عَبْدُ الرَّحْمنِ سَمَّيْتُهُ فِي مَجْلِسِي هذَا».
قَالَ: أَمَا إِنَّهُ كَانَ مُسْلِماً ؟ قَالَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ عليهالسلام: «نَعَمْ، وَ قُتِلَ شَهِيداً، دَخَلَتْ عَلَيْهِ أَجْنَادٌ، فَقَتَلُوهُ فِي مَنْزِلِهِ غِيلَةً۱، وَ الْأَجْنَادُ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ».
قَالَ: فَمَا كَانَ اسْمِي قَبْلَ كُنْيَتِي ؟ قَالَ: «كَانَ اسْمُكَ عَبْدَ الصَّلِيبِ». قَالَ: فَمَا تُسَمِّينِي ؟ قَالَ: «أُسَمِّيكَ عَبْدَ اللّهِ».
قَالَ: فَإِنِّي آمَنْتُ بِاللّهِ الْعَظِيمِ، وَ شَهِدْتُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، فَرْداً صَمَداً، لَيْسَ كَمَا تَصِفُهُ النَّصَارى، وَ لَيْسَ كَمَا تَصِفُهُ الْيَهُودُ، وَ لاَ جِنْسٌ مِنْ أَجْنَاسِ الشِّرْكِ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالْحَقِّ، فَأَبَانَ بِهِ لِأَهْلِهِ، وَ عَمِيَ الْمُبْطِلُونَ، وَ أَنَّهُ كَانَ رَسُولَ اللّهِ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً: إِلَى الْأَحْمَرِ وَ الْأَسْوَدِ، كُلٌّ فِيهِ مُشْتَرِكٌ، فَأَبْصَرَ مَنْ أَبْصَرَ، وَ اهْتَدى مَنِ اهْتَدى، وَ عَمِيَ الْمُبْطِلُونَ، وَ ضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ وَلِيَّهُ نَطَقَ بِحِكْمَتِهِ، وَ أَنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ نَطَقُوا بِالْحِكْمَةِ الْبَالِغَةِ، وَ تَوَازَرُوا۲ عَلَى الطَّاعَةِ لِلّهِ، وَ فَارَقُوا الْبَاطِلَ وَ أَهْلَهُ وَ الرِّجْسَ وَ أَهْلَهُ، وَ هَجَرُوا سَبِيلَ الضَّلاَلَةِ، وَ نَصَرَهُمُ اللّهُ بِالطَّاعَةِ لَهُ، وَ عَصَمَهُمْ مِنَ الْمَعْصِيَةِ، فَهُمْ لِلّهِ أَوْلِيَاءُ، وَ لِلدِّينِ أَنْصَارٌ، يَحُثُّونَ عَلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِهِ، آمَنْتُ بِالصَّغِيرِ مِنْهُمْ وَ الْكَبِيرِ، وَ مَنْ ذَكَرْتُ مِنْهُمْ وَ مَنْ لَمْ أَذْكُرْ، وَ آمَنْتُ بِاللّهِ ـ تَبَارَكَ وَ تَعَالى ـ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
ثُمَّ قَطَعَ زُنَّارَهُ۳، وَ قَطَعَ صَلِيباً كَانَ فِي عُنُقِهِ مِنْ ذَهَبٍ، ثُمَّ قَالَ: مُرْنِي حَتّى أَضَعَ صَدَقَتِي۴ حَيْثُ تَأْمُرُنِي، فَقَالَ عليهالسلام: «هَاهُنَا أَخٌ لَكَ كَانَ عَلى مِثْلِ دِينِكَ، وَ هُوَ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِكَ مِنْ قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، وَ هُوَ فِي نِعْمَةٍ كَنِعْمَتِكَ، فَتَوَاسَيَا وَ تَجَاوَرَا، وَ لَسْتُ أَدَعُ
1.. «غِيلَةً»، أي في خُفية واغتيالٍ، وهو أن يُخْدَع ويُقتل في موضع لا يراه فيه أحد . النهاية ، ج۳، ص۴۰۳ غيل.
2.. في مرآة العقول، ج۶، ص۵۳: «وتوازروا، أي تعاونوا بالطاعة، أي بالتوفيق للطاعة، أو نصرهم على الأعادي بسبب الطاعة».
3.. «الزُنّار» و«الزُنّارة» : ما على وسط المجوسيّ والنصرانيّ . وقيل : ما يلبسه الذمّيّ يشدّه على وسطه . لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۳۳۰ زنر .
4.. في مرآة العقول، ج۶، ص۵۴ : «قيل : صدقتي ، بسكون الدال ، أي خلوص حبّي ومواخاتي» .