181
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

۳ / ۳ . رواية «منتخب التواريخ»

في النصف الأوّل من القرن الرابع عشر ذكر الشيخ محمّد هاشم الخراساني (المتوفّى ۱۳۵۲ ه ) في كتاب منتخب التواريخ (بالفارسية)۱قصّة تضرّر القبر بتفصيل أكثر ، فضلاً عن أنّه اعتبر هذا القبر لرقيّة بنت الحسين عليه السلام، وهذا ترجمة روايته :
وقد قال لي العالم الجليل الشيخ محمّد علي الشامي - الذي كان من جملة العلماء والدارسين في النجف الأشرف - : إنّ جدّي المباشر من طرف الاُمّ السيّد إبراهيم الدمشقي الذي ينتهي نسبه إلى السيّد المرتضى علم الهدى - وكان عمره الشريف ينيف على التسعين ، وكان رجلاً شريفاً ومحترماً للغاية - كانت له ثلاث بنات ولم يكن له أولاد ذكور، بأنّ ابنته الكبرى‏ رأت في المنام السيّدة رقيّة بنت الحسين عليه السلام وهي تقول : «قولي لأبيكِ أن يقول للوالي إنّ الماء جرى بين قبري ولحدي ، وإنّ جسمي قد تأذّى ، فقولي له أن يصلح قبري ولحدي» .
فقصّت ابنته الحلم على السيّد ، ولكنّه لم يعمل شيئاً خوفاً من أهل السنّة . وفي الليلة التالية رأت ابنة السيّد الوسطى الحلم نفسه وقصّته لأبيها ، فلم يفعل شيئاً في هذه المرّة أيضاً، وفي الليلة الثالثة رأت ابنة السيّد الصغرى الحلم ذاته وقصّته على الأب ، فلم يحرّك ساكناً في هذه المرّة أيضاً، وفي الليلة الرابعة رأى السيّد نفسه السيّدة رقيّة في منامه وهي تعاتبه قائلة : «لماذا لم تخبر الوالي؟» . فاستيقظ السيّد ، وفي الصباح ذهب إلى والي الشام ونقل منامه إليه .
فأمر الوالي أن يخرج علماء الشام وصلحاؤها من السنّة والشيعة ، ويغتسلوا ويرتدوا أنظف ثيابهم ، وأن ينبش قبر السيّدة رقيّة المقدّس كلّ من انفتح له قفل باب الحرم ، ويستخرج جثمانها الطاهر كي يُعمّر قبرها المطهّر . فأدّى كبار الشيعة والسنّة وصلحاؤهم آداب الغسل وارتدوا الملابس النظيفة ، فلم ينفتح القفل لأيٍّ منهم إلاّ على يد السيّد ، وبعد أن تشرّفوا بالدخول في وسط الحرم لم تؤثّر معاولهم في الأرض إلّا معول السيّد، ثمّ أخلوا الحرم وشقّوا اللّحد ، فرأوا أنّ الجثمان الطاهر لهذه المخدّرة بين لحدها وكفنها صحيح وسالم ، غير أنّ ماءً كثيراً تجمّع في وسط اللّحد ، فاستخرج السيّد جثمان المخدّرة الشريف من وسط اللّحد ووضعه على ركبتيه ، وأبقاه لثلاثة أيّام على ركبتيه وهو يبكي بشكل متواصل ، حتّى أصلحوا لحد المخدّرة من الأساس ، وعندما كان يحين وقت الصلاة كان السيّد يضع جثمان المخدّرة على شي‏ءٍ نظيف ثمّ يرفعه بعد الفراغ من ذلك ويضعه على ركبتيه ، حتّى فرغوا من تعمير القبر واللّحد ، فدفن السيّد جثمان المخدّرة . وبفضل كرامة هذه المخدّرة ومعجزتها كان السيّد خلال الأيّام الثلاثة في غنى عن الطعام والماء وتجديد الوضوء، وعندما أراد أن يدفنها دعا اللَّه أن يرزقه ولداً ، فاستجاب اللَّه له ورزقه على كبره ذكراً سمّاه مصطفى .
ثمّ إنّ الوالي كتب فيما بعد القصّة بالتفصيل إلى السلطان عبدالحميد، فأوكل إليه سدانة مرقد السيّدة زينب ، والمرقد الشريف للسيّدة رقيّة ، والمرقد الشريف لاُمّ كلثوم وسكينة ، ويتولّى الآن السيّد الحاج عبّاس ابن السيّد مصطفى ابن السيّد إبراهيم السابق الذكر إدارة هذه العتبات المقدّسة (انتهى).
ويبدو أنّ هذه القضية حدثت في حدود عام ألف ومئتين وثمانين .۲
وإذا ما أخذنا بنظر الاعتبار ما جاء في هذه الرواية - من أنّ الوجهاء وعلماء الشيعة والسنّة شهدوا هذه الحادثة - فإنّ الملاحظة الّتي تستحقّ الاهتمام هي : لماذا لم ينقل أحد هذه الحادثة المهمّة سوى المتولّين للمشهد المذكور ، رغم وجود الدواعي الكثيرة إلى نقل هذه الحوادث

