753
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

فِي النَّوْمِ، فَوَصَفَ لِي رَجُلاً بِعُلْيَا دِمَشْقَ، فَانْطَلَقْتُ حَتّى أَتَيْتُهُ، فَكَلَّمْتُهُ، فَقَالَ: أَنَا أَعْلَمُ أَهْلِ دِينِي، وَ غَيْرِي أَعْلَمُ مِنِّي، فَقُلْتُ: أَرْشِدْنِي إِلى مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ ؛ فَإِنِّي لاَ أَسْتَعْظِمُ السَّفَرَ، وَ لاَ تَبْعُدُ عَلَيَّ الشُّقَّةُ۱، وَ لَقَدْ قَرَأْتُ الاْءِنْجِيلَ كُلَّهَا وَ مَزَامِيرَ دَاوُدَ، وَ قَرَأْتُ أَرْبَعَةَ أَسْفَارٍ مِنَ التَّوْرَاةِ، وَ قَرَأْتُ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ حَتَّى اسْتَوْعَبْتُهُ كُلَّهُ، فَقَالَ لِيَ الْعَالِمُ: إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ عِلْمَ النَّصْرَانِيَّةِ، فَأَنَا أَعْلَمُ الْعَرَبِ وَ الْعَجَمِ بِهَا، وَ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ عِلْمَ الْيَهُودِ، فَبَاطِي بْنُ شُرَحْبِيلَ السَّامِرِيُّ۲ أَعْلَمُ النَّاسِ بِهَا الْيَوْمَ، وَ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ عِلْمَ الاْءِسْلاَمِ وَ عِلْمَ التَّوْرَاةِ وَ عِلْمَ الاْءِنْجِيلِ وَ الزَّبُورِ وَ كِتَابَ هُودٍ، وَ كُلَّ مَا أُنْزِلَ عَلى نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فِي دَهْرِكَ وَ دَهْرِ غَيْرِكَ، وَ مَا أُنْزِلَ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ خَبَرٍ ـ فَعَلِمَهُ أَحَدٌ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَحَدٌ ـ فِيهِ تِبْيَانُ كُلِّ شَيْءٍ، وَ شِفَاءٌ لِلْعَالَمِينَ، وَ رَوْحٌ لِمَنِ اسْتَرْوَحَ إِلَيْهِ، وَ بَصِيرَةٌ لِمَنْ أَرَادَ اللّهُ بِهِ خَيْراً، وَأَنِسَ۳ إِلَى الْحَقِّ فَأُرْشِدُكَ إِلَيْهِ، فَأْتِهِ وَلَوْ مَشْياً عَلى رِجْلَيْكَ، فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ فَحَبْواً۴ عَلى رُكْبَتَيْكَ، فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ فَزَحْفاً عَلَى اسْتِكَ۵، فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ فَعَلى وَجْهِكَ.
فَقُلْتُ: لاَ، بَلْ أَنَا أَقْدِرُ عَلَى الْمَسِيرِ فِي الْبَدَنِ وَ الْمَالِ، قَالَ: فَانْطَلِقْ مِنْ فَوْرِكَ حَتّى تَأْتِيَ يَثْرِبَ، فَقُلْتُ: لاَ أَعْرِفُ يَثْرِبَ، قَالَ: فَانْطَلِقْ حَتّى تَأْتِيَ مَدِينَةَ النَّبِيِّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ـ الَّذِي بُعِثَ فِي الْعَرَبِ وَ هُوَ النَّبِيُّ الْعَرَبِيُّ الْهَاشِمِيُّ ـ فَإِذَا دَخَلْتَهَا، فَسَلْ عَنْ بَنِي غَنْمِ

1.. «الشُقَّةُ» و«الشِقَّةُ» : الناحيةُ التي تلحقك المشقّة في الوصول إليها . والطريقُ يشقّ على سالكه قطعه ، أي يشتدّ عليه . والمسافةُ البعيدة . والسفرُ البعيد والطويل . راجع : المفردات للراغب ، ص ۴۵۹ ؛ المغرب ، ص ۲۵۵ ؛ لسان العرب ، ج ۱۰ ، ص ۱۸۴ شقق .

2.. «السامريّ» : نسبة إلى السامرة ، وهي بلدة بين الحرمين ، أو فرقة من اليهود تخالفهم في أكثر الأحكام . وقيل : نسبة إلى قبيلة من بني إسرائيل يقال لها : سامر . راجع : المصباح المنير ، ص ۲۸۸ ؛ القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۵۷۷ سمر .

3.. في مرآة العقول، ج۶، ص۴۵ : «أنس ، كنصر وعلم وحسن ، وتعديته ب «إلى» بتضمين معنى الركون» .

