ثُمَّ قَالَ: «اللّهُ أَكْبَرُ، اللّهُ أَكْبَرُ، اللّهُ أَكْبَرُ، اللّهُ أَكْبَرُ عَلى مَا هَدَانَا، اللّهُ أَكْبَرُ عَلى
مَا رَزَقَنَا مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ۱، وَ الْحَمْدُ لِلّهِ عَلى مَا أَبْلاَنَا۲»، نَرْفَعُ بِهَا أَصْوَاتَنَا.
قَالَ يَاسِرٌ: فَتَزَعْزَعَتْ۳ مَرْوُ بِالْبُكَاءِ وَ الضَّجِيجِ وَ الصِّيَاحِ لَمَّا نَظَرُوا إِلى أَبِي الْحَسَنِ عليهالسلام، وَ سَقَطَ الْقُوَّادُ عَنْ دَوَابِّهِمْ، وَ رَمَوْا بِخِفَافِهِمْ لَمَّا رَأَوْا أَبَا الْحَسَنِ عليهالسلام حَافِياً، وَ كَانَ يَمْشِي وَ يَقِفُ فِي كُلِّ عَشْرِ خُطُوَاتٍ، وَ يُكَبِّرُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.
قَالَ يَاسِرٌ: فَتُخُيِّلَ إِلَيْنَا أَنَّ السَّمَاءَ وَ الْأَرْضَ وَ الْجِبَالَ تُجَاوِبُهُ، وَ صَارَتْ مَرْوُ ضَجَّةً وَاحِدَةً مِنَ الْبُكَاءِ، وَ بَلَغَ الْمَأْمُونَ ذلِكَ، فَقَالَ لَهُ الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ ذُو الرِّئَاسَتَيْنِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤمِنِينَ، إِنْ بَلَغَ الرِّضَا عليهالسلام الْمُصَلّى عَلى هذَا السَّبِيلِ، افْتَتَنَ بِهِ النَّاسُ، وَ الرَّأْيُ أَنْ تَسْأَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْمَأْمُونُ، فَسَأَلَهُ الرُّجُوعَ، فَدَعَا أَبُو الْحَسَنِ عليهالسلام بِخُفِّهِ، فَلَبِسَهُ وَ رَكِبَ وَ رَجَعَ.
۱۳۰۵.۸. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ يَاسِرٍ، قَالَ:
لَمَّا خَرَجَ الْمَأْمُونُ مِنْ خُرَاسَانَ يُرِيدُ بَغْدَادَ، وَ خَرَجَ الْفَضْلُ ذُو الرِّئَاسَتَيْنِ، وَ خَرَجْنَا مَعَ أَبِي الْحَسَنِ عليهالسلام، وَرَدَ عَلَى الْفَضْلِ بْنِ سَهْلٍ ذِي الرِّئَاسَتَيْنِ كِتَابٌ مِنْ أَخِيهِ الْحَسَنِ بْنِ سَهْلٍ وَ نَحْنُ فِي بَعْضِ الْمَنَازِلِ: إِنِّي نَظَرْتُ فِي تَحْوِيلِ السَّنَةِ فِي حِسَابِ النُّجُومِ، فَوَجَدْتُ فِيهِ أَنَّكَ تَذُوقُ فِي شَهْرِ كَذَا وَ كَذَا يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ حَرَّ الْحَدِيدِ وَ حَرَّ النَّارِ، وَ أَرى أَنْ تَدْخُلَ أَنْتَ وَ أَمِيرُ الْمُؤمِنِينَ وَ الرِّضَا الْحَمَّامَ فِي هذَا الْيَوْمِ، وَ تَحْتَجِمَ فِيهِ،
1.. «البَهِيمَةُ» : كلّ ذات أربع قوائم من دوابّ البرّ والماء . و«الأنعام» : جمع النَعَم ، وهي المال الراعية ، فالإضافة بيانيّة . وعن الزجّاج : قيل لها : بهيمة الأنعام ؛ لأنّ كلّ حيّ لا يُميِّز فهو بهيمة ؛ لأنّه اُبهم عن أن يُميِّز . راجع : لسان العرب ، ج ۱۲ ، ص ۵۶ بهم ، وص ۵۸۵ (نعم) .
2.. «الإبْلاءُ» : الإنعام والإحسان . يقال : بَلَوْتُ الرجلَ وأبْليتُ عنده بلاءً حسنا . النهاية ، ج ۱ ، ص ۱۵۵ بلا .
3.. «فتزعزعت» ، أي تحرّكت . والزعزعة : تحريك الريح الشجرة ونحوها ، أي كلّ تحريك شديد . يقال : زعزعه فتزعزع ، أي حرّكه ليقلعه فتحرّك . راجع : لسان العرب ، ج ۸ ، ص ۱۴۱ ؛ القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۹۷۳ زعع .