وبعد موت يزيد سنة ۶۴ه اتّسع نشاط التوّابين أكثر، وأصبحت الكوفة مهيّأة للثورة ضدّ حكومة بني اُميّة، وبعد ستّة أشهر من هلاك يزيد وعندما كان أصحاب سليمان بن صرد يعدّون أنفسهم للثورة، دخل المختار بن أبي عبيدة الكوفة - وكان قبل ذلك يتعاون لفترة مع عبد اللَّه بن الزبير ثمّ اعتزل عنه - ولكنّه رفض قيادة سليمان بن صرد ، وادّعى أنّه غير عارف بفنون الحرب، وأنّه سيعرّض الناس للقتل ،۱ وبذلك دعا الناس لقيادته بهدف الثأر للإمام الحسين عليه السلام ، و في جوابه للذين كانوا ينهونه عن هذا الأمر طرح نفسه بعنوان أنّه ممثّل المهديّ محمّد بن الحنفيّة للثأر للإمام .۲
وهكذا فقد ظهر الانشقاق بين أنصار النهضة، فكان معظمهم مع سليمان بن صرد لكنّ عدداً منهم انضمّوا إلى المختار .۳
وعلى أيّ حال ، فقد بدأت نهضة التوّابين بقيادة سليمان بن صرد حركتها في سنة ۶۵ ه بهدف الإطاحة بحكومة الشام، في ظلّ الظروف التي كانت فيها الكوفة تحت سيطرة عبداللَّه بن الزبير . وأمر سليمان أنصاره بأن يجتمعوا في النخيلة استعداداً لقتال جيش الشام ، إلّا أنّه بعد وصوله إلى هذا المعسكر وجد أنّه لم يبق من الذين كانوا بايعوه - أي حوالي ۱۶ ألف شخصٍ - سوى أربعة آلاف !۴
فسار سليمان مع ما تبقّى من أنصاره من النخيلة إلى كربلاء ، واستغفروا اللَّه عند قبر الإمام الحسين عليه السلام بعد أن اعترفوا بذنوبهم وتعاهدوا على أن يواصلوا طريقه، وقد كتب الطبري في هذا المجال قائلاً :
لمّا انتهى سليمان بن صرد وأصحابه إلى قبر الحسين ، نادوا صيحةً واحدة : يا ربّ، إنّا قد خذلنا ابن بنت نبيّنا ، فاغفر لنا ما مضى منّا ، وتب علينا إنّك أنت التوّاب الرحيم ، وارحم حسيناً وأصحابه الشهداء الصدّيقين ، وإنّا نشهدك يا ربّ أنّا على مثل ما قتلوا عليه ، فإن لم
1.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۵۶۰.
2.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۵۷۹، أنساب الأشراف: ج ۶ ص ۳۸۰، الكامل في التاريخ: ج ۲ ص ۶۳۳.
3.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۵۶۰ و ۵۸۰، أنساب الأشراف: ج ۶ ص ۳۸۰، الكامل في التاريخ: ج ۲ ص ۶۳۳.
4.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۵۸۳.