759
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

وَ جَلَسُوا، فَبَدَأَتِ الرَّاهِبَةُ بِالْمَسَائِلِ، فَسَأَلَتْ عَنْ مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ، كُلُّ ذلِكَ يُجِيبُهَا، وَ سَأَلَهَا أَبُو إِبْرَاهِيمَ عليه‏السلام عَنْ أَشْيَاءَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهَا فِيهَا شَيْءٌ، ثُمَّ أَسْلَمَتْ.
ثُمَّ أَقْبَلَ الرَّاهِبُ يَسْأَلُهُ، فَكَانَ يُجِيبُهُ فِي كُلِّ مَا يَسْأَلُهُ، فَقَالَ الرَّاهِبُ: قَدْ كُنْتُ قَوِيّاً عَلى دِينِي، وَ مَا خَلَّفْتُ أَحَداً مِنَ النَّصَارى فِي الْأَرْضِ يَبْلُغُ مَبْلَغِي فِي الْعِلْمِ، وَ لَقَدْ سَمِعْتُ بِرَجُلٍ فِي الْهِنْدِ إِذَا شَاءَ حَجَّ إِلى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فِي يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلى مَنْزِلِهِ بِأَرْضِ الْهِنْدِ، فَسَأَلْتُ عَنْهُ بِأَيِّ أَرْضٍ هُوَ ؟ فَقِيلَ لِي: إِنَّهُ بِسُبْذَانَ۱، وَ سَأَلْتُ الَّذِي أَخْبَرَنِي، فَقَالَ: هُوَ عَلِمَ الاِسْمَ الَّذِي ظَفِرَ بِهِ آصَفُ صَاحِبُ سُلَيْمَانَ لَمَّا أَتى بِعَرْشِ سَبَأً وَ هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ اللّهُ لَكُمْ فِي كِتَابِكُمْ، وَ لَنَا ـ مَعْشَرَ الْأَدْيَانِ ـ فِي كُتُبِنَا.
فَقَالَ لَهُ أَبُو إِبْرَاهِيمَ عليه‏السلام: «فَكَمْ لِلّهِ مِنِ اسْمٍ لاَ يُرَدُّ ؟» فَقَالَ الرَّاهِبُ: الْأَسْمَاءُ كَثِيرَةٌ، فَأَمَّا الْمَحْتُومُ مِنْهَا ـ الَّذِي لاَ يُرَدُّ سَائِلُهُ ـ فَسَبْعَةٌ، فَقَالَ لَهُ أَبُو الْحَسَنِ عليه‏السلام: «فَأَخْبِرْنِي عَمَّا تَحْفَظُ مِنْهَا» قَالَ الرَّاهِبُ: لاَ، وَ اللّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلى مُوسى، وَ جَعَلَ عِيسى
عِبْرَةً لِلْعَالَمِينَ، وَ فِتْنَةً لِشُكْرِ أُولِي الْأَلْبَابِ، وَ جَعَلَ مُحَمَّداً بَرَكَةً وَ رَحْمَةً، وَ جَعَلَ عَلِيّاً عِبْرَةً وَ بَصِيرَةً، وَ جَعَلَ الْأَوْصِيَاءَ مِنْ نَسْلِهِ وَ نَسْلِ مُحَمَّدٍ مَا أَدْرِي، وَ لَوْ دَرَيْتُ مَا احْتَجْتُ فِيهِ إِلى كَلاَمِكَ، وَ لاَ جِئْتُكَ وَ لاَ سَأَلْتُكَ.
فَقَالَ لَهُ أَبُو إِبْرَاهِيمَ عليه‏السلام: «عُدْ إِلى حَدِيثِ الْهِنْدِيِّ».
فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ: سَمِعْتُ بِهذِهِ الْأَسْمَاءِ وَ لاَ أَدْرِي مَا بِطَانَتُهَا وَ لاَ شَرَائِحُهَا۲ ؟ وَ لاَ أَدْرِي مَا هِيَ ؟ وَ لاَ كَيْفَ هِيَ وَ لاَ بِدُعَائِهَا؟ فَانْطَلَقْتُ حَتّى قَدِمْتُ سُبْذَانَ۳ الْهِنْدِ، فَسَأَلْتُ عَنِ الرَّجُلِ، فَقِيلَ لِي: إِنَّهُ بَنى دَيْراً فِي جَبَلٍ، فَصَارَ لاَ يَخْرُجُ وَ لاَ يُرى إِلاَّ فِي

1.. في الوافي والبحار : «بسندان» .

2.. «الشرائح» : جمع الشَرِيحة ، وهي القطعة من اللحم . والمراد هاهنا : ما يشرحها ويبيّنها ، وكأنّه كناية عن ظواهرها . لسان العرب، ج۲، ص۴۹۷ شرح.

