9
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

يعدّ أبوه وعائلة أُمّه من العلماء والمحدّثين في بلدهم، فنقل ثقة الإسلام الكليني بعض الروايات عن خاله علاّن الكليني.

وقبل سنة ۲۹۰ ه.ق جاء ثقة الإسلام الكليني وهو شابّ إلى مدينة قم التي كانت في قمّة نشاطاتها العلمية الحديثية، فحضر دروسها واستفاد علمياً من أساتذتها، حتّى نقل عنهم مايقارب الثمانين بالمئة من روايات الكافي، وفيهم عليّ بن إبراهيم ومحمّد بن يحيى العطّار وغيرهما۱، فألّف أهمّ كتاب للشيعة استناداً إلى التراث الروائي لتلك المدينة وإلى ذكائه وذوقه في الكتابة واختيار الأحاديث وتنظيمها.

الكليني من منظار العلماء

أكّد علماء الشيعة وثاقة الكليني وضبطه وسلامة ذوقه في الكتابة واطّلاعه على الحديث، وأشادوا بحياته العلمية، واختاروا له لقب «ثقة الإسلام» لتجسيد وثاقته في النقل، ومنحه سمة شخصية مهمّة له في مجال الدراسات الحديثية؛ لأنّ الثقة أهمّ صفة للراوي والمحدّث، وتبعث على السكون إلى رواياته والاطمئنان بها.

فوصفه به النجاشي ـ أهمّ مفهرس شيعي من القدماء ـ قائلاً: «شيخ أصحابنا في وقته بالريّ ووجههم، وكان أوثق الناس في الحديث، وأثبتهم...)۲، وأيّد هذا الوصف العلامة الحلّي الكبير (۶۴۸ ـ ۷۲۶ ه.ق)۳.

وذكره الشيخ الطوسي ملقّباً إيّاه بـ «ثقة، عارف بالأخبار»۴ و«جليل القدر، عالم بالأخبار».۵

كما أثنى عليه علماء آخرون من الشيعة بالألفاظ الآتية:

الشيخ المتّفق على عدالته وفضله وأمانته۶، من أجلّ رواة الشيعة وثقاتها۷، شيخ الدين،

1.. راجع : مجلة علوم الحديث العدد ۶۶ ص ۹۸ ۱۱۳ «مقالة كافي وكفتمان حديثي قم» بالفارسيّة .

2.. رجال النجاشي : ص ۳۷۷ الرقم ۱۰۲۶ .

3.. راجع : خلاصة الأقوال : ص ۲۴۵ العدد ۳۷ .

4.. الفهرست : ص ۴۱۰ الرقم ۶۰۲ .

5.. رجال الطوسي : ص ۴۳۹ الرقم ۶۲۷۷ .

6.. السيّد ابن طاووس في كتاب فرج المهموم : ص ۸۶ .

7.. الطبرسي في إعلام الورى : ج ۱ ص ۴۰۵ ، والإربلي في كشف الغمّة : ج ۲ ص ۱۵۴ .


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
8

الزاخرة بها في تلك الأيّام شاهداً على اتّساع مجالات كتابة الحديث ونشره والدعوة إليه، وعلى جهود المحدّثين في سياق تزايد المعرفة عن طريق الكتابات الحديثية.

وفي تلك المرحلة المشرّفة تألّق ثقة الإسلام الكليني رحمه‏الله وكتابه الكافي كنجمين ساطعين في سماء حوزة قم الروائية.

حوزة قم الحديثية

وهي الحوزة الثانية بعد حوزة الكوفة الروائية، نشأت بعد مجيء الأشعريين إلى مدينة قم في إمامة الصادقَين عليهماالسلام، وتطوّرت في عهد الإمام الرضا عليه‏السلام، ووصلت إلى قمّة ازدهارها بعد أن رقدت في ثراها السيّدة فاطمة بنت موسى بن جعفر عليهماالسلام خلال ۲۵۰ ـ ۳۵۰ه.ق.

ولكثير من العلماء والمحدّثين الملتزمين والمثابرين وجود فاعل في هذه المدينة، فاستفادوا من التراث الحديثي للشيعة وبخاصة تراث الكوفة، وعكفوا على نقل الحديث وتدوينه حتى جعلوا مدينة قم مؤّلة لتتوّج بلقب «عشّ آل محمّد صلى‏الله‏عليه‏و‏آله».

المدينة المومأ إليها حاضرة قديمة في وسط الوطن الإسلامي، ملئت في تلك المرحلة بشيعة أهل البيت عليهم‏السلام، وحازت سمات لا نظير لها.

وما جعل المعارف الحديثية في حوزة قم أكثر نقاءً واتقاناً هو الأُسلوب المتشدّد لعلماء شيعة المدينة المذكورة في قبول الحديث ونقله، وتجنّب نقل الأحاديث الضعيفة والمغالية، وبخاصّة في أيّام أحمد بن محمّد بن عيسى، فجاءت الأعداد الغفيرة من كتابات هذه المدرسة الحديثية لتصوّر الجهود الجادّة الملتزمة لعلماء تلك المدينة.

ثقة الإسلام الكليني

هو أبو جعفر محمّد بن يعقوب بن إسحاق الكليني، ولد لأُسرة علمية في قرية كُلَين۱ التابعة لمدينة الرَّي في وسط القرن الثالث الهجري وبداية مرحلة الغيبة الصغرى.

1.. تقع قرية كُلَين على بعد ۴۰ كيلومتراً من مدينة طهران، و ۱۰۰ كيلومتر من مدينة قم، و ۶ كيلومترات من مدينة حسن آباد.

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 15807
صفحه از 868
پرینت  ارسال به