757
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

عَبْدُ الرَّحْمنِ سَمَّيْتُهُ فِي مَجْلِسِي هذَا».
قَالَ: أَمَا إِنَّهُ كَانَ مُسْلِماً ؟ قَالَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ عليه‏السلام: «نَعَمْ، وَ قُتِلَ شَهِيداً، دَخَلَتْ عَلَيْهِ أَجْنَادٌ، فَقَتَلُوهُ فِي مَنْزِلِهِ غِيلَةً۱، وَ الْأَجْنَادُ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ».
قَالَ: فَمَا كَانَ اسْمِي قَبْلَ كُنْيَتِي ؟ قَالَ: «كَانَ اسْمُكَ عَبْدَ الصَّلِيبِ». قَالَ: فَمَا تُسَمِّينِي ؟ قَالَ: «أُسَمِّيكَ عَبْدَ اللّهِ».
قَالَ: فَإِنِّي آمَنْتُ بِاللّهِ الْعَظِيمِ، وَ شَهِدْتُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، فَرْداً صَمَداً، لَيْسَ كَمَا تَصِفُهُ النَّصَارى، وَ لَيْسَ كَمَا تَصِفُهُ الْيَهُودُ، وَ لاَ جِنْسٌ مِنْ أَجْنَاسِ الشِّرْكِ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالْحَقِّ، فَأَبَانَ بِهِ لِأَهْلِهِ، وَ عَمِيَ الْمُبْطِلُونَ، وَ أَنَّهُ كَانَ رَسُولَ اللّهِ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً: إِلَى الْأَحْمَرِ وَ الْأَسْوَدِ، كُلٌّ فِيهِ مُشْتَرِكٌ، فَأَبْصَرَ مَنْ أَبْصَرَ، وَ اهْتَدى مَنِ اهْتَدى، وَ عَمِيَ الْمُبْطِلُونَ، وَ ضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ وَلِيَّهُ نَطَقَ بِحِكْمَتِهِ، وَ أَنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ نَطَقُوا بِالْحِكْمَةِ الْبَالِغَةِ، وَ تَوَازَرُوا۲ عَلَى الطَّاعَةِ لِلّهِ، وَ فَارَقُوا الْبَاطِلَ وَ أَهْلَهُ وَ الرِّجْسَ وَ أَهْلَهُ، وَ هَجَرُوا سَبِيلَ الضَّلاَلَةِ، وَ نَصَرَهُمُ اللّهُ بِالطَّاعَةِ لَهُ، وَ عَصَمَهُمْ مِنَ الْمَعْصِيَةِ، فَهُمْ لِلّهِ أَوْلِيَاءُ، وَ لِلدِّينِ أَنْصَارٌ، يَحُثُّونَ عَلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِهِ، آمَنْتُ بِالصَّغِيرِ مِنْهُمْ وَ الْكَبِيرِ، وَ مَنْ ذَكَرْتُ مِنْهُمْ وَ مَنْ لَمْ أَذْكُرْ، وَ آمَنْتُ بِاللّهِ ـ تَبَارَكَ وَ تَعَالى ـ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
ثُمَّ قَطَعَ زُنَّارَهُ۳، وَ قَطَعَ صَلِيباً كَانَ فِي عُنُقِهِ مِنْ ذَهَبٍ، ثُمَّ قَالَ: مُرْنِي حَتّى أَضَعَ صَدَقَتِي۴ حَيْثُ تَأْمُرُنِي، فَقَالَ عليه‏السلام: «هَاهُنَا أَخٌ لَكَ كَانَ عَلى مِثْلِ دِينِكَ، وَ هُوَ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِكَ مِنْ قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، وَ هُوَ فِي نِعْمَةٍ كَنِعْمَتِكَ، فَتَوَاسَيَا وَ تَجَاوَرَا، وَ لَسْتُ أَدَعُ

1.. «غِيلَةً»، أي في خُفية واغتيالٍ، وهو أن يُخْدَع ويُقتل في موضع لا يراه فيه أحد . النهاية ، ج۳، ص۴۰۳ غيل.

2.. في مرآة العقول، ج۶، ص۵۳: «وتوازروا، أي تعاونوا بالطاعة، أي بالتوفيق للطاعة، أو نصرهم على الأعادي بسبب الطاعة».

3.. «الزُنّار» و«الزُنّارة» : ما على وسط المجوسيّ والنصرانيّ . وقيل : ما يلبسه الذمّيّ يشدّه على وسطه . لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۳۳۰ زنر .

4.. في مرآة العقول، ج۶، ص۵۴ : «قيل : صدقتي ، بسكون الدال ، أي خلوص حبّي ومواخاتي» .


