209
العلم و الحکمة قي الکتاب و السّنة

ب - حُجُب سميكة عرضة للزّوال‏

إذا لم تُعالج حُجُب المعرفة فإنّ حُجُب الفكر والقلب تتراكم تدريجاً ، وهذه الحُجُب المتراكمة تُعالَج مادامت لا تُفسِد جوهر مرآة القلب ، وقد يُستعان بدواء البلاء من أجل تمزيق هذه الحُجُب ، وهذا الدّواء أقوى‏ من دواء الموعظة . إنّ جلاء صدأ القلب بالموعظة كجلاء المرآة بالماء ، وجلاء صدأ القلب بالبلاء صقل للسّيف بالنّار ؛ فإنّ كثيراً من أنواع الصدأ لايمكن أن يُعالَج إلّا بالنّار . من هنا قال القرآن الكريم في فلسفة البلاء ومصائب الحياة : (وَ لَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى‏ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)۱ . وقد قال الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام في هذا المجال : «إذا رَأيتَ اللَّهَ سُبحانَهُ يُتابِعُ عَلَيكَ البَلاءَ فَقَد أيقَظَكَ» ۲ .

ج - حُجُب سميكة لن تزول‏

إذا تراكم صدأ حُجُب المعرفة بنحو فسد معه جوهر مرآة القلب ، فإنّ نار البلاء تعجز عن صقل جوهر الرّوح ، وحينئذٍ يتعذّر علاج المريض كما قال عليٌّ عليه السلام :
ومَن لَم يَنفَعُهُ اللَّهُ بِالبَلاءِ وَالتَّجارِبِ لَم يَنتَفِع بِشَي‏ءٍ مِنَ العِظَةِ» ،۳... «كَيفَ يُراعِي النَّبأَةَ مَن أصَمَّتهُ الصَّيحَةُ !»۴ .
إنّ علامة مرض المعرفة الّذي يتعذّر علاجه هي أنّ المريض يُمنى‏ بتعصّب شديد في عقائده الباطلة ، ولا يستعدّ لقبول الحقّ أبداً ، وفي وصف أمثاله قال تعالى‏ : (وَ أَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى‏ عِلْمٍ)۵ .

1.السجدة : ۲۱ .

2.غرر الحكم : ح ۴۰۴۶ ، عيون الحكم والمواعظ : ص ۱۳۵ ح ۳۰۶۹ .

3.نهج البلاغة : الخطبة ۱۷۶ ، بحارالأنوار : ج ۲ ص ۳۱۲ ح ۷۶ .

4.نهج البلاغة : الخطبة ۴، الإرشاد : ج ۱ ص ۲۵۳ وفيه «يراع للنبأة» ، بحارالأنوار : ج ۳۲ ص ۲۳۷ ح ۱۹۰ .

5.الجاثية : ۲۳ .


العلم و الحکمة قي الکتاب و السّنة
208

«الدّواء التّكويني» .
بعبارة أُخرى‏ : جعل اللَّه تعالى‏ دواءين في نظام الخِلْقة لعلاج المرضى‏ المصابين بمرض حُجُب العلم والحكمة : أحدهما تعاليم الأنبياء ، والآخر الحوادث الطّبيعيّة المرّة المثيرة للعِبَر .
إنّ القرآن الكريم ، الّذي هو أكمل المناهج في تعاليم الأنبياء ، يعالج مرضى‏ المعرفة عن طريق الموعظة ، والتّقوى‏ ، وذكر اللَّه ، والدّعاء ، والاستعاذة بالحقّ ، والتّوبة .
إنّ البلايا والحوادث المُرّة تعتبر الدّواء المهدِّئ لهذه الأمراض، إلى‏ جانب تعاليم الأنبياء الّتي هي الدّواء الأساس لأمراض الرّوح ، بخاصّة أمراض المعرفة ، وهي توصَف عند الضّرورة : (وَمَا أَرْسَلْنَا فِى قَرْيَةٍ مِّن نَّبِىٍ‏ّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ) .۱

۵ . الحُجُب الّتي لا تقبل الزّوال‏

إنّ حُجُب العلم والحكمة ثلاثة ، اثنان منها تُعالَج بأدوية المعرفة ، وواحدة لا يتسنّى‏ علاجها :

أ - حُجُب رقيقة

إنّ حُجُب العلم والحكمة الّتي مرّ شرحها في الفصل الأوّل جراثيم مرض الروح وحُجُب القلب الحائلة دون نور العلم ، وهذه الحُجُب رقيقة في بداية المرض ، يمكن لتعاليم الأنبياء أن تزيلها بيُسرٍ .

1.الأعراف: ۹۴ .

  • نام منبع :
    العلم و الحکمة قي الکتاب و السّنة
    سایر پدیدآورندگان :
    رضا برنجكار
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6167
صفحه از 563
پرینت  ارسال به