشق عن زُريق مولى معاوية : لَمّا هَلَكَ مُعاوِيَةُ بَعَثَني يَزيدُ بنُ مُعاوِيَةَ إلَى الوَليدِ بنِ عُتبَةَ ، وهُوَ أميرُ المَدينَةِ ، وكَتَبَ إلَيهِ بِمَوتِ مُعاوِيَةَ ، وأن يَبعَثَ إلى‏ هؤُلاءِ الرَّهطِ ، وأن يَأمُرَهُم بِالبَيعَةِ . قالَ : فَقَدِمتُ المَدينَةَ لَيلاً فَقُلتُ لِلحاجِبِ : اِستَأذِن لي ، فَقالَ : قَد دَخَلَ ولا سَبيلَ لي إلَيهِ ، فَقُلتُ : إنّي جِئتُ بِأَمرٍ ، فَدَخَلَ فَأَخبَرَهُ ، فَأَذِنَ لَهُ وهُوَ عَلى‏ سَريرِهِ .
فَلَمّا قَرَأَ كِتابَ يَزيدَ بِوَفاةِ مُعاوِيَةَ وَاستِخلافِهِ جَزِعَ مِن مَوتِ مُعاوِيَةَ جَزَعاً شَديداً ، فَجَعَلَ يَقومُ عَلى‏ راحِلَتِهِ ، ثُمَّ يَرمي بِنَفسِهِ عَلى‏ فِراشِهِ .
ثُمَّ بَعَثَ إلى‏ مَروانَ ، فَجاءَ وعَلَيهِ قَميصٌ أبيَضُ ومُلاءَةٌ۲مُوَرَّدَةٌ ، فَنَعى‏ لَهُ مُعاوِيَةَ ، وأخبَرَهُ أنَّ يَزيدَ كَتَبَ إلَيهِ أن يَبعَثَ إلى‏ هؤُلاءِ الرَّهطِ فَيَدعُوَهُم إلَى البَيعَةِ لِيَزيدَ ، قالَ : فَتَرَحَّمَ مَروانُ عَلى‏ مُعاوِيَةَ ، ودَعا لَهُ بِخَيرٍ ، وقالَ : اِبعَث إلى‏ هؤُلاءِ الرَّهطِ السّاعَةَ ، فَادعُهُم إلَى البَيعَةِ ، فَإِن بايَعوا وإلّا فَاضرِب أعناقَهُم .
قالَ : سُبحانَ اللَّهِ ! أقتُلُ الحُسَينَ بنَ عَلِيٍّ وَابنَ الزُّبَيرِ ؟ ! قالَ : هُوَ ما أقولُ لَكَ .۳

۱۷۰.الفتوح : لَمّا وَرَدَ كِتابُ يَزيدَ عَلَى الوَليدِ بنِ عُتبَةَ وَقَرَأَهُ قالَ : «إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّآ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ»۴ ! يا وَيحَ الوَليدِ بنِ عُتبَةَ! مَن أدخَلَهُ في هذِهِ الإِمارَةِ ، ما لي ولِلحُسَينِ ابنِ فاطِمَةَ ؟ !
قالَ : ثُمَّ بَعَثَ إلى‏ مَروانَ بنِ الحَكَمِ فَأَراهُ الكِتابَ فَقَرَأَهُ وَاستَرجَعَ ، ثُمَّ قالَ : يَرحَمُ اللَّهُ أميرَ المُؤمِنينَ مُعاوِيَةَ ، فَقالَ الوَليدُ : أشِر عَلَيَّ بِرَأيِكَ في هؤُلاءِ القَومِ كَيف تَرى‏ أن أصنَعَ ؟
فَقالَ مَروانُ : اِبعَث إلَيهِم في هذِهِ السّاعَةِ فَتَدعوهُم إلَى البَيعَةِ وَالدُّخولِ في طاعَةِ يَزيدَ ، فَإِن فَعَلوا قَبِلتَ ذلِكَ مِنهُم ، وإن أبَوا قَدِّمهُم وَاضرِب أعناقَهُم قَبلَ أن يَدروا بِمَوتِ مُعاوِيَةَ ؛ فَإِنَّهُم إن عَلِموا ذلِكَ وَثَبَ كُلُّ رَجُلٍ مِنهُم فَأَظهَرَ الخِلافَ ودَعا إلى‏ نَفسِهِ ، فَعِندَ ذلِكَ أخافُ أن يَأتِيَكَ مِن قِبَلِهِم ما لا قِبَلَ لَكَ بِهِ وما لا يَقومُ لَهُ إلّا عَبدَ اللَّهِ بنَ عُمَرَ ؛ فَإِنّي لا أراهُ يُنازِعُ في هذَا الأَمرِ

1.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۳۸ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۲۹ وراجع: البداية والنهاية : ج ۸ ص ۱۴۷ .

2.المُلاءة : الإزار (النهاية : ج ۴ ص ۳۵۲ «ملأ») .

3.تاريخ دمشق : ج ۱۹ ص ۱۷ ، تاريخ خليفة بن خيّاط : ص ۱۷۷ .

4.البقرة : ۱۵۶ .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 18695
صفحه از 1479
پرینت  ارسال به