ذَكَرْتُ لَهُ حَالَهُ، فَقَالَ لِي: «إِذَا رَجَعْتَ إِلَى الْكُوفَةِ سَيَأْتِيكَ، فَقُلْ لَهُ: يَقُولُ لَكَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: دَعْ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ، وَ أَضْمَنُ لَكَ عَلَى اللّهِ الْجَنَّةَ».
فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى الْكُوفَةِ، أَتَانِي فِيمَنْ أَتى، فَاحْتَبَسْتُهُ عِنْدِي حَتّى خَلاَ مَنْزِلِي، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: يَا هذَا، إِنِّي ذَكَرْتُكَ لِأَبِي عَبْدِ اللّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ عليهماالسلام، فَقَالَ لِي: «إِذَا رَجَعْتَ إِلَى الْكُوفَةِ سَيَأْتِيكَ، فَقُلْ لَهُ: يَقُولُ لَكَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: دَعْ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ، وَ أَضْمَنُ لَكَ عَلَى اللّهِ الْجَنَّةَ».
قَالَ: فَبَكى، ثُمَّ قَالَ لِيَ: اللّهِ، لَقَدْ قَالَ لَكَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ هذَا ؟! قَالَ: فَحَلَفْتُ لَهُ أَنَّهُ قَدْ قَالَ لِي مَا قُلْتُ، فَقَالَ لِي: حَسْبُكَ، وَ مَضى، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أَيَّامٍ بَعَثَ إِلَيَّ، فَدَعَانِي وَ إِذَا هُوَ خَلْفَ دَارِهِ عُرْيَانٌ، فَقَالَ لِي: يَا أَبَا بَصِيرٍ، لاَ وَ اللّهِ، مَا بَقِيَ فِي مَنْزِلِي شَيْءٌ إِلاَّ وَ قَدْ أَخْرَجْتُهُ، وَ أَنَا كَمَا تَرى.
قَالَ: فَمَضَيْتُ إِلى إِخْوَانِنَا، فَجَمَعْتُ لَهُ مَا كَسَوْتُهُ بِهِ، ثُمَّ لَمْ تَأْتِ عَلَيْهِ أَيَّامٌ يَسِيرَةٌ حَتّى بَعَثَ إِلَيَّ: أَنِّي عَلِيلٌ فَأْتِنِي، فَجَعَلْتُ أَخْتَلِفُ إِلَيْهِ وَ أُعَالِجُهُ حَتّى نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ، فَكُنْتُ عِنْدَهُ جَالِساً وَ هُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ، فَغُشِيَ عَلَيْهِ غَشْيَةً، ثُمَّ أَفَاقَ، فَقَالَ لِي: يَا أَبَا بَصِيرٍ، قَدْ وَفى صَاحِبُكَ لَنَا، ثُمَّ قُبِضَ رَحْمَةُ اللّهِ عَلَيْهِ.
فَلَمَّا حَجَجْتُ أَتَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليهالسلام، فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا دَخَلْتُ قَالَ لِيَ ابْتِدَاءً
مِنْ دَاخِلِ الْبَيْتِ ـ وَ إِحْدى رِجْلَيَّ فِي الصَّحْنِ، وَ الْأُخْرى فِي دِهْلِيزِ دَارِهِ ـ:«يَا أَبَا بَصِيرٍ، قَدْ وَفَيْنَا لِصَاحِبِكَ».
۱۲۸۶.۶. أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ، قَالَ:
قَالَ لِي: أَ تَدْرِي مَا كَانَ سَبَبُ دُخُولِنَا فِي هذَا الْأَمْرِ وَ مَعْرِفَتِنَا بِهِ، وَ مَا كَانَ عِنْدَنَا مِنْهُ ذِكْرٌ وَ لاَ مَعْرِفَةُ شَيْءٍ مِمَّا عِنْدَ النَّاسِ ؟