717
الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل

الضَّعِيفُ الذَّلِيلُ عِنْدَكَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ حَتّى تَأْخُذَ لَهُ بِحَقِّهِ، وَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ عِنْدَكَ ضَعِيفٌ ذَلِيلٌ حَتّى تَأْخُذَ مِنْهُ الْحَقَّ، وَ الْقَرِيبُ وَ الْبَعِيدُ عِنْدَكَ فِي ذلِكَ سَوَاءٌ، شَأْنُكَ الْحَقُّ وَ الصِّدْقُ وَ الرِّفْقُ، وَ قَوْلُكَ حُكْمٌ وَ حَتْمٌ، وَ أَمْرُكَ حِلْمٌ وَ حَزْمٌ، وَ رَأْيُكَ عِلْمٌ وَ عَزْمٌ
فِيمَا فَعَلْتَ، وَ قَدْ نَهَجَ السَّبِيلُ، وَ سَهُلَ الْعَسِيرُ، وَ أُطْفِئَتِ النِّيرَانُ، وَ اعْتَدَلَ بِكَ الدِّينُ، وَقَوِيَ بِكَ الاْءِسْلاَمُ، فَظَهَرَ أَمْرُ اللّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، وَ ثَبَتَ بِكَ الاْءِسْلاَمُ وَ الْمُؤمِنُونَ، وَ سَبَقْتَ سَبْقاً بَعِيداً، وَ أَتْعَبْتَ مَنْ بَعْدَكَ تَعَباً شَدِيداً، فَجَلَلْتَ عَنِ الْبُكَاءِ۱، وَ عَظُمَتْ رَزِيَّتُكَ فِي السَّمَاءِ، وَ هَدَّتْ۲ مُصِيبَتُكَ الْأَنَامَ ؛ فَإِنَّا لِلّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، رَضِينَا عَنِ اللّهِ قَضَاهُ، وَ سَلَّمْنَا لِلّهِ أَمْرَهُ، فَوَ اللّهِ لَنْ يُصَابَ الْمُسْلِمُونَ بِمِثْلِكَ أَبَداً.
كُنْتَ لِلْمُؤمِنِينَ كَهْفاً وَ حِصْناً وَ قُنَّةً۳ رَاسِياً، وَ عَلَى الْكَافِرِينَ غِلْظَةً وَ غَيْظاً، فَأَلْحَقَكَ اللّهُ بِنَبِيِّهِ، وَ لاَ أَحْرَمَنَا أَجْرَكَ، وَ لاَ أَضَلَّنَا بَعْدَكَ.
وَ سَكَتَ الْقَوْمُ حَتّى انْقَضى كَلاَمُهُ، وَ بَكى، وَ بَكى أَصْحَابُ رَسُولِ اللّهِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، ثُمَّ طَلَبُوهُ، فَلَمْ يُصَادِفُوهُ.

۱۲۳۷.۵. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ، قَالَ:
كُنْتُ أَنَا وَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ جُذَاعَةَ الْأَزْدِيُّ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه‏السلام، قَالَ: فَقَالَ لَهُ عَامِرٌ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنَّ النَّاسَ يَزْعُمُونَ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤمِنِينَ عليه‏السلام دُفِنَ بِالرَّحْبَةِ۴ ؟ قَالَ: «لاَ».

1.. في الوافي، ج۳، ص۷۴۴: «جلالته عن البكاء كناية عن عظم قدره، يعني أنت أجلّ من أن يبكى عليك على قدر عزائك» .

2.. يقال: هدّ البناءَ يَهُدّه هَدّا، أي كسره وضعضعه. وهَدَّتْه المصيبة، أي أوهنتْ رُكنَه. الصحاح، ج ۲، ص ۵۵۵ هدد.

3.. «القُنّة» : الجبل الصغير ، أو الجبل السهل المستوي المنبسط على الأرض ، أو الجبل المنفرد المستطيل إلى السماء . ولا تكون القُنّة إلاّ سوداء . وقُنّة كلّ شيء أعلاه ، مثل القُلّة . لسان العرب ، ج ۱۳ ، ص ۳۴۸ قنن .

4.. رَحْبَةُ المكان ورَحَبَتُهُ : ساحَتُهُ ومُتَّسعه . والرَحبة هذه : محلّة بالكوفة . قال في المرآة ، ج ۵ ، ص ۳۰۵ : «وكأنّ المراد هنا ميدان الكوفة أو ساحة مسجدها» . راجع : القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۱۶۷ رحب .


الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
716

فَشِلُوا، كُنْتَ لِلْمُؤمِنِينَ أَباً رَحِيماً إِذْ صَارُوا عَلَيْكَ عِيَالاً، فَحَمَلْتَ أَثْقَالَ مَا عَنْهُ ضَعُفُوا، وَ حَفِظْتَ مَا أَضَاعُوا، وَ رَعَيْتَ مَا أَهْمَلُوا، وَ شَمَّرْتَ۱ إِذَا اجْتَمَعُوا، وَ عَلَوْتَ إِذْ هَلِعُوا۲، وَ صَبَرْتَ إِذْ أَسْرَعُوا، وَ أَدْرَكْتَ أَوْتَارَ۳ مَا طَلَبُوا، وَ نَالُوا بِكَ مَا لَمْ يَحْتَسِبُوا، كُنْتَ عَلَى الْكَافِرِينَ عَذَاباً صَبّاً۴ وَ نَهْباً، وَ لِلْمُؤمِنِينَ عَمَداً وَ حِصْناً، فَطِرْتَ۵ ـ وَ اللّهِ ـ بِنَعْمَائِهَا، وَ فُزْتَ بِحِبَائِهَا۶، وَ أَحْرَزْتَ سَوَابِغَهَا، وَ ذَهَبْتَ بِفَضَائِلِهَا، لَمْ تُفْلَلْ حُجَّتُكَ، وَ لَمْ يَزِغْ قَلْبُكَ، وَ لَمْ تَضْعُفْ بَصِيرَتُكَ، وَ لَمْ تَجْبُنْ نَفْسُكَ وَ لَمْ تَخِرَّ، كُنْتَ كَالْجَبَلِ لاَ تُحَرِّكُهُ الْعَوَاصِفُ، وَ كُنْتَ ـ كَمَا قَالَ عليه‏السلام ـ آمَنَ النَّاسِ فِي صُحْبَتِكَ وَ ذَاتِ يَدِكَ، وَ كُنْتَ ـ كَمَا قَالَ ـ ضَعِيفاً فِي بَدَنِكَ، قَوِيّاً فِي أَمْرِ اللّهِ، مُتَوَاضِعاً فِي نَفْسِكَ، عَظِيماً عِنْدَ اللّهِ، كَبِيراً فِي الْأَرْضِ، جَلِيلاً عِنْدَ الْمُؤمِنِينَ، لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ فِيكَ مَهْمَزٌ۷، وَ لاَ لِقَائِلٍ فِيكَ مَغْمَزٌ۸، وَ لاَ لِأَحَدٍ فِيكَ مَطْمَعٌ، وَ لاَ لِأَحَدٍ عِنْدَكَ هَوَادَةٌ۹.

1.. «شمّرت» ، أي اجتهدت وهممت ؛ من التشمير بمعنى الهمّ ، وهو الجدّ في الأمر والاجتهاد . راجع : النهاية ، ج ۲ ، ص ۵۰۰ شمر .

2.. «الهلعُ»: الحرص. وقيل: الجزع وقلّة الصبر. وقيل: هو أسوأ الجزع وأفحشه. لسان العرب، ج ۸ ، ص ۳۷۴ هلع.

3.. قال ابن الأثير : «الأوتار : هي جمع وِتْر ، بالكسر ، وهي الجناية» . قال المازندراني : «يخاطب بهذا الكلام أمير قوم يدفع العار والضرّ والشين عنهم حين ضعفوا عن مدافعتها ويطلب لهم الجنايات والدماء حين عجزوا عن مطالبتها» . راجع: النهاية، ج۵، ص۱۴۸ وتر؛ شرح المازندراني، ج۷، ص۲۰۱.

4.. عذاب واصب ، أي دائم .

5.. قوله : «فطرت» يحتمل وجهين : الأوّل أن يكون الفاء للعطف والفعل معلوما ، من الطيران . والثاني أن يكون الفعل مجهولاً من الفطرة ، أي خُلقتَ . راجع: شرح المازندراني، ج۷، ص۲۰۱؛ مرآة العقول، ج۵، ص۳۰۰.

6.. «الحباء» : العطاء . يقال : حباه يحبوه ، أي أعطاه . الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۳۰۸ حبا . وفي بعض النسخ : «حيائها» . و«الحَياء» بالفتح : الخصب والمطر .

7.. «المَهْمَز» : مصدر أو اسم مكان من الهَمْز بمعنى النَخْسِ أي الدفع ، والغَمْزِ أي العصر والكبس باليد ، وكلّ شيء دفعته فقد همزته . أو بمعنى الغيبة والطعن والوَقِيعَة في الناس وذكر عيوبهم . راجع : النهاية ، ج ۵ ، ص ۲۷۳ همز .

8.. المَغْمَزُ» : مصدر أو اسم مكان من الغَمزْ بمعنى العصر والكَبس باليد . أو بمعنى الإشارة باليد والعين والحاجب . راجع : النهاية ، ج ۳ ، ص ۳۸۵ ـ ۳۸۶ غمز .

9.. «الهَوادَةُ» : السكون والميل والصلح والمحاباة . راجع : لسان العرب ، ج ۳ ، ص ۴۴۰ هود .

  • نام منبع :
    الکافي ( الأصول ) المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    محمّد حسين الدّرايتي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    اتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14860
صفحه از 868
پرینت  ارسال به