815
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

وَافى بَغْدَادَ، وَ مَعَهُ رَفِيقٌ لَهُ مِنْ أَهْلِ السِّنْدِ كَانَ صَحِبَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ.
قَالَ: فَحَدَّثَنِي غَانِمٌ، قَالَ: وَ أَنْكَرْتُ مِنْ رَفِيقِي بَعْضَ أَخْلاَقِهِ، فَهَجَرْتُهُ، وَ خَرَجْتُ حَتّى سِرْتُ إِلَى الْعَبَّاسِيَّةِ أَتَهَيَّأُ لِلصَّلاَةِ وَ أُصَلِّي، وَ إِنِّي لَوَاقِفٌ مُتَفَكِّرٌ فِيمَا قَصَدْتُ لِطَلَبِهِ إِذَا أَنَا بِآتٍ قَدْ أَتَانِي، فَقَالَ: أَنْتَ فُلاَنٌ ؟ ـ اسْمُهُ بِالْهِنْدِ ـ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: أَجِبْ مَوْلاَكَ، فَمَضَيْتُ مَعَهُ، فَلَمْ يَزَلْ يَتَخَلَّلُ بِيَ الطُّرُقَ حَتّى أَتى دَاراً وَ بُسْتَاناً، فَإِذَا أَنَا بِهِ عليه‏السلام جَالِسٌ، فَقَالَ: «مَرْحَباً يَا فُلاَنُ ـ بِكَلاَمِ الْهِنْدِ ـ كَيْفَ حَالُكَ ؟ وَ كَيْفَ خَلَّفْتَ فُلاَناً وَ فُلاَناً ؟» حَتّى عَدَّ الْأَرْبَعِينَ كُلَّهُمْ، فَسَاءَلَنِي عَنْهُمْ وَاحِداً وَاحِداً، ثُمَّ أَخْبَرَنِي بِمَا تَجَارَيْنَا، كُلُّ ذلِكَ بِكَلاَمِ الْهِنْدِ.
ثُمَّ قَالَ: «أَرَدْتَ أَنْ تَحُجَّ مَعَ أَهْلِ قُمَّ ؟» قُلْتُ: نَعَمْ، يَا سَيِّدِي، فَقَالَ: «لاَ تَحُجَّ مَعَهُمْ، وَ انْصَرِفْ سَنَتَكَ هذِهِ، وَ حُجَّ فِي قَابِلٍ». ثُمَّ أَلْقى إِلَيَّ صُرَّةً كَانَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لِيَ: «اجْعَلْهَا نَفَقَتَكَ، وَ لاَ تَدْخُلْ إِلى بَغْدَادَ إِلى فُلاَنٍ ـ سَمَّاهُ ـ وَ لاَ تُطْلِعْهُ عَلى شَيْءٍ»، وَ انْصَرَفَ إِلَيْنَا إِلَى الْبَلَدِ.
ثُمَّ وَافَانَا بَعْضُ الْفُيُوجِ۱، فَأَعْلَمُونَا أَنَّ أَصْحَابَنَا انْصَرَفُوا مِنَ الْعَقَبَةِ۲، وَ مَضى۳ نَحْوَ خُرَاسَانَ، فَلَمَّا كَانَ فِي قَابِلٍ حَجَّ، وَ أَرْسَلَ إِلَيْنَا بِهَدِيَّةٍ مِنْ طُرَفِ۴ خُرَاسَانَ، فَأَقَامَ بِهَا مُدَّةً، ثُمَّ مَاتَ رَحِمَهُ اللّهُ.

۱۳۶۰.۴. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ، قَالَ:

1.. «الفيوج» جمع الفيج : فارسي معرّب ، وهو الذي يسعى على رجليه . وقيل : هو رسول السلطان على رجله . وقيل : هو الذي يسعى بالكتب ؛ هذا في اللغة . وفي الشروح : هو فارسيّ معرّب «پيك» . راجع: الصحاح، ج۱، ص۳۳۶؛ لسان العرب، ج۲، ص۳۵۰؛ حاشية بدرالدين، ص۲۷۸؛ الوافي، ج۳، ص۸۶۶؛ هامش شرح المازندراني، ج۷، ص۳۳۹؛ مرآة العقول، ج۶، ص۱۷۸.

2.. «العَقَبَة» : مرقئ صَعْبٌ من الجبال ، وجمعها عِقاب . القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۱۰۶ عقب .

3.. أي مضى غانم نحو خراسان ولم ينصرف إلينا . ر. ك: الوافي، ج۳، ص۸۶۶ وفي بعض النسخ : «مضوا» .

4.. في مرآة العقول، ج۶، ص۱۷۸ : «من طرف خراسان ، بضمّ الطاء وفتح الراء : جمع طرفة بالضمّ ، وهي الغرائب المستحدتة ، أي تحف خراسان وغرائبه . ويمكن أن يقرأ بالتحريك ، أي من ناحيته ، ف «من» على الأوّل تبعيضيّة ، وعلى الثاني ابتدائيّة» .


