813
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

فَأَنْفَذَنِي۱ مَلِكُهَا ـ لَمَّا وَقَفَ عَلى خَبَرِي ـ إِلى مَدِينَةِ بَلْخَ، وَ عَلَيْهَا إِذْ ذَاكَ دَاوُدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ أَبِي أَسْوَدَ، فَبَلَغَهُ خَبَرِي، وَ أَنِّي خَرَجْتُ مُرْتَاداً مِنَ الْهِنْدِ، وَ تَعَلَّمْتُ الْفَارِسِيَّةَ، وَ نَاظَرْتُ الْفُقَهَاءَ وَ أَصْحَابَ الْكَلاَمِ، فَأَرْسَلَ إِلَيَّ دَاوُدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، فَأَحْضَرَنِي مَجْلِسَهُ، وَ جَمَعَ عَلَيَّ الْفُقَهَاءَ، فَنَاظَرُونِي، فَأَعْلَمْتُهُمْ أَنِّي خَرَجْتُ مِنْ بَلَدِي أَطْلُبُ هذَا النَّبِيَّ الَّذِي وَجَدْتُهُ فِي الْكُتُبِ، فَقَالَ لِي: مَنْ هُوَ ؟ وَ مَا اسْمُهُ ؟ فَقُلْتُ: مُحَمَّدٌ، فَقَالُوا: هُوَ نَبِيُّنَا الَّذِي تَطْلُبُ، فَسَأَلْتُهُمْ عَنْ شَرَائِعِهِ، فَأَعْلَمُونِي.
فَقُلْتُ لَهُمْ: أَنَا أَعْلَمُ أَنَّ مُحَمَّداً نَبِيٌّ، وَ لاَ أَعْلَمُهُ هذَا الَّذِي تَصِفُونَ أَمْ لاَ ؟ فَأَعْلِمُونِي مَوْضِعَهُ لِأَقْصِدَهُ، فَأُسَائِلَهُ عَنْ عَلاَمَاتٍ عِنْدِي وَ دَلاَلاَتٍ، فَإِنْ كَانَ صَاحِبِيَ الَّذِي طَلَبْتُ آمَنْتُ بِهِ، فَقَالُوا: قَدْ مَضى عليه‏السلام، فَقُلْتُ: فَمَنْ وَصِيُّهُ وَ خَلِيفَتُهُ ؟ فَقَالُوا: أَبُو بَكْرٍ.
قُلْتُ: فَسَمُّوهُ لِي؛ فَإِنَّ هذِهِ كُنْيَتُهُ، قَالُوا: عَبْدُ اللّهِ بْنُ عُثْمَانَ، وَنَسَبُوهُ إِلى قُرَيْشٍ.
قُلْتُ: فَانْسُبُوا لِي مُحَمَّداً نَبِيَّكُمْ، فَنَسَبُوهُ لِي، فَقُلْتُ: لَيْسَ هذَا صَاحِبِيَ الَّذِي طَلَبْتُ، صَاحِبِيَ الَّذِي أَطْلُبُهُ خَلِيفَتُهُ أَخُوهُ فِي الدِّينِ، وَ ابْنُ عَمِّهِ فِي النَّسَبِ، وَ زَوْجُ ابْنَتِهِ، وَأَبُو وُلْدِهِ، لَيْسَ لِهذَا النَّبِيِّ ذُرِّيَّةٌ عَلَى الْأَرْضِ غَيْرُ وُلْدِ هذَا الرَّجُلِ الَّذِي هُوَ خَلِيفَتُهُ.
قَالَ: فَوَثَبُوا بِي، وَ قَالُوا: أَيُّهَا الْأَمِيرُ، إِنَّ هذَا قَدْ خَرَجَ مِنَ الشِّرْكِ إِلَى الْكُفْرِ، هذَا حَلاَلُ الدَّمِ، فَقُلْتُ لَهُمْ: يَا قَوْمُ، أَنَا رَجُلٌ مَعِي دِينٌ، مُتَمَسِّكٌ بِهِ، لاَ أُفَارِقُهُ حَتّى أَرى مَا هُوَ أَقْوى مِنْهُ، إِنِّي وَجَدْتُ صِفَةَ هذَا الرَّجُلِ فِي الْكُتُبِ الَّتِي أَنْزَلَهَا اللّهُ عَلى_'feأَنْبِيَائِهِ، وَ إِنَّمَا خَرَجْتُ مِنْ بِلاَدِ الْهِنْدِ وَ مِنَ الْعِزِّ الَّذِي كُنْتُ فِيهِ طَلَباً لَهُ، فَلَمَّا فَحَصْتُ عَنْ أَمْرِ صَاحِبِكُمُ الَّذِي ذَكَرْتُمْ، لَمْ يَكُنِ النَّبِيَّ الْمَوْصُوفَ فِي الْكُتُبِ، فَكَفُّوا عَنِّي.
وَ بَعَثَ الْعَامِلُ إِلى رَجُلٍ ـ يُقَالُ لَهُ: الْحُسَيْنُ بْنُ إِشْكِيبَ۲ ـ فَدَعَاهُ، فَقَالَ لَهُ: نَاظِرْ

1.. قوله : «فأنفذني» ، أي فأرسلني . راجع : المعجم الوسيط ، ج ۲ ، ص ۹۳۹ نفذ .

