1089
الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام

للإمام الحسين عليه السلام - ليس مسلّماً به‏۱ ، ومن المحتمل أن يكونوا قد طافوا بالرأس في المدن، ولكنّهم أخذوا السبايا عبر طريق أقصر. بل جاء في بعض الأخبار أنّ الرأس الطاهر للإمام عليه السلام طيف به في مدن الشام بعد دخول السبايا هذه المنطقة . يقول صاحب كتاب شرح الأخبار :
ثمّ أمر يزيد اللعين برأس الحسين عليه السلام فطيف به في مدائن الشام وغيرها .۲
فمن الممكن - واستناداً إلى هذا الخبر - أن يكون الرأس الشريف بعد وصوله إلى الشام اُخذ إلى مناطق، مثل: الموصل ونصيبين الواقعتين على الطريق السلطاني .
ومن هنا فمن المحتمل أن تكون أمثال هذه الأحداث التي نقلها التاريخ لنا تتعلّق بالأيّام التي طافوا فيها بالرأس الشريف بعد وصول السبايا إلى الشام أو في زمان حركتهم نحوها .
ويأتي الاحتمال نفسه حول الأماكن التي تعرف ب «رأس الحسين» ، والتي يقول عنها ابن شهر آشوب في معرض كلامه حول مناقب الإمام عليه السلام :
ومن مناقبه عليه السلام ما ظهر من المشاهد التي يُقال لها «مشهد الرأس» من كربلاء إلى عسقلان ، وما بينهما في الموصل ونصيبين وحماة وحمص ودمشق وغير ذلك .۳
وبالنسبة إلى هذه المدن ، ففضلاً عن عدم تصريح ابن شهر آشوب بمرور السبايا أو الرأس الشريف بها ، هناك احتمال آخر باعتبار أنّها كانت تحت سيطرة ونفوذ الحكومات الشيعية أو الموالية لأهل البيت عليهم السلام على مرّ السنين - كالحمدانيّين والفاطميّين - فقد اُحدِثت فيها أماكن - ومهما كانت الدوافع والحوافز ؛ سواء حقيقيّة أو رمزيّة وتذكاريّة أو عن طريق منامات وغير ذلك - وهذه الأماكن اُطلق عليها «رأس الحسين» ، كالمقام الموجود في القاهرة إلى يومنا هذا والذي اُحدِث في زمان الفاطميّين .
وبالإضافة إلى ذلك، فإن قصّة الراهب والرأس ذُكرت في بعض المواضع الاُخرى أيضاً،

1.راجع : ص ۱۰۶۹ (نكتة) .

2.شرح الأخبار : ج ۳ ص ۱۵۹ .

3.المناقب لابن شهر آشوب : ج ۴ ص ۸۲ في خصوص الأماكن المعروفة ب «رأس الحسين» والموجودة في المناطق المشار إليها بل وخارجها أيضاً وتقييمها من الناحية التاريخية راجع : نگاهي نو به جريان عاشوراء (بالفارسية) : ص‏۳۵۵ (مقال رأس الحسين ومقاماته) بقلم مصطفى صادقي .


الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
1088

ومن جهة اُخرى فإنّ تعبير مؤلّف معجم البلدان كلمة «يزعمون» ، دالّ على عدم صلاحية هذا الظنّ للاستناد، خاصّة وأنّنا لا نعرف في أحداث كربلاء ابناً باسم المحسن أو زوجة حاملاً من الإمام الحسين عليه السلام، ولم يرد شي‏ء عنهما في الكتب ، وإنّ الشهرة المحلّية - على فرض صحّة الرواية - لا تتجاوز حدّ كونها عقيدة عامّة وعادية.۱
۲ . من المحتمل أنّ البعض أراد أن يثبت مرور السبايا من الطريق السلطاني من خلال اتّحاد مسير حمل رأس الإمام الحسين عليه السلام مع مسير السبايا ، استناداً إلى رواية ابن شهرآشوب. فقد روى ابن شهرآشوب نقلاً عن النطنزي‏۲ قصّة راهب الدير مع رأس الإمام الحسين عليه السلام وذلك في قِنَّسرين الواقعة في شمال الشام .
والجواب هو أنّ الفرض المسبق لهذا الاستدلال - أي اتّحاد مسير السبايا والرأس الشريف

1.إنّ مجرّد عرض قضيّة من القضايا أو جريانها على‏ الألسن لا تكفي في حصول الاطمئنان ما لم يكن لها خلفيّة واضحة وجليّة ، خصوصاً في الأزمنة السالفة التي لم يكن فيها تدوين الأحداث والوقائع شائعاً ومتداوَلاً ، ولم تكن على القبور أحجار يكتب عليها اسم المتوفّى عادة وما إلى ذلك . ولهذا يكون احتمال الخطأ والالتباس وارداً بل قويّاً ؛ ولذلك نجد قبوراً متعدّدة في أماكن مختلفة تُنسب إلى شخصٍ واحد ، كما هو الحال في قبر السيّدة زينب عليها السلام مثلاً . وهذا البحث بحث واسع ومتشعّب ، ونكتفي هنا بعبارة ننقلها من كتاب الغيبة للشيخ الطوسي قدس سرّه (ص ۳۵۸) حيث قال : «قال أبو نصر هبة اللَّه بن محمّد : وقبر عثمان بن سعيد بالجانب الغربيّ من مدينة السلام ، في شارع الميدان ، في أوّل الموضع المعروف بدرب جبلة ، في مسجد الدرب يمنة الداخل إليه ، والقبر في نفس قبلة المسجد . قال محمّد بن الحسن مصنّف هذا الكتاب : رأيتُ قبرَه في الموضع الذي ذكره وكان بُنِي في وجهِهِ حائط ، وبه محراب المسجد ، وإلى جنبه بابٌ يدخل إلى موضع القبر في بيتٍ ضيّقٍ مظلم ، فكنّا ندخل إليه ونزوره مشاهرةً ، وكذلك من وقت دخولي إلى بغداد وهي سنة ثمان وأربعمئة إلى سنة نيّف وثلاثين وأربعمئة . ثمّ نَقَض ذلك الحائطَ الرئيسُ أبو منصور محمّد بن الفرج ، وأبرز القبر إلى‏ بَرّا ، وعمل عليه صندوقاً ، وهو تحت سقفٍ يدخل إليه من أراده ويزوره ، ويتبرّك جيران المحلّة بزيارته ويقولون : هو رجلٌ صالحٌ . وربّما قالوا : هو ابن دايَة الحسين عليه السلام ، ولا يعرفون حقيقة الحال فيه . وهو إلى‏ يومنا هذا - وذلك سنة سبع وأربعين وأربعمئة - على ما هو عليه» . فنرى‏ هنا أنّ البعض قد التبس عليهم الأمر في القبر المحدّد لعثمان بن سعيد الذي هو أحد النوّاب الخاصّين للإمام المهدي عجّل اللَّه فرجه ، فعلى الرغم من أنّه لم تمرّ على وفاته فترة طويلة قيل: إنّه قبر ابن مرضعة الإمام الحسين عليه السلام .

2.المناقب لابن شهرآشوب : ج ۴ ص ۶۰ .

  • نام منبع :
    الصّحيح من مقتل سيّد الشّهداء و أصحابه عليهم السّلام
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 18458
صفحه از 1479
پرینت  ارسال به