797
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الرِّضَا مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ عَلى فِرَاشِهِ، حَضَرَهُ مَنْ حَضَرَهُ مِنْ خَدَمِ أَمِيرِ الْمُؤمِنِينَ وَ ثِقَاتِهِ فُلاَنٌ وَ فُلاَنٌ، وَ مِنَ الْقُضَاةِ فُلاَنٌ وَ فُلاَنٌ، وَ مِنَ الْمُتَطَبِّبِينَ فُلاَنٌ وَ فُلاَنٌ، ثُمَّ غَطّى وَجْهَهُ، وَ أَمَرَ بِحَمْلِهِ، فَحُمِلَ مِنْ وَسَطِ دَارِهِ، وَ دُفِنَ فِي الْبَيْتِ الَّذِي دُفِنَ فِيهِ أَبُوهُ.
فَلَمَّا دُفِنَ أَخَذَ السُّلْطَانُ وَ النَّاسُ فِي طَلَبِ وَلَدِهِ، وَ كَثُرَ التَّفْتِيشُ فِي الْمَنَازِلِ وَ الدُّورِ، وَ تَوَقَّفُوا عَنْ قِسْمَةِ مِيرَاثِهِ، وَ لَمْ يَزَلِ الَّذِينَ وُكِّلُوا بِحِفْظِ الْجَارِيَةِ ـ الَّتِي تُوُهِّمَ عَلَيْهَا الْحَمْلُ ـ لاَزِمِينَ حَتّى تَبَيَّنَ بُطْلاَنُ الْحَمْلِ، فَلَمَّا بَطَلَ الْحَمْلُ عَنْهُنَّ قُسِمَ مِيرَاثُهُ بَيْنَ أُمِّهِ وَ أَخِيهِ جَعْفَرٍ، وَ ادَّعَتْ أُمُّهُ وَصِيَّتَهُ، وَ ثَبَتَ ذلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي، وَ السُّلْطَانُ عَلى ذلِكَ يَطْلُبُ أَثَرَ وَلَدِهِ.
فَجَاءَ جَعْفَرٌ بَعْدَ ذلِكَ إِلى أَبِي، فَقَالَ: اجْعَلْ لِي مَرْتَبَةَ أَخِي وَ أُوصِلَ إِلَيْكَ فِي كُلِّ سَنَةٍ عِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، فَزَبَرَهُ۱ أَبِي وَ أَسْمَعَهُ۲، وَ قَالَ لَهُ: يَا أَحْمَقُ، السُّلْطَانُ جَرَّدَ
سَيْفَهُ فِي الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّ أَبَاكَ وَ أَخَاكَ أَئِمَّةٌ ؛ لِيَرُدَّهُمْ عَنْ ذلِكَ، فَلَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ ذلِكَ، فَإِنْ كُنْتَ عِنْدَ شِيعَةِ أَبِيكَ وَ أَخِيكَ إِمَاماً، فَلاَ حَاجَةَ بِكَ إِلَى السُّلْطَانِ يُرَتِّبُكَ مَرَاتِبَهُمَا، وَ لاَ غَيْرِ السُّلْطَانِ، وَ إِنْ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُمْ بِهذِهِ الْمَنْزِلَةِ لَمْ تَنَلْهَا بِنَا.
وَاسْتَقَلَّهُ۳ أَبِي عِنْدَ ذلِكَ، وَ اسْتَضْعَفَهُ، وَ أَمَرَ أَنْ يُحْجَبَ عَنْهُ، فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الدُّخُولِ عَلَيْهِ حَتّى مَاتَ أَبِي وَ خَرَجْنَا وَ هُوَ عَلى تِلْكَ الْحَالِ، وَ السُّلْطَانُ يَطْلُبُ أَثَرَ وَلَدِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عليه‏السلام.

1.. «الزَبْرُ» : المنع والزَجْرُ . يقال : زَبَرَهُ يَزْبُرُهُ زَبْرا ، أي انتهره وأغلظ له في القول والردّ . راجع : الصحاح ، ج ۲ ، ص ۶۶۷ ؛ النهاية ، ج ۲ ، ص ۲۹۳ زبر .

2.. «أسمعه» ، أي شتمه وسَبَّهُ . قال الراغب : «وذلك متعارف في السَبّ» . راجع : المفردات للراغب ، ص ۴۲۵ ؛ لسان العرب ، ج ۸ ، ص ۱۶۵ سمع .

3.. «استقلّه» ، أي عدّه قليلاً ذليلاً ، سفيه الرأي ، قليل العقل . راجع : الصحاح ، ج ۵ ، ص ۱۸۰۴ قلل .


