فِي دُورِ الشَّيَاطِينِ، فَحَوَّلُوا وَ بَدَّلُوا وَ نَقَلُوا تِلْكَ الْأَسْمَاءَ، وَ هُوَ قَوْلُ اللّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالى ـ الْبَطْنُ لآِلِ مُحَمَّدٍ، وَ الظَّهْرُ مَثَلٌ۱ ـ: «إِنْ هِىَ إِلاّ أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَ آباؤكُمْ ما أَنْزَلَ اللّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ»۲ فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي قَدْ ضَرَبْتُ إِلَيْكَ مِنْ بَلَدٍ بَعِيدٍ، تَعَرَّضْتُ۳ إِلَيْكَ بِحَاراً وَ غُمُوماً وَ هُمُوماً وَ خَوْفاً، وَ أَصْبَحْتُ وَ أَمْسَيْتُ مُؤيَساً أَلاَّ أَكُونَ۴ ظَفِرْتُ بِحَاجَتِي.
فَقَالَ لِي: مَا أَرى أُمَّكَ حَمَلَتْ بِكَ إِلاَّ وَ قَدْ حَضَرَهَا مَلَكٌ كَرِيمٌ، وَ لاَ أَعْلَمُ أَنَّ أَبَاكَ حِينَ أَرَادَ الْوُقُوعَ بِأُمِّكَ إِلاَّ وَ قَدِ اغْتَسَلَ وَ جَاءَهَا عَلى طُهْرٍ، وَ لاَ أَزْعُمُ إِلاَّ أَنَّهُ قَدْ كَانَ دَرَسَ السِّفْرَ الرَّابِعَ مِنْ سَهَرِهِ۵ ذلِكَ، فَخُتِمَ لَهُ بِخَيْرٍ، ارْجِعْ مِنْ حَيْثُ جِئْتَ،
فَانْطَلِقْ حَتّى تَنْزِلَ مَدِينَةَ مُحَمَّدٍ صلىاللهعليهوآله ـ الَّتِي يُقَالُ لَهَا: طَيْبَةُ۶، وَ قَدْ كَانَ اسْمُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَثْرِبَ ـ ثُمَّ اعْمِدْ۷ إِلى مَوْضِعٍ مِنْهَا يُقَالُ لَهُ: الْبَقِيعُ، ثُمَّ سَلْ عَنْ دَارٍ يُقَالُ لَهَا: دَارُ مَرْوَانَ، فَانْزِلْهَا، وَ أَقِمْ ثَلاَثاً، ثُمَّ سَلْ عَنِ الشَّيْخِ الْأَسْوَدِ الَّذِي يَكُونُ عَلى بَابِهَا، يَعْمَلُ الْبَوَارِيَّ، وَ هِيَ فِي بِلاَدِهِمُ اسْمُهَا الْخَصَفُ، فَالْطُفْ بِالشَّيْخِ، وَ قُلْ لَهُ: بَعَثَنِي
1.. في مرآة العقول، ج۶، ص۶۱ : «ثمّ اعلم أنّه قرأ بعضهم : «مُثُل» بضمّتين ، أي الأصنام ، وهو بعيد . وقرأ بعضهم : «مِثْل» بالكسر ، وقال : المراد أنّ الظهر والبطن جميعا لآل محمّد في جميع الآيات مثل هذه الآية . ولعلّه أبعد» .
2.. النجم ۵۳ : ۲۳ .
3.. «تعرّضتُ» ، أي تصدّيت وطلبتُ . راجع : المصباح المنير ، ص ۴۰۴ عرض .
4.. قوله : «مؤيسا ألاّ أكون» . يحتمل وجهين : أن يكون من قبيل : أسألك إلاّ فعلت كذا ، أي كنت في جميع الأحوال مؤيسا إلاّ وقت الظفر بحاجتي . أو يكون «ألاّ» مركّبا من «أن» و«لا» متعلّقا ب «مؤيسا» مفعولاً له ، على تضمين معنى الخوف ، أي خائفا من أن أكون ظفرت بحاجتي» . راجع : شرح المازندراني ، ج ۷ ، ص ۲۶۲ ؛ مرآة العقول ، ج ۶ ، ص ۶۱ .
5.. قال المازندراني، ج۷، ص۲۶۳ : «قوله : ولا أزعم إلاّ أنّه قد كان درس ـ أي قرأ ـ السفر الرابع في شهر الإيقاع» .
6.. كان اسمُ المدينة يثربَ ، والثرب : الفساد ، فنهى النبيّ صلىاللهعليهوآله أن تسمّى به وسمّاها طَيْبَةً وطابةً ، وهما تأنيث طَيْب وطابٍ بمعنى الطيب . وقيل : هو من الطيّب بمعنى الطاهر ؛ لخلوصها من الشرك وتطهيرها منه . راجع : النهاية ، ج ۳ ، ص ۱۴۹ طيب .
7.. «اعمد» ، أي اقْصُدْ . يقال : عَمَدَه يَعْمِدُهُ ، وعَمَدَ إليه وله ، وتعمّده وتعمّد له ، واعتمده ، أي قصده . راجع : لسان العرب ، ج ۳ ، ص ۳۰۲ عمد .