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
814

هذَا الرَّجُلَ الْهِنْدِيَّ، فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ: أَصْلَحَكَ اللّهُ، عِنْدَكَ الْفُقَهَاءُ وَ الْعُلَمَاءُ وَ هُمْ أَعْلَمُ وَ أَبْصَرُ بِمُنَاظَرَتِهِ، فَقَالَ لَهُ: نَاظِرْهُ كَمَا أَقُولُ لَكَ، وَ اخْلُ بِهِ، وَ الْطُفْ لَهُ، فَقَالَ لِيَ الْحُسَيْنُ بْنُ إِشْكِيبَ ـ بَعْدَ مَا فَاوَضْتُهُ۱ ـ: إِنَّ صَاحِبَكَ الَّذِي تَطْلُبُهُ هُوَ النَّبِيُّ الَّذِي وَصَفَهُ هؤلاَءِ، وَ لَيْسَ الْأَمْرُ فِي خَلِيفَتِهِ كَمَا قَالُوا، هذَا النَّبِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَ وَصِيُّهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ هُوَ زَوْجُ فَاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ وَ أَبُو الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ سِبْطَيْ مُحَمَّدٍ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله.
قَالَ غَانِمٌ أَبُو سَعِيدٍ: فَقُلْتُ: اللّهُ أَكْبَرُ، هذَا الَّذِي طَلَبْتُ ؛ فَانْصَرَفْتُ إِلى دَاوُدَ بْنِ الْعَبَّاسِ، فَقُلْتُ لَهُ: أَيُّهَا الْأَمِيرُ، وَجَدْتُ مَا طَلَبْتُ، وَ أَنَا أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللّهِ.
قَالَ: فَبَرَّنِي۲، وَ وَصَلَنِي، وَ قَالَ لِلْحُسَيْنِ: تَفَقَّدْهُ. قَالَ: فَمَضَيْتُ إِلَيْهِ حَتّى آنَسْتُ بِهِ، وَ فَقَّهَنِي فِيمَا احْتَجْتُ إِلَيْهِ مِنَ الصَّلاَةِ وَ الصِّيَامِ وَ الْفَرَائِضِ.
قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّا نَقْرَأُ فِي كُتُبِنَا أَنَّ مُحَمَّداً خَاتَمُ النَّبِيِّينَ، لاَ نَبِيَّ بَعْدَهُ، وَ أَنَّ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ إِلى وَصِيِّهِ وَ وَارِثِهِ وَ خَلِيفَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ، ثُمَّ إِلَى الْوَصِيِّ بَعْدَ الْوَصِيِّ، لاَ يَزَالُ أَمْرُ اللّهِ جَارِياً فِي أَعْقَابِهِمْ حَتّى تَنْقَضِيَ الدُّنْيَا، فَمَنْ وَصِيُّ وَصِيِّ مُحَمَّدٍ؟ قَالَ: الْحَسَنُ، ثُمَّ الْحُسَيْنُ ـ ابْنَا مُحَمَّدٍ ـ ثُمَّ سَاقَ الْأَمْرَ فِي الْوَصِيَّةِ حَتَّى انْتَهى إِلى صَاحِبِ الزَّمَانِ عليه‏السلام.
ثُمَّ أَعْلَمَنِي مَا حَدَثَ ؛ فَلَمْ يَكُنْ لِي هِمَّةٌ إِلاَّ طَلَبُ النَّاحِيَةِ.
فَوَافى قُمَّ۳، وَ قَعَدَ مَعَ أَصْحَابِنَا فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَ سِتِّينَ۴، وَ خَرَجَ مَعَهُمْ حَتّى

1.. «المفاوضة» : المساواة والمشاركة، وهي مفاعلة من التفويض، كأنّ كلّ واحد منهما ردّ ما عنده إلى صاحبه . والمراد هنا : المحادثة والمذاكرة في العلم . راجع : النهاية ، ج ۳ ، ص ۴۷۹ فوض .

2.. «البِرّ» : الاتّساع في الإحسان والزيادة . راجع : مجمع البحرين ، ج ۱ ، ص ۱۲۸ برر .

3.. في الوافي، ج۳، ص۸۶۶ : «فوافى قمّ ، هذا من كلام محمّد بن محمّد ، و كذا قوله فيما بعد «ثمّ وافانا بعد » فإنّهما رجوع من الحكاية إلى التكلّم».

4.. قال المازندراني : «قوله : في سنة أربع وستّين ، أي من الغيبة أو بعد مائتين» . وقال المجلسي : «أربع وستّين ، أي بعد المائتين من الهجرة» . ر. ك: شرح المازندراني، ج۷، ص۳۳۸؛ مرآة العقول، ج۶، ص۱۷۷.

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 17003
صفحه از 868
پرینت  ارسال به