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
756

وَ أَيُّ يَوْمٍ وَضَعَتْ مَرْيَمُ فِيهِ عِيسى عليه‏السلام ؟ وَ لِكَمْ مِنْ سَاعَةٍ مِنَ النَّهَارِ ؟».
فَقَالَ النَّصْرَانِيُّ: لاَ أَدْرِي.
فَقَالَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ عليه‏السلام: «أَمَّا أُمُّ مَرْيَمَ، فَاسْمُهَا مَرْثَا، وَ هِيَ وَهِيبَةٌ بِالْعَرَبِيَّةِ.
وَ أَمَّا الْيَوْمُ الَّذِي حَمَلَتْ فِيهِ مَرْيَمُ، فَهُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ لِلزَّوَالِ، وَ هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي هَبَطَ فِيهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ، وَ لَيْسَ لِلْمُسْلِمِينَ عِيدٌ كَانَ أَوْلى مِنْهُ، عَظَّمَهُ اللّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالى، وَ عَظَّمَهُ مُحَمَّدٌ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، فَأَمَرَ أَنْ يَجْعَلَهُ عِيداً، فَهُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ.
وَ أَمَّا الْيَوْمُ الَّذِي وَلَدَتْ فِيهِ مَرْيَمُ، فَهُوَ يَوْمُ الثَّلاَثَاءِ لِأَرْبَعِ سَاعَاتٍ وَنِصْفٍ مِنَ النَّهَارِ.
وَ النَّهَرُ الَّذِي وَلَدَتْ عَلَيْهِ مَرْيَمُ عِيسى عليه‏السلام هَلْ تَعْرِفُهُ ؟» قَالَ: لاَ، قَالَ: «هُوَ الْفُرَاتُ، وَ عَلَيْهِ شَجَرُ النَّخْلِ وَ الْكَرْمِ۱، وَ لَيْسَ يُسَاوى بِالْفُرَاتِ شَيْءٌ لِلْكُرُومِ وَ النَّخِيلِ.
فَأَمَّا الْيَوْمُ الَّذِي حَجَبَتْ فِيهِ لِسَانَهَا، وَ نَادى قَيْدُوسُ۲ وُلْدَهُ وَ أَشْيَاعَهُ، فَأَعَانُوهُ وَ أَخْرَجُوا آلَ عِمْرَانَ لِيَنْظُرُوا إِلى مَرْيَمَ، فَقَالُوا لَهَا مَا قَصَّ اللّهُ عَلَيْكَ فِي كِتَابِهِ، وَ عَلَيْنَا فِي كِتَابِهِ، فَهَلْ فَهِمْتَهُ ؟» قَالَ: نَعَمْ، وَ قَرَأْتُهُ الْيَوْمَ الْأَحْدَثَ۳، قَالَ: «إِذَنْ لاَ تَقُومَ مِنْ مَجْلِسِكَ حَتّى يَهْدِيَكَ اللّهُ».
قَالَ النَّصْرَانِيُّ: مَا كَانَ اسْمُ أُمِّي بِالسُّرْيَانِيَّةِ وَ بِالْعَرَبِيَّةِ؟
فَقَالَ: «كَانَ اسْمُ أُمِّكَ بِالسُّرْيَانِيَّةِ عَنْقَالِيَةَ، وَ عُنْقُورَةُ كَانَ اسْمُ جَدَّتِكَ لِأَبِيكَ ؛ وَ أَمَّا اسْمُ أُمِّكَ بِالْعَرَبِيَّةِ، فَهُوَ مَيَّةُ ؛ وَ أَمَّا اسْمُ أَبِيكَ، فَعَبْدُ الْمَسِيحِ، وَ هُوَ عَبْدُ اللّهِ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَ لَيْسَ لِلْمَسِيحِ عَبْدٌ».
قَالَ: صَدَقْتَ وَ بَرِرْتَ، فَمَا كَانَ اسْمُ جَدِّي ؟ قَالَ: «كَانَ اسْمُ جَدِّكَ جَبْرَئِيلَ، وَ هُوَ

1.. «الكروم»: جمع الكَرْم، وهي شجرة العنب. واحدتها: كَرمة. لسان العرب، ج ۱۲ ص ۵۱۴ كرم.

2.. في الوافي : «فيدوس» . قال في المرآة، ج۶، ص۵۱ : «و قيدوس كأنّ اسم جبّار كان ملكا في تلك النواحي من اليهود في ذلك الزمان» .

3.. قال السيّد بدرالدين في حاشيته على الكافي ، ص ۲۷۴ : «الأحدث ، من الحدوث ، تأكيد لليوم ، أي وقرأته في هذا اليوم الذي أنا فيه ، الذي هو أحدث الأيّام وأقربها عهدا».

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 16910
صفحه از 868
پرینت  ارسال به