فُزتُم بِعارِها وشَنارِها، ولَن تَرحُضوها بِغَسلٍ بَعدَها أبَدا، وأنّى تَرحُضونَ قَتلَ سَليلِ خاتَمِ النُّبُوَّةِ ومَعدِنِ الرِّسالَةِ ، وسَيِّدِ شُبّانِ أهلِ الجَنَّةِ ، ومَنارِ مَحَجَّتِكُم ، ومَدَرَةِ حُجَّتِكُم ، ومَفرَخِ نازِلَتِكُم ، فَتَعساً ونُكساً ، لَقَد خابَ السَّعيُ وخَسِرَتِ الصَّفقَةُ ، وبُؤتُم بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ، وضُرِبَت عَلَيكُمُ الذِّلَّةُ وَالمَسكَنَةُ «لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا * تَكَادُ السَّمَوَ تُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَ تَنشَقُّ الْأَرْضُ وَ تَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا » .۱
أتَدرونَ أيَّ كَبِدٍ لِرَسولِ اللَّهِ فَرَيتُم ؟ وأيَّ كَريمَةٍ لَهُ أبرَزتُم ؟ وأيَّ دَمٍ لَهُ سَفَكتُم ؟ لَقَد جِئتُم بِها شَوهاءَ خَرقاءَ ، شَرُّها طِلاعُ الأَرضِ وَالسَّماءِ ، أفَعَجِبتُم أن قَطَرَتِ السَّماءُ دَماً ؟ ولَعَذابُ الآخِرَةِ أخزى وهُم لا يُنظَرونَ ، فَلا يَستَخِفَّنَّكُمُ المَهَلُ فَإِنَّهُ لا تَحفِزُهُ المُبادَرَةُ ، ولا يُخافُ عَلَيهِ فَوتُ الثَّأرِ ، كَلّا إنَّ رَبَّكَ لَنا ولَهُم لَبِالمِرصادِ . ثُمَّ وَلَّت عَنهُم .
قالَ : فَرَأَيتُ النّاسَ حَيارى وقَد رَدّوا أيدِيَهُم إلى أفواهِهِم ، ورَأَيتُ شَيخاً كَبيراً مِن بَني جُعفِيٍّ ، وقَدِ اخضَلَّت لِحَيتُهُ مِن دُموعِ عَينَيهِ ، وهُوَ يَقولُ :
كُهولُهُم خَيرُ الكُهولِ ونَسلُهُمإذا عُدَّ نَسلٌ لا يَبورُ ولا يَخزى۲
۶ / ۵
خُطبَةُ فاطِمَةَ الصُّغرى في أهلِ الكوفَةِ
۱۵۰۷.الملهوف عن زيد بن موسى :۳ حَدَّثَني أبي عَن جَدِّي [الصّادِقِ ]عليه السلام : خَطَبَت فاطِمَةُ الصُّغرى بَعدَ أن وَرَدَت مِن كَربَلاءَ ، فَقالَت : الحَمدُ للَّهِِ عَدَدَ الرَّملِ وَالحَصى ، وزِنَةَ العَرشِ إلَى الثَّرى ، أحمَدُهُ واُؤمِنُ بِهِ وأتَوَكَّلُ عَلَيهِ ، وأشهَدُ أن لا إلهَ إلَّا اللَّهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ ، وأنَّ مُحَمَّداً صلى اللَّه عليه وآله عَبدُهُ ورَسولُهُ ، وأنَّ ذُرِّيَّتَهُ ذُبِحوا بِشَطِّ الفُراتِ بِغَيرِ ذَحلٍ۴ ولا تِراتٍ .۵
1.مريم : ۸۹ - ۹۰ .
2.بلاغات النساء : ص ۳۷ عن يحيى بن الحجّاج .
3.زيد بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين عليهم السلام العلوي الطالبي ، يلقّب بزيد النار ، ثائر ، خرج في العراق مع أبي السرايا ، توفّي حوالي سنة ۲۵۰ ه (راجع : الأعلام للزركلي : ج ۳ ص ۶۱) .
4.الذَّحْل : الثأر ، وقيل : طلب مكافأة بجناية جُنيت عليك أو عداوة اُتيت إليك ، يقال : طلب بذَحلِهِ ؛ أي بثأره (لسان العرب : ج ۱۱ ص ۲۵۶ «ذحل») .
5.الوَِتر وَالتِّرَة : الظلم في الذَّحل ، وقيل : هو الذَّحل عامّة . وكلّ من أدركته بمكروه فقد وتَرتَه (لسان العرب : ج ۵ ص ۲۷۴ «وتر») .