2.. «قال الكشّي في رجال أبي محمّد : الحسين بن إشكيب المروزيّ المقيم بسمرقند وكشّ ، عالم ، متكلّم ، مؤلّف للكتب» . راجع : رجال النجاشي ، ص ۴۴ ، الرقم ۸۸ .


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
812

وَ لاَ أَدْخُلُ، فَخَرَجَتْ عَلَيَّ جَارِيَةٌ مَعَهَا شَيْءٌ مُغَطًّى، ثُمَّ نَادَانِيَ: «ادْخُلْ» فَدَخَلْتُ،
وَ نَادَى الْجَارِيَةَ، فَرَجَعَتْ، فَقَالَ لَهَا: «اكْشِفِي عَمَّا مَعَكِ» فَكَشَفَتْ عَنْ غُلاَمٍ أَبْيَضَ، حَسَنِ الْوَجْهِ، وَ كَشَفَتْ عَنْ بَطْنِهِ، فَإِذَا شَعْرٌ نَابِتٌ مِنْ لَبَّتِهِ۱ إِلى سُرَّتِهِ، أَخْضَرُ، لَيْسَ بِأَسْوَدَ، فَقَالَ: «هذَا صَاحِبُكُمْ».
ثُمَّ أَمَرَهَا فَحَمَلَتْهُ، فَمَا رَأَيْتُهُ بَعْدَ ذلِكَ حَتّى مَضى أَبُو مُحَمَّدٍ عليه‏السلام.
فَقَالَ ضَوْء بْنُ عَلِيٍّ: فَقُلْتُ لِلْفَارِسِيِّ: كَمْ كُنْتَ تُقَدِّرُ لَهُ مِنَ السِّنِينَ ؟ قَالَ: سَنَتَيْنِ.
قَالَ الْعَبْدِيُّ: فَقُلْتُ لِضَوْءٍ: كَمْ تُقَدِّرُ لَهُ أَنْتَ ؟ قَالَ: أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ وَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ: وَ نَحْنُ نُقَدِّرُ لَهُ إِحْدى وَ عِشْرِينَ سَنَةً.

۱۳۵۹.۳. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا الْقُمِّيِّينَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَامِرِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ غَانِمٍ الْهِنْدِيِّ، قَالَ:
كُنْتُ بِمَدِينَةِ الْهِنْدِ ـ الْمَعْرُوفَةِ بِقِشْمِيرَ الدَّاخِلَةِ ـ وَ أَصْحَابٌ لِي يَقْعُدُونَ عَلى كَرَاسِيَّ عَنْ يَمِينِ الْمَلِكِ أَرْبَعُونَ رَجُلاً كُلُّهُمْ يَقْرَأُ الْكُتُبَ الْأَرْبَعَةَ: التَّوْرَاةَ، وَ الاْءِنْجِيلَ، وَ الزَّبُورَ، وَ صُحُفَ إِبْرَاهِيمَ، نَقْضِي بَيْنَ النَّاسِ، وَ نُفَقِّهُهُمْ فِي دِينِهِمْ، وَ نُفْتِيهِمْ فِي حَلاَلِهِمْ وَ حَرَامِهِمْ، يَفْزَعُ النَّاسُ إِلَيْنَا: الْمَلِكُ فَمَنْ دُونَهُ، فَتَجَارَيْنَا۲ ذِكْرَ رَسُولِ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، فَقُلْنَا: هذَا النَّبِيُّ الْمَذْكُورُ فِي الْكُتُبِ قَدْ خَفِيَ عَلَيْنَا أَمْرُهُ، وَ يَجِبُ عَلَيْنَا الْفَحْصُ عَنْهُ وَ طَلَبُ أَثَرِهِ، وَ اتَّفَقَ رَأْيُنَا وَ تَوَافَقْنَا عَلى أَنْ أَخْرُجَ، فَأَرْتَادَ۳ لَهُمْ، فَخَرَجْتُ وَ مَعِي مَالٌ جَلِيلٌ، فَسِرْتُ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْراً حَتّى قَرُبْتُ مِنْ كَابُلَ، فَعَرَضَ لِي قَوْمٌ مِنَ التُّرْكِ، فَقَطَعُوا عَلَيَّ، وَ أَخَذُوا مَالِي، وَ جُرِحْتُ جِرَاحَاتٍ شَدِيدَةً، وَ دُفِعْتُ۴ إِلى مَدِينَةِ كَابُلَ،

1.. «اللَبَّة» : المَنْحَر والهَزْمَة التي فوق الصدر ، وفيها تُنحر الإبل ، وموضع القلادة من الصدر . راجع : الصحاح ، ج ۱ ، ص ۲۱۷ ؛ النهاية ، ج ۴ ، ص ۲۲۳ لبب .

2.. «فتجارينا» ، أي تذاكرنا ، أو أجرينا فيما بيننا . راجع : مجمع البحرين ، ج ۱ ، ص ۸۳ .

3.. ارتاد الرجل الشيء : طلبه . المصباح المنير ، ص ۲۴۵ رود .

4.. دُفِعْتُ إلى كذا : انتهيت إليه . المصباح المنير ، ص ۱۹۶ دفع .

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 17019
صفحه از 868
پرینت  ارسال به