4.. «الحَبْو» : أن يمشي على يديه ورُكبتيه ، أو على يديه وبطنه ، أو على استه . راجع : النهاية ، ج ۱ ، ص ۳۳۶ ؛ لسان العرب ، ج ۱۴ ، ص ۱۶۱ حبا .

5.. «فزحفا على استك» ، أي مَشْيا عليها ، تشبيها بزحف الصبيّ ، وهو أن يزحف على استه قبل أن يقوم ، وإذا فعل ذلك على بطنه قيل : قد حبا . راجع : لسان العرب ، ج ۹ ، ص ۱۲۹ زحف .


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
752

أُحَدِّثُهُ، فَرَآنِي مَغْمُوماً، فَقَالَ لِي: «يَا أَبَا خَالِدٍ، مَا لِي أَرَاكَ مَغْمُوماً ؟» فَقُلْتُ: وَ كَيْفَ لاَ أَغْتَمُّ وَ أَنْتَ تُحْمَلُ إِلى هذِهِ الطَّاغِيَةِ، وَ لاَ أَدْرِي مَا يُحْدِثُ فِيكَ ؟!
فَقَالَ: «لَيْسَ عَلَيَّ بَأْسٌ، إِذَا كَانَ شَهْرُ كَذَا وَ كَذَا وَ يَوْمُ كَذَا، فَوَافِنِي فِي أَوَّلِ الْمِيلِ».
فَمَا كَانَ لِي هَمٌّ إِلاَّ إِحْصَاءَ الشُّهُورِ وَ الْأَيَّامِ حَتّى كَانَ ذلِكَ الْيَوْمُ، فَوَافَيْتُ الْمِيلَ، فَمَا زِلْتُ عِنْدَهُ حَتّى كَادَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَغِيبَ، وَ وَسْوَسَ الشَّيْطَانُ فِي صَدْرِي، وَ تَخَوَّفْتُ أَنْ أَشُكَّ فِيمَا قَالَ، فَبَيْنَا أَنَا كَذلِكَ إِذْ نَظَرْتُ إِلى سَوَادٍ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ نَاحِيَةِ
الْعِرَاقِ، فَاسْتَقْبَلْتُهُمْ، فَإِذَا أَبُوالْحَسَنِ عليه‏السلام أَمَامَ الْقِطَارِ۱ عَلى بَغْلَةٍ، فَقَالَ: «إِيهٍ۲ يَا أَبَا خَالِدٍ». قُلْتُ: لَبَّيْكَ، يَا ابْنَ رَسُولِ اللّهِ، فَقَالَ: «لاَ تَشُكَّنَّ، وَدَّ الشَّيْطَانُ أَنَّكَ شَكَكْتَ». فَقُلْتُ: الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَّصَكَ مِنْهُمْ، فَقَالَ: «إِنَّ لِي إِلَيْهِمْ عَوْدَةً لاَ أَتَخَلَّصُ مِنْهُمْ».

۱۲۹۲.۴. أَحْمَدُ بْنُ مِهْرَانَ وَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ جَمِيعاً، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ مُوسى عليه‏السلام إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ نَصْرَانِيٌّ ـ وَ نَحْنُ مَعَهُ بِالْعُرَيْضِ۳ ـ فَقَالَ لَهُ النَّصْرَانِيُّ: إِنِّي أَتَيْتُكَ مِنْ بَلَدٍ بَعِيدٍ، وَ سَفَرٍ شَاقٍّ، وَ سَأَلْتُ رَبِّي مُنْذُ ثَلاَثِينَ سَنَةً أَنْ يُرْشِدَنِي إِلى خَيْرِ الْأَدْيَانِ، وَ إِلى خَيْرِ الْعِبَادِ وَ أَعْلَمِهِمْ، وَ أَتَانِي آتٍ

1.. قال ابن الأثير : «القِطارَةُ والقِطار : أن تُشَدَّ الإبلُ على نَسَقٍ واحدا خلف واحد» . النهاية ، ج ۴ ، ص ۸۰ قطر .

2.. في الوافي : «إيهن» . وقال ابن الأثير : «إيه ، هذه كلمة يراد بها الاستزادة ، وهي مبنيّة على الكسر ، فإذا وصلت نوّنت فقلت : إيهٍ حدّثْنا ، وإذا قلت : إيها بالنصب فإنّما تأمره بالسكوت ... وقد ترد المنصوبة بمعنى التصديق والرضى بالشيء» . النهاية، ج۱، ص۸۷ ايه.

3.. «العُرَيض» : واد بالمدينة . النهاية ، ج ۳ ، ص ۲۱۴ عرض .

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 16989
صفحه از 868
پرینت  ارسال به