821
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

قَالَ: فَصِرْتُ إِلَيْهِ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَجُلٌ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيَّ ضَحِكَ، وَ قَالَ: لاَ تَغْتَمَّ ؛ فَإِنَّكَ سَتَحُجُّ فِي هذِهِ السَّنَةِ، وَ تَنْصَرِفُ إِلى أَهْلِكَ وَ وُلْدِكَ سَالِماً. قَالَ: فَاطْمَأْنَنْتُ، وَ سَكَنَ قَلْبِي، وَ أَقُولُ: ذَا مِصْدَاقُ ذلِكَ، وَ الْحَمْدُ لِلّهِ.
قَالَ: ثُمَّ وَرَدْتُ الْعَسْكَرَ، فَخَرَجَتْ إِلَيَّ صُرَّةٌ فِيهَا دَنَانِيرُ وَ ثَوْبٌ، فَاغْتَمَمْتُ، وَ قُلْتُ فِي نَفْسِي: جَزَائِي عِنْدَ الْقَوْمِ هذَا ؟ وَ اسْتَعْمَلْتُ الْجَهْلَ، فَرَدَدْتُهَا، وَ كَتَبْتُ رُقْعَةً، وَ لَمْ
يُشِرِ الَّذِي قَبَضَهَا مِنِّي عَلَيَّ بِشَيْءٍ، وَ لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهَا بِحَرْفٍ، ثُمَّ نَدِمْتُ بَعْدَ ذلِكَ نَدَامَةً شَدِيدَةً، وَ قُلْتُ فِي نَفْسِي: كَفَرْتُ بِرَدِّي عَلى مَوْلاَيَ.
وَ كَتَبْتُ رُقْعَةً أَعْتَذِرُ مِنْ فِعْلِي، وَ أَبُوءُ بِالاْءِثْمِ، وَ أَسْتَغْفِرُ مِنْ ذلِكَ، وَ أَنْفَذْتُهَا، وَ قُمْتُ أَتَمَسَّحُ۱، فَأَنَا فِي ذلِكَ أُفَكِّرُ فِي نَفْسِي، وَ أَقُولُ: إِنْ رُدَّتْ عَلَيَّ الدَّنَانِيرُ لَمْ أَحْلُلْ صِرَارَهَا وَ لَمْ أُحْدِثْ فِيهَا حَتّى أَحْمِلَهَا إِلى أَبِي ؛ فَإِنَّهُ أَعْلَمُ مِنِّي لِيَعْمَلَ فِيهَا بِمَا شَاءَ، فَخَرَجَ إِلَى الرَّسُولِ الَّذِي حَمَلَ إِلَيَّ الصُّرَّةَ: «أَسَأْتَ ؛ إِذْ لَمْ تُعْلِمِ الرَّجُلَ أَنَّا رُبَّمَا فَعَلْنَا ذلِكَ بِمَوَالِينَا، وَ رُبَّمَا سَأَلُونَا ذلِكَ يَتَبَرَّكُونَ بِهِ» وَ خَرَجَ إِلَيَّ: «أَخْطَأْتَ فِي رَدِّكَ بِرَّنَا، فَإِذَا اسْتَغْفَرْتَ اللّهَ فَاللّهُ يَغْفِرُ لَكَ، فَأَمَّا إِذَا كَانَتْ عَزِيمَتُكَ وَ عَقْدُ نِيَّتِكَ أَلاَّ تُحْدِثَ فِيهَا حَدَثاً، وَ لاَ تُنْفِقَهَا فِي طَرِيقِكَ، فَقَدْ صَرَفْنَاهَا عَنْكَ ؛ فَأَمَّا الثَّوْبُ فَلاَ بُدَّ مِنْهُ لِتُحْرِمَ فِيهِ».
قَالَ وَ كَتَبْتُ فِي مَعْنَيَيْنِ، وَ أَرَدْتُ أَنْ أَكْتُبَ فِي الثَّالِثِ، وَ امْتَنَعْتُ مِنْهُ مَخَافَةَ أَنْ يَكْرَهَ ذلِكَ، فَوَرَدَ جَوَابُ الْمَعْنَيَيْنِ وَ الثَّالِثِ الَّذِي طَوَيْتُ مُفَسَّراً ؛ وَ الْحَمْدُ لِلّهِ.
قَالَ: وَ كُنْتُ وَافَقْتُ جَعْفَرَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ النَّيْسَابُورِيَّ بِنَيْسَابُورَ عَلى أَنْ أَرْكَبَ مَعَهُ، وَ أُزَامِلَهُ، فَلَمَّا وَافَيْتُ بَغْدَادَ بَدَا لِي، فَاسْتَقَلْتُهُ۲ وَ ذَهَبْتُ أَطْلُبُ عَدِيلاً، فَلَقِيَنِي ابْنُ

1.. «أتمسّح» ، أي قمت أسير في الأرض وأقطعها وأمشي فيها ، أو قمت أتوضّأ ، أو قمت أمرّ اليد على اللحية أو باطن كلّ من الكفّين على باطن الاُخرى مكرّرا كما يفعله النادم الحزين . أو المعنى : لا شيء معي ، يقال : فلان يتمسّح ، أي لا شيء معه كأنّه يمسح ذراعيه . راجع : شرح المازندراني ، ج ۷ ، ص ۳۴۵ ؛ الوافي ، ج ۱۳ ، ص ۸۷۴ ؛ مرآة العقول ، ج ۶ ، ص ۱۸۷ .

