1179
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

لعمري ، لقد كان من خلافهم إيّاه وعصيانهم ما كان في مثله واعظ وناه عنهم ، ولكنّه ما حمّ‏۱نازل ، وإذا أراد اللَّه أمراً لن يدفع ، أفبعد الحسين عليه السلام نطمئنّ إلى‏ هؤلاء القوم ، ونصدّق قولهم ، ونقبل لهم عهداً ؟ لا ، ولا نراهم لذلك أهلاً .
أما واللَّه ، لقد قتلوه طويلاً بالّليل قيامه ، كثيراً في النّهار صيامه ، أحقّ بما هم فيه منهم ، وأولى‏ به في الدّين والفضل .
أما واللَّه ، ما كان يبدّل بالقرآن الغناء ، ولا بالبكاء من خشية اللَّه الحداء ،۲ ولا بالصّيام شرب الحرام ، ولا بالمجالس في حلق الذّكر الرّكض في تطلاب الصّيد ، - يعرّض بيزيد - فسوف يلقون غيّاً .۳
وبعد هذه الخطبة طلب منه أصحابه أن يعلن بيعته وأن يمسك بزمام الحكم رسميّاً .
وقد بعث يزيد جيشاً إلى مكّة مرّتين‏۴ لقمع ثورة أهلها ، ولكنّه لم يحقّق شيئاً في النهاية ، وفكّ الحصار عن مكّة بموته في الرابع عشر من ربيع الأوّل سنة ۶۴ للهجرة ، وعاد جيش الشام منهزماً.۵
وبعد موت يزيد، بايع أهل الحجاز عبد اللَّه بن الزبير ، ثمّ بايعه أهل العراق .۶
ولكن سوء تدبير ابن الزبير وتعامله السيّئ مع الناس وخاصّة مع بني هاشم ، أدّيا إلى أن يفقد قاعدته الشعبيّة ، فتكبّد هزيمة فادحة خلال هجوم الحجّاج بن يوسف على مكّة ، وقُتل هو أيضاً ، وبذلك انتهى حكمه في أوائل سنة ۷۳ هجرية .۷

1.حُمَّ هذا الأمرُ : إذا قُضِيَ . وحُمَّ له ذلك : قُدِّرَ (لسان العرب : ج‏۱۲ ص‏۱۵۱ «حمم» ).

2.حدا بالإبل حدواً وحِداءً: إذا غنّى لها (مجمع البحرين: ج ۱ ص ۳۷۶ «حدا»).

3.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۴۷۴، الكامل في التاريخ: ج ۲ ص ۵۸۵، تذكرة الخواصّ: ص ۲۶۸ كلاهمانحوه وراجع: البداية والنهاية: ج ۸ ص ۲۱۲ .

4.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۴۹۸، أنساب الأشراف: ج ۵ ص ۳۵۷، العقد الفريد: ج ۳ ص ۳۷۵، تاريخ دمشق: ج ۲۸ ص ۲۳۰، الفتوح: ج ۵ ص ۱۵۳ - ۱۶۵.

5.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۴۹۸، أنساب الأشراف: ج ۵ ص ۳۶۲.

6.بايع أهل الشام مروان بن الحكم أيضاً (بحار الأنوار: ج ۴۵ ص ۳۵۴).

7.راجع: تاريخ الطبري: ج ۶ ص ۱۸۸، الكامل في التاريخ: ج ۳ ص ۶۹، مروج الذهب: ج ۳ ص ۸۵ و ۸۹، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج ۲۰ ص ۱۲۳ .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
1178

الأعداء الألدّاء لأهل البيت عليهم السلام، بحيث إنّه أجبر أباه الزبير على معاداة هذا البيت ، كما نُقل عن الإمام عليّ عليه السلام أنّه قال :
مازالَ الزُّبَيرُ رَجُلاً مِنّا أهلَ البَيتِ حَتّى‏ نَشَأَ ابنُهُ المَشؤومُ عَبدُ اللَّهِ .۱
ويقول ابن أبي الحديد:
وعبد اللَّه هو الذي حمل الزبير على الحرب ، وهو الذي زيّن لعائشة مسيرها إلى البصرة، وكان سبّاباً فاحشاً ، يُبغِض بني هاشم .۲
دخل عبد اللَّه مكّة قبل وصول الإمام الحسين عليه السلام إليها؛ بهدف تهيئة الأرضيّة للاستيلاء على مقاليد الحكم، ولكنّ الناس لم يرحّبوا به ترحيباً كبيراً ، خاصّة بعد وصول الإمام الحسين عليه السلام إلى مكّة ، حيث استقطب وجوده الرأي العامّ، ولذلك لم يكن يرغب في بقاء الإمام الحسين عليه السلام فيها . كما لم تتهيّأ الأرضيّة المناسبة للاستنفار العامّ ضدّ حكومة يزيد بقيادة ابن الزبير بعد خروج الإمام منها ، وإنّما أصبح الجوّ العامّ مهيّأً للثورة ضدّ حكومة يزيد بعد واقعة كربلاء وشهادة الإمام الحسين عليه السلام ، فاستغلّ ابن الزبير هذا الجوّ غاية الاستغلال لبلوغ الحكم ، رغم أنّه كان العدوّ اللدود لأهل بيت الرسالة، وهذا هو نصّ رواية الطبري في هذا المجال :
لمّا قتل الحسين عليه السلام قام ابن الزّبير في أهل مكّة ، وعظّم مقتله ، وعاب على‏ أهل الكوفة خاصّة، ولام أهل العراق عامّة، فقال - بعد أن حمد اللَّه وأثنى‏ عليه، وصلّى‏ على‏ محمّد صلى اللَّه عليه وآله - :
إنّ أهل العراق غدر فجر إلّا قليلاً ، وإنّ أهل الكوفة شرار أهل العراق ، وإنّهم دعوا حسيناً عليه السلام لينصروه ويولّوه عليهم ، فلمّا قدم عليهم ثاروا عليه ،۳فقالوا له : إمّا أن تضع يدك في أيدينا ، فنبعث بك إلى ابن زياد بن سميّة سلماً ، فيمضي فيك حكمه ، وإمّا أن تحارب ! فرأى - واللَّه - ، أنّه هو وأصحابه قليلٌ في كثير - وإن كان اللَّه عزّ وجلّ لم يطلع على الغيب أحداً - أنّه مقتول ، ولكنّه اختار الميتة الكريمة على الحياة الذّميمة . فرحم اللَّه حسيناً عليه السلام ، وأخزى قاتل حسين عليه السلام .

1.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج ۲۰ ص ۱۰۲، اُسد الغابة: ج ۳ ص ۲۴۴، الاستيعاب: ج ۳ ص ۴۰ وليس فيهما«المشؤوم».

2.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ۴ ص ۷۹.

3.في المصدر: «إليه» وما أثبتناه من الكامل في التاريخ ، وهو الأنسب للسياق.

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 18724
صفحه از 1479
پرینت  ارسال به