1.فرغ من تأليفه في ۱۳۴۹ ه .

2.منتخب التواريخ «بالفارسيّة» : ص ۳۸۸ .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
180

۲ / ۶ . «رواية الإيقاد»

بعد بضع سنوات، ذكر شخص يُدعى محمّد علي‏شاه عبدالعظيمي (المتوفّى ۱۳۳۴ ه ) في كتاب الإيقاد لأوّل مرّة وبصراحة اسم الطفلة ، محدّداً عمرها بثلاث سنوات، وهذا هو نصّ ما ذكره :
كان للحسين عليه السلام بنت صغيرة يحبّها وتحبّه ، وقيل: كانت تُسمّى رقيّة ، وكان عمرها ثلاث سنين ، وكانت مع الأسرى في الشام... .۱
كان هذا استعراض ما ذُكر حول وفاة بنت للإمام الحسين عليه السلام في الشام .

۳ . المرقد المنسوب إلى السيّدة رقيّة

۳ / ۱ . رواية «تسلية المجالس»

تعود أوّل وثيقة وصلتنا بشأن المرقد الحالي ، إلى القرن العاشر الهجري ، وما ذكره محمّد بن أبي طالب الحائري الكركي (كان حيّاً في ۹۵۵ ه ) ، في كتاب تسلية المجالس :
لقد شاهدتُ في ... بلدة دمشق الشام شرقيّ مسجدها الأعظم خربةً - كانت فيما تقدّم مسجداً - مكتوب على صخرة عتبة بابها أسماء النبيّ وآله والأئمّة الاثني عشر عليهم السلام ، وبعدهم: هذا قبر السيّدة ملكة بنت الحسين عليه السلام ابن أميرالمؤمنين .۲

۳ / ۲ . رواية «نور الأبصار»

ذكر الشبلنجي في القرن الثالث عشر في كتاب نور الأبصار۳حول هذا المرقد قائلاً:
وقد أخبرني بعض الشوام أنّ للسيدة رقيّة بنت الإمام عليّ كرّم اللَّه وجهه ضريحاً بدمشق الشام ، وأنّ جدران قبرها كانت قد تعيّبت ، فأرادوا إخراجها منه لتجديده فلم يتجاسر أحد أن ينزله من الهيبة ، فحضر شخص من أهل البيت يُدعى السيّد ابن مرتضى ، فنزل في قبرها ، ووضع عليها ثوباً لفّها فيه وأخرجها ، فإذا هي بنت صغيرة دون البلوغ ، وقد ذكرت ذلك لبعض الأفاضل فحدّثني به ناقلاً عن أشياخه .۴
وقد نصّت هذه الرواية على أنّ رقيّة بنت عليّ عليه السلام صاحبة المرقد ، وهي أوّل رواية أشارت إلى موضوع تعيّب القبر .

1.الإيقاد : ص ۱۷۹ .

2.تسلية المجالس : ج ۲ ص ۹۳ .

3.فرغ من تأليفه في ۱۲۹۰ ه .

4.نور الأبصار : ص ۱۹۵ .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 18468
صفحه از 1479
پرینت  ارسال به