1183
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

وبعد موت يزيد سنة ۶۴ه اتّسع نشاط التوّابين أكثر، وأصبحت الكوفة مهيّأة للثورة ضدّ حكومة بني اُميّة، وبعد ستّة أشهر من هلاك يزيد وعندما كان أصحاب سليمان بن صرد يعدّون أنفسهم للثورة، دخل المختار بن أبي عبيدة الكوفة - وكان قبل ذلك يتعاون لفترة مع عبد اللَّه بن الزبير ثمّ اعتزل عنه - ولكنّه رفض قيادة سليمان بن صرد ، وادّعى أنّه غير عارف بفنون الحرب، وأنّه سيعرّض الناس للقتل ،۱ وبذلك دعا الناس لقيادته بهدف الثأر للإمام الحسين عليه السلام ، و في جوابه للذين كانوا ينهونه عن هذا الأمر طرح نفسه بعنوان أنّه ممثّل المهديّ محمّد بن الحنفيّة للثأر للإمام .۲
وهكذا فقد ظهر الانشقاق بين أنصار النهضة، فكان معظمهم مع سليمان بن صرد لكنّ عدداً منهم انضمّوا إلى المختار .۳
وعلى أيّ حال ، فقد بدأت نهضة التوّابين بقيادة سليمان بن صرد حركتها في سنة ۶۵ ه بهدف الإطاحة بحكومة الشام، في ظلّ الظروف التي كانت فيها الكوفة تحت سيطرة عبداللَّه بن الزبير . وأمر سليمان أنصاره بأن يجتمعوا في النخيلة استعداداً لقتال جيش الشام ، إلّا أنّه بعد وصوله إلى هذا المعسكر وجد أنّه لم يبق من الذين كانوا بايعوه - أي حوالي ۱۶ ألف شخصٍ - سوى أربعة آلاف !۴
فسار سليمان مع ما تبقّى من أنصاره من النخيلة إلى كربلاء ، واستغفروا اللَّه عند قبر الإمام الحسين عليه السلام بعد أن اعترفوا بذنوبهم وتعاهدوا على أن يواصلوا طريقه، وقد كتب الطبري في هذا المجال قائلاً :
لمّا انتهى سليمان بن صرد وأصحابه إلى قبر الحسين ، نادوا صيحةً واحدة : يا ربّ، إنّا قد خذلنا ابن بنت نبيّنا ، فاغفر لنا ما مضى منّا ، وتب علينا إنّك أنت التوّاب الرحيم ، وارحم حسيناً وأصحابه الشهداء الصدّيقين ، وإنّا نشهدك يا ربّ أنّا على مثل ما قتلوا عليه ، فإن لم

1.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۵۶۰.

2.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۵۷۹، أنساب الأشراف: ج ۶ ص ۳۸۰، الكامل في التاريخ: ج ۲ ص ۶۳۳.

3.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۵۶۰ و ۵۸۰، أنساب الأشراف: ج ۶ ص ۳۸۰، الكامل في التاريخ: ج ۲ ص ۶۳۳.

4.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۵۸۳.


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
1182

ورضاهما بتوليته .
فقال المسيب بن نجبة : أصبتم ووُفّقتم ، وأنا أرى مثل الذي رأيتم ، فَوَلّوا أمرَكم سليمانَ بنَ صرد .۱
وذكر الطبري في رواية اُخرى :
كان أوّل ما ابتدعوا به من أمرهم سنة ۶۱ ه ، وهي السنة التي قُتل فيها الحسين رضي اللَّه عنه ، فلم يزل القوم في جمع آلة الحرب والاستعداد للقتال ، ودعاء الناس في السرّ من الشيعة وغيرها إلى الطلب بدم الحسين ، فكان يجيبهم القوم بعد القوم والنفر بعد النفر ، فلم يزالوا كذلك وفي ذلك حتّى مات يزيد بن معاوية يوم الخميس لأربع عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأوّل سنة ۶۴ ه ، وكان بين قتل الحسين وهلاك يزيد بن معاوية ثلاث سنين وشهران وأربعة أيّام ، وهلك يزيد وأمير العراق عبيد اللَّه بن زياد وهو بالبصرة ، وخليفته بالكوفة عمرو بن حريث المخزومي .
فجاء إلى سليمان أصحابُه من الشيعة، فقالوا : قد مات هذا الطاغية والآمر الآن ضعيف ، فإن شئت وثبنا على عمرو بن حريث فأخرجناه من القصر ، ثمّ أظهرنا الطلب بدم الحسين وتتبّعنا قتلته ودعونا الناس إلى أهل هذا البيت المستأثر عليهم المدفوعين عن حقّهم . فقالوا في ذلك فأكثروا .
فقال لهم سليمان بن صرد : رويداً لا تعجلوا ، إنّي قد نظرت فيما تذكرون ، فرأيت أنّ قتلة الحسين هم أشراف أهل الكوفة وفرسان العرب ، وهم المطالبون بدمه ، ومتى علموا ما تريدون وعلموا أنّهم المطلوبون كانوا أشدّ عليكم ، ونظرت فيمن تبعني منكم فعلمت أنّهم لو خرجوا لم يدركوا ثأرهم ، ولم يشفوا أنفسهم ، ولم ينكوا في عدوّهم ، وكانوا لهم جزراً ، ولكن بثّوا دعاتكم في المصر فادعوا إلى أمركم هذا شيعتكم وغير شيعتكم ، فإنّي أرجو أن يكون الناس اليوم حيث هلك هذا الطاغية ، أسرع إلى أمركم استجابة منهم قبل هلاكه .
ففعلوا ، وخرجت طائفة منهم دعاة يدعون الناس ، فاستجاب لهم ناسٌ كثير بعد هلاك يزيد بن معاوية أضعاف من كان استجاب لهم قبل ذلك .۲

1.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۵۵۲.

2.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۵۵۸.

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 18749
صفحه از 1479
پرینت  ارسال به