3.. في الوافي والبحار : «سندان» .


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
758

أَنْ أُورِدَ عَلَيْكُمَا حَقَّكُمَا فِي الاْءِسْلاَمِ».
فَقَالَ: وَ اللّهِ ـ أَصْلَحَكَ اللّهُ ـ إِنِّي لَغَنِيٌّ، وَ لَقَدْ تَرَكْتُ ثَلاَثَمِائَةِ طَرُوقٍ۱ بَيْنَ فَرَسٍ وَ فَرَسَةٍ۲، وَ تَرَكْتُ أَلْفَ بَعِيرٍ، فَحَقُّكَ فِيهَا أَوْفَرُ مِنْ حَقِّي، فَقَالَ لَهُ: «أَنْتَ مَوْلَى اللّهِ وَ رَسُولِهِ۳، وَ أَنْتَ فِي حَدِّ نَسَبِكَ عَلى حَالِكَ».
فَحَسُنَ إِسْلاَمُهُ، وَ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي فِهْرٍ، وَ أَصْدَقَهَا۴ أَبُو إِبْرَاهِيمَ عليه‏السلام خَمْسِينَ دِينَاراً مِنْ صَدَقَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه‏السلام، وَ أَخْدَمَهُ۵، وَ بَوَّأَهُ۶، وَ أَقَامَ حَتّى أُخْرِجَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ عليه‏السلام، فَمَاتَ بَعْدَ مَخْرَجِهِ بِثَمَانٍ وَ عِشْرِينَ لَيْلَةً.

۱۲۹۳.۵. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَ أَحْمَدُ بْنُ مِهْرَانَ جَمِيعاً، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ أَبِي إِبْرَاهِيمَ عليه‏السلام وَ أَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ الْيَمَنِ مِنَ الرُّهْبَانِ وَ مَعَهُ رَاهِبَةٌ، فَاسْتَأْذَنَ لَهُمَا الْفَضْلُ بْنُ سَوَّارٍ، فَقَالَ لَهُ: «إِذَا كَانَ غَداً فَأْتِ بِهِمَا عِنْدَ بِئْرِ أُمِّ خَيْرٍ» قَالَ: فَوَافَيْنَا مِنَ الْغَدِ، فَوَجَدْنَا الْقَوْمَ قَدْ وَافَوْا، فَأَمَرَ بِخَصَفَةِ۷ بَوَارِيَّ۸، ثُمَّ جَلَسَ

1.. «الطَرُوقُ»: فَعُول بمعنى فاعل، وهو الفحل الذي يستحقّ أن ينزو ويضرب الاُنثى. شرح المازندراني، ج۷، ص۲۵۹.

2.. «بين فرس وفرسة» ، أي إنّ الفرس والفرسة ثلاثمائة ، بعضها طَرُوق وبعضها طَرُوقة . أو إنّ ثلاثمائة طروق غير الفرس والفرسة ، وإنّ عددها غير معلوم . وهذا الخلاف ناشئ من إطلاق الطروق على الطارق والمطروقة معا ، ومن تغليب الذكر على الاُنثى . راجع: شرح المازندراني، ج۷، ص۲۵۹.

3.. أي مُعْتَقُهما ؛ لأنّه بهما اُعتق من النار . أو ناصرهما . أو المنتسب إليهما ؛ فإنّ المولى يطلق على الوارد على قبيلة لم يكن منهم . قال المجلسي : «والأوّل أظهر» . راجع : لسان العرب ، ج ۱۵ ، ص ۴۰۸ ـ ۴۰۹ ولى .

4.. «أصدقها» ، أي أعطاها صداقها . أو تزوّجها على صداق وجعل لها صداقا . أو سمّى لها صداقا . راجع : لسان العرب ، ج ۱۰ ، ص ۱۹۷ ؛ المصباح المنير ، ص ۳۳۶ صدق .

5.. أخدمه ، أي أعطاه خادِما . والخادم : واحد الخَدَم ، غلاما كان أو جاريةً . الصحاح ، ج ۵ ، ص ۱۹۰۹ خدم .

6.. «بَوَّأَهُ» ، أي أعطاه باءَةً أي منزلاً . راجع : لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۳۸ بوأ .

7.. «الخَصَفَةُ» : واحدة الخَصَف ، وهي الجلّة ـ أي الزنبيل ـ التي يُكْتَرُ فيها التمر . النهاية، ج۲، ص۳۷ خصف.

8.. «البَواريُّ» : جمع البارِيّة والباريّ ، وهما والبُوريّ والبُورِيَّة والبارياء : الحصير المنسوج . ويقال له : البورياء بالفارسيّة . لسان العرب، ج۴، ص۸۷ بور، و ج۱۴، ص۷۲ (برى).

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 16886
صفحه از 868
پرینت  ارسال به