2.. «استقاله» : طلب إليه أن يقيله . يقال : أقاله يقيله إقالة وتقايلاً ، إذا فسخا البيع وعاد المبيع إلى مالكه والثمن إلى المشتري ، إذا كان قد ندم أحدهما . وتكون الإقالة في البيعة والعهد . القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۴۳ ؛ النهاية ، ج ۴ ، ص ۱۳۴ قيل .


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
820

قَالَ: وَ زُرْتُ الْعَسْكَرَ، فَأَتَيْتُ الدَّرْبَ مَعَ الْمَغِيبِ، وَ لَمْ أُكَلِّمْ أَحَداً، وَ لَمْ أَتَعَرَّفْ إِلى أَحَدٍ، وَ أَنَا أُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ فَرَاغِي مِنَ الزِّيَارَةِ۱ إِذَا بِخَادِمٍ قَدْ جَاءَنِي، فَقَالَ لِي: قُمْ، فَقُلْتُ لَهُ: إِذَنْ إِلى أَيْنَ ؟ فَقَالَ لِي: إِلَى الْمَنْزِلِ، قُلْتُ: وَ مَنْ أَنَا ؟ لَعَلَّكَ أُرْسِلْتَ إِلى غَيْرِي، فَقَالَ: لاَ، مَا أُرْسِلْتُ إِلاَّ إِلَيْكَ، أَنْتَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ رَسُولُ جَعْفَرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، فَمَرَّ بِي حَتّى أَنْزَلَنِي فِي بَيْتِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ، ثُمَّ سَارَّهُ۲، فَلَمْ أَدْرِ مَا قَالَ لَهُ حَتّى آتَانِي جَمِيعَ مَا أَحْتَاجُ إِلَيْهِ، وَ جَلَسْتُ عِنْدَهُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، وَ اسْتَأْذَنْتُهُ فِي الزِّيَارَةِ مِنْ دَاخِلٍ، فَأَذِنَ لِي، فَزُرْتُ لَيْلاً.

۱۳۶۹.۱۳. الْحَسَنُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ زَيْدٍ الْيَمَانِيُّ، قَالَ:
كَتَبَ أَبِي بِخَطِّهِ كِتَاباً، فَوَرَدَ جَوَابُهُ، ثُمَّ كَتَبْتُ بِخَطِّي، فَوَرَدَ جَوَابُهُ، ثُمَّ كَتَبَ بِخَطِّهِ رَجُلٌ مِنْ فُقَهَاءِ أَصْحَابِنَا، فَلَمْ يَرِدْ جَوَابُهُ، فَنَظَرْنَا، فَكَانَتِ الْعِلَّةُ أَنَّ الرَّجُلَ تَحَوَّلَ قَرْمَطِيّاً۳.
قَالَ الْحَسَنُ بْنُ الْفَضْلِ: فَزُرْتُ الْعِرَاقَ، وَ وَرَدْتُ طُوسَ، وَ عَزَمْتُ أَنْ لاَ أَخْرُجَ إِلاَّ عَنْ بَيِّنَةٍ مِنْ أَمْرِي، وَ نَجَاحٍ مِنْ حَوَائِجِي وَ لَوِ احْتَجْتُ أَنْ أُقِيمَ بِهَا حَتّى أُتَصَدَّقَ.
قَالَ: وَ فِي خِلاَلِ ذلِكَ يَضِيقُ صَدْرِي بِالْمُقَامِ، وَ أَخَافُ أَنْ يَفُوتَنِيَ الْحَجُّ. قَالَ: فَجِئْتُ يَوْماً إِلى مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ أَتَقَاضَاهُ، فَقَالَ لِي: صِرْ إِلى مَسْجِدِ كَذَا وَ كَذَا، وَ إِنَّهُ يَلْقَاكَ رَجُلٌ.

1.. في الوافي، ج۳، ص۸۷۳ : «لعلّه أراد بالزيارة زيارة الصاحب عليه‏السلام من خارج داره بتبليغ السلام من غير إشعار ، كما يدلّ عليه قوله : «من داخل » في آخر الحديث » .

2.. سارّه في اُذُنه مسارّة وسِرارا ، وتسارُّوا ، أي تناجَوا . الصحاح ، ج ۲ ، ص ۶۸۴ سرر .

3.. «القَرْمَطيّ» : واحد القرامطة ، وهم فرقة من الخوارج . الصحاح ، ج ۳ ، ص ۱۱۵۲ ؛ مجمع البحرين ، ج ۳ ، ص ۱۴۷۰ قرمط .

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 16911
صفحه از 868
پرینت  ارسال به