أُحَدِّثُهُ، فَرَآنِي مَغْمُوماً، فَقَالَ لِي: «يَا أَبَا خَالِدٍ، مَا لِي أَرَاكَ مَغْمُوماً ؟» فَقُلْتُ: وَ كَيْفَ لاَ أَغْتَمُّ وَ أَنْتَ تُحْمَلُ إِلى هذِهِ الطَّاغِيَةِ، وَ لاَ أَدْرِي مَا يُحْدِثُ فِيكَ ؟!
فَقَالَ: «لَيْسَ عَلَيَّ بَأْسٌ، إِذَا كَانَ شَهْرُ كَذَا وَ كَذَا وَ يَوْمُ كَذَا، فَوَافِنِي فِي أَوَّلِ الْمِيلِ».
فَمَا كَانَ لِي هَمٌّ إِلاَّ إِحْصَاءَ الشُّهُورِ وَ الْأَيَّامِ حَتّى كَانَ ذلِكَ الْيَوْمُ، فَوَافَيْتُ الْمِيلَ، فَمَا زِلْتُ عِنْدَهُ حَتّى كَادَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَغِيبَ، وَ وَسْوَسَ الشَّيْطَانُ فِي صَدْرِي، وَ تَخَوَّفْتُ أَنْ أَشُكَّ فِيمَا قَالَ، فَبَيْنَا أَنَا كَذلِكَ إِذْ نَظَرْتُ إِلى سَوَادٍ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ نَاحِيَةِ
الْعِرَاقِ، فَاسْتَقْبَلْتُهُمْ، فَإِذَا أَبُوالْحَسَنِ عليهالسلام أَمَامَ الْقِطَارِ۱ عَلى بَغْلَةٍ، فَقَالَ: «إِيهٍ۲ يَا أَبَا خَالِدٍ». قُلْتُ: لَبَّيْكَ، يَا ابْنَ رَسُولِ اللّهِ، فَقَالَ: «لاَ تَشُكَّنَّ، وَدَّ الشَّيْطَانُ أَنَّكَ شَكَكْتَ». فَقُلْتُ: الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَّصَكَ مِنْهُمْ، فَقَالَ: «إِنَّ لِي إِلَيْهِمْ عَوْدَةً لاَ أَتَخَلَّصُ مِنْهُمْ».
۱۲۹۲.۴. أَحْمَدُ بْنُ مِهْرَانَ وَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ جَمِيعاً، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ مُوسى عليهالسلام إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ نَصْرَانِيٌّ ـ وَ نَحْنُ مَعَهُ بِالْعُرَيْضِ۳ ـ فَقَالَ لَهُ النَّصْرَانِيُّ: إِنِّي أَتَيْتُكَ مِنْ بَلَدٍ بَعِيدٍ، وَ سَفَرٍ شَاقٍّ، وَ سَأَلْتُ رَبِّي مُنْذُ ثَلاَثِينَ سَنَةً أَنْ يُرْشِدَنِي إِلى خَيْرِ الْأَدْيَانِ، وَ إِلى خَيْرِ الْعِبَادِ وَ أَعْلَمِهِمْ، وَ أَتَانِي آتٍ
1.. قال ابن الأثير : «القِطارَةُ والقِطار : أن تُشَدَّ الإبلُ على نَسَقٍ واحدا خلف واحد» . النهاية ، ج ۴ ، ص ۸۰ قطر .
2.. في الوافي : «إيهن» . وقال ابن الأثير : «إيه ، هذه كلمة يراد بها الاستزادة ، وهي مبنيّة على الكسر ، فإذا وصلت نوّنت فقلت : إيهٍ حدّثْنا ، وإذا قلت : إيها بالنصب فإنّما تأمره بالسكوت ... وقد ترد المنصوبة بمعنى التصديق والرضى بالشيء» . النهاية، ج۱، ص۸۷ ايه.
3.. «العُرَيض» : واد بالمدينة . النهاية ، ج ۳ ، ص ۲۱۴ عرض .