الضَّعِيفُ الذَّلِيلُ عِنْدَكَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ حَتّى تَأْخُذَ لَهُ بِحَقِّهِ، وَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ عِنْدَكَ ضَعِيفٌ ذَلِيلٌ حَتّى تَأْخُذَ مِنْهُ الْحَقَّ، وَ الْقَرِيبُ وَ الْبَعِيدُ عِنْدَكَ فِي ذلِكَ سَوَاءٌ، شَأْنُكَ الْحَقُّ وَ الصِّدْقُ وَ الرِّفْقُ، وَ قَوْلُكَ حُكْمٌ وَ حَتْمٌ، وَ أَمْرُكَ حِلْمٌ وَ حَزْمٌ، وَ رَأْيُكَ عِلْمٌ وَ عَزْمٌ
فِيمَا فَعَلْتَ، وَ قَدْ نَهَجَ السَّبِيلُ، وَ سَهُلَ الْعَسِيرُ، وَ أُطْفِئَتِ النِّيرَانُ، وَ اعْتَدَلَ بِكَ الدِّينُ، وَقَوِيَ بِكَ الاْءِسْلاَمُ، فَظَهَرَ أَمْرُ اللّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، وَ ثَبَتَ بِكَ الاْءِسْلاَمُ وَ الْمُؤمِنُونَ، وَ سَبَقْتَ سَبْقاً بَعِيداً، وَ أَتْعَبْتَ مَنْ بَعْدَكَ تَعَباً شَدِيداً، فَجَلَلْتَ عَنِ الْبُكَاءِ۱، وَ عَظُمَتْ رَزِيَّتُكَ فِي السَّمَاءِ، وَ هَدَّتْ۲ مُصِيبَتُكَ الْأَنَامَ ؛ فَإِنَّا لِلّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، رَضِينَا عَنِ اللّهِ قَضَاهُ، وَ سَلَّمْنَا لِلّهِ أَمْرَهُ، فَوَ اللّهِ لَنْ يُصَابَ الْمُسْلِمُونَ بِمِثْلِكَ أَبَداً.
كُنْتَ لِلْمُؤمِنِينَ كَهْفاً وَ حِصْناً وَ قُنَّةً۳ رَاسِياً، وَ عَلَى الْكَافِرِينَ غِلْظَةً وَ غَيْظاً، فَأَلْحَقَكَ اللّهُ بِنَبِيِّهِ، وَ لاَ أَحْرَمَنَا أَجْرَكَ، وَ لاَ أَضَلَّنَا بَعْدَكَ.
وَ سَكَتَ الْقَوْمُ حَتّى انْقَضى كَلاَمُهُ، وَ بَكى، وَ بَكى أَصْحَابُ رَسُولِ اللّهِ صلىاللهعليهوآله، ثُمَّ طَلَبُوهُ، فَلَمْ يُصَادِفُوهُ.
۱۲۳۷.۵. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ، قَالَ:
كُنْتُ أَنَا وَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ جُذَاعَةَ الْأَزْدِيُّ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليهالسلام، قَالَ: فَقَالَ لَهُ عَامِرٌ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنَّ النَّاسَ يَزْعُمُونَ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤمِنِينَ عليهالسلام دُفِنَ بِالرَّحْبَةِ۴ ؟ قَالَ: «لاَ».
1.. في الوافي، ج۳، ص۷۴۴: «جلالته عن البكاء كناية عن عظم قدره، يعني أنت أجلّ من أن يبكى عليك على قدر عزائك» .
2.. يقال: هدّ البناءَ يَهُدّه هَدّا، أي كسره وضعضعه. وهَدَّتْه المصيبة، أي أوهنتْ رُكنَه. الصحاح، ج ۲، ص ۵۵۵ هدد.
3.. «القُنّة» : الجبل الصغير ، أو الجبل السهل المستوي المنبسط على الأرض ، أو الجبل المنفرد المستطيل إلى السماء . ولا تكون القُنّة إلاّ سوداء . وقُنّة كلّ شيء أعلاه ، مثل القُلّة . لسان العرب ، ج ۱۳ ، ص ۳۴۸ قنن .
4.. رَحْبَةُ المكان ورَحَبَتُهُ : ساحَتُهُ ومُتَّسعه . والرَحبة هذه : محلّة بالكوفة . قال في المرآة ، ج ۵ ، ص ۳۰۵ : «وكأنّ المراد هنا ميدان الكوفة أو ساحة مسجدها» . راجع : القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۱۶۷ رحب .