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
796

فَرَكِبَ مِنْ سَاعَتِهِ، فَبَادَرَ إِلى دَارِ الْخِلاَفَةِ، ثُمَّ رَجَعَ مُسْتَعْجِلاً وَ مَعَهُ خَمْسَةٌ مِنْ خَدَمِ أَمِيرِ الْمُؤمِنِينَ كُلُّهُمْ مِنْ ثِقَاتِهِ وَ خَاصَّتِهِ، فِيهِمْ نِحْرِيرٌ۱، فَأَمَرَهُمْ بِلُزُومِ دَارِ الْحَسَنِ وَ تَعَرُّفِ خَبَرِهِ وَ حَالِهِ، وَ بَعَثَ إِلى نَفَرٍ مِنَ الْمُتَطَبِّبِينَ۲، فَأَمَرَهُمْ بِالاِخْتِلاَفِ إِلَيْهِ۳ وَ تَعَاهُدِهِ۴ صَبَاحاً وَ مَسَاءً.
فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذلِكَ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ، أُخْبِرَ أَنَّهُ قَدْ ضَعُفَ، فَأَمَرَ الْمُتَطَبِّبِينَ بِلُزُومِ دَارِهِ، وَ بَعَثَ إِلى قَاضِي الْقُضَاةِ، فَأَحْضَرَهُ مَجْلِسَهُ، وَ أَمَرَهُ أَنْ يَخْتَارَ مِنْ أَصْحَابِهِ عَشَرَةً مِمَّنْ يُوثَقُ بِهِ فِي دِينِهِ وَ أَمَانَتِهِ وَ وَرَعِهِ، فَأَحْضَرَهُمْ، فَبَعَثَ بِهِمْ إِلى دَارِ الْحَسَنِ، وَ أَمَرَهُمْ بِلُزُومِهِ لَيْلاً وَ نَهَاراً، فَلَمْ يَزَالُوا هُنَاكَ حَتّى تُوُفِّيَ عليه‏السلام، فَصَارَتْ سُرَّ مَنْ رَأى ضَجَّةً وَاحِدَةً، وَ بَعَثَ السُّلْطَانُ إِلى دَارِهِ مَنْ فَتَّشَهَا، وَ فَتَّشَ حُجَرَهَا، وَ خَتَمَ عَلى جَمِيعِ مَا فِيهَا، وَ طَلَبُوا أَثَرَ وَلَدِهِ، وَ جَاؤوا بِنِسَاءٍ يَعْرِفْنَ الْحَمْلَ، فَدَخَلْنَ إِلى جَوَارِيهِ يَنْظُرْنَ إِلَيْهِنَّ، فَذَكَرَ بَعْضُهُنَّ أَنَّ هُنَاكَ جَارِيَةً بِهَا حَمْلٌ، فَجُعِلَتْ فِي حُجْرَةٍ، وَ وُكِّلَ بِهَا نِحْرِيرٌ الْخَادِمُ وَ أَصْحَابُهُ وَ نِسْوَةٌ مَعَهُمْ.
ثُمَّ أَخَذُوا بَعْدَ ذلِكَ فِي تَهْيِئَتِهِ، وَ عُطِّلَتِ الْأَسْوَاقُ، وَ رَكِبَتْ بَنُو هَاشِمٍ وَ الْقُوَّادُ وَ أَبِي وَ سَائِرُ النَّاسِ إِلى جَنَازَتِهِ، فَكَانَتْ سُرَّ مَنْ رَأى يَوْمَئِذٍ شَبِيهاً بِالْقِيَامَةِ، فَلَمَّا فَرَغُوا مِنْ تَهْيِئَتِهِ، بَعَثَ السُّلْطَانُ إِلى أَبِي عِيسى بْنِ الْمُتَوَكِّلِ، فَأَمَرَهُ بِالصَّلاَةِ عَلَيْهِ، فَلَمَّا وُضِعَتِ الْجَنَازَةُ لِلصَّلاَةِ عَلَيْهِ، دَنَا أَبُو عِيسَى مِنْهُ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ، فَعَرَضَهُ عَلى بَنِي هَاشِمٍ مِنَ الْعَلَوِيَّةِ وَ الْعَبَّاسِيَّةِ وَ الْقُوَّادِ وَ الْكُتَّابِ وَ الْقُضَاةِ وَ الْمُعَدَّلِينَ، وَ قَالَ: هذَا

1.. في الوافي، ج۳، ص۸۴۷ : «كان شقيّا من الأشقياء».

2.. «المُتَطَبِّبُ»: هو الذي يعاني الطبَّ ـ أي يلابسه ويباشره ـ ولا يعرفه معرفة جيّدة. النهاية، ج ۳، ص ۱۱۰ طبب.

3.. «الاختلاف» : التردّد . يقال : اختلف إلى المكان ، أي تردّد ، أي جاء مرّة بعد اُخرى . راجع : القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۱۰۷۶ خلف .

4.. في الإرشاد : «تعهّده ». وقال الجوهري: «التعهّد: التحفّظ بالشيء وتجديد العهد به. وتعهّدتُ فلانا وتعهّدتُ ضيعتي ، وهو أفصح من قولك : تعاهدتُه ؛ لأنّ التعاهد إنّما يكون بين اثنين» . الصحاح ، ج ۲ ، ص ۵۱۶ عهد .

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14826
صفحه از 868
پرینت  ارسال به