755
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

«نَعَمْ، مَا جِئْتَ إِلاَّ لَهُ».
فَقَالَ لَهُ النَّصْرَانِيُّ: ارْدُدْ عَلى صَاحِبِي السَّلاَمَ، أَ وَ۱ مَا تَرُدُّ السَّلاَمَ ؟ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ عليه‏السلام: «عَلى صَاحِبِكَ أَنْ هَدَاهُ اللّهُ، فَأَمَّا التَّسْلِيمُ فَذَاكَ إِذَا صَارَ فِي دِينِنَا».
فَقَالَ النَّصْرَانِيُّ: إِنِّي أَسْأَلُكَ أَصْلَحَكَ اللّهُ ؟ قَالَ: «سَلْ». قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ كِتَابِ اللّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى مُحَمَّدٍ وَنَطَقَ بِهِ؛ ثُمَّ وَصَفَهُ بِمَا وَصَفَهُ بِهِ، فَقَالَ: «حم وَ الْكِتابِ الْمُبِينِ إِنّا أَنْزَلْناهُ فِى لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنّا كُنّا مُنْذِرِينَ فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ»۲ مَا تَفْسِيرُهَا فِي الْبَاطِنِ؟
فَقَالَ: «أَمَّا «حم» فَهُوَ مُحَمَّدٌ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وَ هُوَ فِي كِتَابِ هُودٍ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ وَ هُوَ مَنْقُوصُ الْحُرُوفِ. وَ أَمَّا «الْكِتابِ الْمُبِينِ» فَهُوَ أَمِيرُ الْمُؤمِنِينَ عَلِيٌّ عليه‏السلام. وَ أَمَّا اللَّيْلَةُ، فَفَاطِمَةُ صَلَوَاتُ اللّه عَلَيْهَا. وَ أَمَّا قَوْلُهُ: «فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ» يَقُولُ: يَخْرُجُ مِنْهَا خَيْرٌ كَثِيرٌ، فَرَجُلٌ حَكِيمٌ، وَ رَجُلٌ حَكِيمٌ، وَ رَجُلٌ حَكِيمٌ».
فَقَالَ الرَّجُلُ: صِفْ لِيَ الْأَوَّلَ وَ الاْخِرَ مِنْ هؤلاَءِ الرِّجَالِ، فَقَالَ: «إِنَّ الصِّفَاتِ تَشْتَبِهُ، وَ لكِنَّ الثَّالِثَ مِنَ الْقَوْمِ أَصِفُ لَكَ مَا يَخْرُجُ مِنْ نَسْلِهِ، وَ إِنَّهُ عِنْدَكُمْ لَفِي الْكُتُبِ الَّتِي نَزَلَتْ عَلَيْكُمْ إِنْ لَمْ تُغَيِّرُوا وَ تُحَرِّفُوا وَ تُكَفِّرُوا وَ قَدِيماً مَا فَعَلْتُمْ».
قَالَ لَهُ النَّصْرَانِيُّ: إِنِّي لاَ أَسْتُرُ عَنْكَ مَا عَلِمْتُ، وَ لاَ أُكَذِّبُكَ، وَ أَنْتَ تَعْلَمُ مَا أَقُولُ فِي صِدْقِ مَا أَقُولُ وَ كَذِبِهِ، وَ اللّهِ لَقَدْ أَعْطَاكَ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ، وَ قَسَمَ عَلَيْكَ مِنْ نِعَمِهِ مَا لاَ يَخْطُرُهُ الْخَاطِرُونَ، وَ لاَ يَسْتُرُهُ السَّاتِرُونَ، وَ لاَ يُكَذِّبُ فِيهِ مَنْ كَذَّبَ، فَقَوْلِي لَكَ فِي ذلِكَ الْحَقُّ، كُلُّ مَا ذَكَرْتُ فَهُوَ كَمَا ذَكَرْتُ.
فَقَالَ لَهُ أَبُو إِبْرَاهِيمَ عليه‏السلام: «أُعَجِّلُكَ أَيْضاً خَبَراً لاَ يَعْرِفُهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِمَّنْ قَرَأَ الْكُتُبَ، أَخْبِرْنِي مَا اسْمُ أُمِّ مَرْيَمَ ؟ وَ أَيُّ يَوْمٍ نُفِخَتْ فِيهِ مَرْيَمُ ؟ وَ لِكَمْ مِنْ سَاعَةٍ مِنَ النَّهَارِ ؟

1.. يجوز فيه فتح الواو وسكونها ، والنسخ أيضا مختلفة . والترديد من الراوي . ويحتمل الجمع على أن يكون الهمزة للاستفهام الإنكاري ، والواو للعطف . قال المجلسي : «وكأنّه أظهر» . راجع : شرح المازندراني ، ج ۷ ، ص ۲۵۲ ؛ مرآة العقول ، ج ۶ ، ص ۴۷ .

2.. الدخان ۴۴ : ۱ ـ ۴ .


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
754

بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ وَ هُوَ عِنْدَ بَابِ مَسْجِدِهَا، وَ أَظْهِرْ بِزَّةَ۱ النَّصْرَانِيَّةِ وَ حِلْيَتَهَا۲ ؛ فَإِنَّ وَالِيَهَا يَتَشَدَّدُ عَلَيْهِمْ، وَ الْخَلِيفَةُ أَشَدُّ، ثُمَّ تَسْأَلُ عَنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ مَبْذُولٍ وَ هُوَ بِبَقِيعِ۳ الزُّبَيْرِ، ثُمَّ تَسْأَلُ عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، وَ أَيْنَ مَنْزِلُهُ ؟ وَ أَيْنَ هُوَ ؟ مُسَافِرٌ أَمْ حَاضِرٌ ؟ فَإِنْ كَانَ مُسَافِراً فَالْحَقْهُ ؛ فَإِنَّ سَفَرَهُ أَقْرَبُ مِمَّا ضَرَبْتَ۴ إِلَيْهِ.
ثُمَّ أَعْلِمْهُ أَنَّ مَطْرَانَ۵ عُلْيَا الْغُوطَةِ۶ ـ غُوطَةِ دِمَشْقَ ـ هُوَ الَّذِي أَرْشَدَنِي إِلَيْكَ، وَ هُوَ يُقْرِئُكَ السَّلاَمَ كَثِيراً، وَيَقُولُ لَكَ: إِنِّي لَأُكْثِرُ مُنَاجَاةَ رَبِّي أَنْ يَجْعَلَ إِسْلاَمِي عَلى يَدَيْكَ.
فَقَصَّ هذِهِ الْقِصَّةَ وَ هُوَ قَائِمٌ مُعْتَمِدٌ عَلى عَصَاهُ، ثُمَّ قَالَ: إِنْ أَذِنْتَ لِي يَا سَيِّدِي كَفَّرْتُ۷ لَكَ وَ جَلَسْتُ.
فَقَالَ: «آذَنُ لَكَ أَنْ تَجْلِسَ، وَ لاَ آذَنُ لَكَ أَنْ تُكَفِّرَ».
فَجَلَسَ، ثُمَّ أَلْقى عَنْهُ بُرْنُسَهُ۸، ثُمَّ قَالَ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، تَأْذَنُ لِي فِي الْكَلاَمِ ؟ قَالَ:

1.. «البزّة» : الهيئة والشارة واللِبْسَة . لسان العرب ، ج ۵ ، ص ۳۱۲ بزز .

2.. «الحِلْيَة» : كالحَلْي ، وهو اسم لكلّ ما يتزيّن به من مصانع الذهب والفضّة . وتطلق الحلية على الصفة أيضا ، وهو المراد هنا كما في المرآة، ج۶، ص۴۶ . راجع : النهاية ، ج ۱ ، ص ۴۳۵ ؛ لسان العرب ، ج ۱۴ ، ص ۱۹۵ حلا.

3.. و«البَقِيعُ» : الموضع فيه اُرُوم الشجر ، أي اُصولها من ضروب شتّى . يقال لعدّة مواضع بالمدينة تتميّز بالإضافة . منها : بقيع الزبير ؛ لإقطاع رسول اللّه‏ إيّاه زبير بن العوّام . راجع : القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۹۴۷ بقع ؛ الوافي ، ج ۳ ، ص ۸۰۴ ؛ مرآة العقول ، ج ۵ ، ص ۲۶۶ ، وج ۶ ، ص ۴۶ .

4.. «ضربت» ، أي سافرت . يقال : ضَرَبْتُ في الأرض ، إذا سافرتَ تبتغي الرزق . راجع : لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۵۴۵ ضرب .

5.. «مَطْران» و«مِطْران»: لقب كبير النصارى، وليس بعربيّ محض. راجع: القاموس المحيط، ج ۱، ص ۶۶۲ مطر.

6.. «الغُوطَةُ» : اسم البساتين والمياه التي حول دمشق ، وهي غوطتها . والغُوطة : مجتمع الماء والنبات . ومدينة دمشق تسمّى غوطة أيضا لذلك . راجع : النهاية ، ج ۳ ، ص ۳۹۶ ؛ لسان العرب ، ج ۷ ، ص ۳۶ غوط .

7.. التكفير : هو أن يضع الإنسان يده على صدره ويتطامَن لصاحبه . أو ينحني ويُطَأْطِئُ رأسه قريبا من الركوع ، كما يفعل من يريد تعظيم صاحبه . راجع : الصحاح ، ج ۲ ، ص ۸۰۸ ؛ النهاية ، ج ۴ ، ص ۱۸۸ كفر .

8.. قال الجوهري : «البُرْنُسُ : قلنسوة طويلة ، وكان النُسّاك يلبسونها في صدر الإسلام» . وقال ابن الأثير : «هو كلّ ثوب رأسه ملتزق به من دُرّاعة أو جُبّة أو مِمْطَر أو غيره» . راجع : الصحاح ، ج ۳ ، ص ۹۰۸ ؛ النهاية ، ج ۳ ، ص ۱۲۲ برنس .

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 16950
صفحه از 868
پرینت  ارسال به